أنقرة (زمان التركية) – خصّص الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الأيام الثلاثة الأخيرة من حملته للانتخابات المحلية من أجل الدعاية لصالح مرشح حزبه العدالة والتنمية لرئاسة بلدية إسطنبول، بن علي يلدريم.
وقد فسر بعض المراقبين هذه الخطوة بأن أردوغان سعى لتكثيف كل جهوده لإنقاذ مدينة إسطنبول بعدما اقتنع بضرورة عدم إضاعة مزيد من الوقت من أجل الدعاية لصالح مرشح العاصمة أنقرة محمد أوزحسكي.
ويحفل تاريخ السياسة التركية بالكثير من النماذج على تدهور الحزب السياسي الذي يخسر بلديتي أنقرة وإسطنبول وخسارته للانتخابات المحلية التالية، إذ أن تصاعد تيار الإسلام السياسي والمحافظ في السياسة التركية بدأ بفوز حزب الرفاه، الذي انشقّ منه حزب العدالة والتنمية، برئاسة بلديتي أنقرة وإسطنبول خلال الانتخابات المحلية التي أقيمت في عام 1994.
والآن وبعد مرور 25 عاما انتقلت رئاسة بلديتي إسطنبول وأنقرة إلى حزب الشعب الجمهوري المعارض بدعم من حزب الخير.
وفي إزمير التي كان حزب العدالة والتنمية على ثقة بالفوز بها هذه المرة، تلقى وزير الاقتصاد السابق وعضو حزب العدالة والتنمية، نهاد زيبكجي، هزيمة ثقيلة أمام مرشح حزب الشعب الجمهوري، تونش صوير بفارق 20 نقطة.
وفي مدينة أضنة فاز مرشح حزب الشعب الجمهوري، زيدان كارالار، بفارق 10 في المئة.
وفي أنطاليا حيث صوت وزير الخارجية، مولود جاويش أوغلو، فاز أيضا مرشح حزب الشعب الجمهوري، محي الدين بوجاك.
ويبلغ التعداد السكاني للبلديات الكبرى الخمس هذه التي فاز حزب الشعب الجمهوري برئاستها نحو 40 في المئة من إجمالي سكان تركيا، في حين يبلغ نصيبها من الاقتصاد التركي حوالي 80 في المئة.
خطابات أردوغان وشريكه الانتخابي رئيس حزب الحركة القومية، دولت بهجلي، عن كون الانتخابات المحلية بمثابة مسألة بقاء أو زوال لم تلقَ أصداء سوى في أوساط محددة.
وتبين أنه في المدن الشرقية، منح حزب الشعوب الديمقراطي الكردي والناخبون الأكراد، أصواتهم لمرشحي تحالف الشعب الجمهوري وحزب الخير كرد منهم على خطابات أردوغان وبهجلي.
ويمكن القول إن لأصوات حزب الشعوب الديمقراطي تأثيرا على فوز إمام أوغلو برئاسة إسطنبول بفارق ضئيل.
هؤلاء الناخبون لم يصوتوا لمرشحي حزب الشعب الجمهوري لشدة حبهم لهم، لكن موقف أردوغان المتهِم للمعارضة بالإرهاب دفع أنصار حزب الشعوب الكردي المقاطعين للانتخابات إلى التوجه لصناديق الاقتراع.
والخطابات العنيفة التي استخدمها أردوغان مع حزب الحركة القومية لرصّ صفوف ناخبيهم والدفع بهم إلى صناديق الاقتراع، وجهت المعارضة أيضا إلى الصناديق كرد فعل.
لقد اتخذ نصف المجتمع التركي موقفا ضد أردوغان، بسبب المشكلات الاقتصادية، وانفراده بكل الصلاحيات، وتعامله بشكل حاد مع المعارضة، وجعله الإعلام وسيلة ترويجية له، مما أسفر عن نتيجة لم يكن أردوغان يتوقعها.
فحصول تحالف حزب العدالة والتنمية والحركة القومية على 51 في المئة يعكس استمرار تكاتف الشعب ضد أردوغان الذي فاز في الانتخابات الرئاسية بواقع 52 في المئة من أصوات الناخبين.
على الصعيد الآخر فإن خسارة حزب أردوغان البلديات الكبرى، واقتصار فوزه على بلديات المدن والمقاطعات الصغيرة، تشير إلى أن أردوغان لن يستطيع مواصلة الإصلاحات السياسية، التي تعهد بها قبل الانتخابات، خاصة إذا علمنا أنه أعلن أن تركيا لن تشهد انتخابات حتى 2023.