إسطنبول (زمان التركية) – خلال الشهور القليلة الماضية، بذل حزب العدالة والتنمية، الكثير من الجهد من أجل الفوز ببلديات عموم تركيا، وكان الرئيس رجب طيب أردوغان يقود بنفسه الحملات الانتخابية الخاصة بحزبه، وأطلق الوعود هنا وهناك، إلى جانب الخطاب التخويفي الذي لم يخلُ من مؤامرات ومهاترات في حال عدم فوز حزبه بالأغلبية وخاصة بالمدن الكبرى، كما جرت العادة منذ أكثر من عقدين من الزمان.
ووصفت تلك الانتخابات بين السياسيين والمراقبين بـ”الاستفتاء على نظام أردوغان”، فهي أول انتخابات تأتي في عهد النظام الرئاسي الذي سنّه أردوغان، والذي مكنه من الانفراد بالسلطة الحقيقية للبلاد، وما أعقبها من أزمات اقتصادية وفقدان العملة التركية 40% من قيمتها.
وجاءت نتائج الانتخابات المحلية صادمة لحزب العدالة والتنمية، فعلى الرغم من حصوله على 44.32% من الأصوات في عموم تركيا، إلا أن فقدانه لأهم وأكبر المدن تعتبر هزيمة حقيقية للحزب الحاكم ودليلاً على تدهور شعبية أردوغان وحزبه.
وذاق حزب العدالة والتنمية الحاكم الطعم المر للهزيمة الموجعة في خسارته لأكبر 3 مدن تضم أكثر من ربع عدد سكان البلاد البالغ 82 مليون نسمة، وهي العاصمة أنقرة وإزمير، بالإضافة إلى إسطنبول.
وفيما يلي شرح سريع لأهمية تلك المدن وفقاً للخبر الذي نشره موقع “سكاي نيوز عربي”:
أنقرة: وهي عاصمة تركيا ورمز تركيا الحديثة، وأكبر مدينة من حيث عدد السكان بعد إسطنبول بتعداد بلغ 5 ملايين و400 ألف نسمة وتتميز بخليط ديمغرافي متنوع، فهي وجهة أساسية للباحثين عن العمل من المدن الأخرى خاصة في الدوائر الحكومية.
وتمثل خسارة العاصمة بفارق كبير في الأصوات ظهر منذ الساعات الأولي من فرز الأصوات، ضربة كبيرة للحزب الحاكم والرئيس أردوغان، فرمزية المدينة سياسيًا تجعلها الأهم على الإطلاق في كل الاستحقاقات الانتخابية.
إسطنبول: وهي مركز تركيا الثقافي والاقتصادي والمالي، ورمزها الحضاري، وهي الجسر الذي يربط آسيا مع أوروبا وهي الرئة الاقتصادية وأكبر مدينة من حيث عدد السكان، بتعداد يصل إلى أكثر من 15 مليون نسمة.
وفي ديسمبر الماضي أعلن أردوغان عن اختيار رئيس وزرائه الأسبق؛ ورئيس البرلمان التركي؛ بن علي يلدريم، كمرشح للعدالة والتنمية عن بلدية إسطنبول؛ وقاد الرئيس التركي الحملات الانتخابية بنفسه خوفاً من خسارة المدينة الأهم بالنسبة لأردوغان.
ويعتبر خسارة الحزب الحاكم في هذه المدينة، أكبر علامة على تراجعه شعبياً بعدما اعتبرها المعقل الطبيعي له على مدار نحو ربع قرن.
وكانت إسطنبول المحطة الرئيسية التي فتحت الباب لأردوغان للصعود بسرعة الصاروخ بعدما فاز في الانتخابات البلدية عام 1994 وتولى رئاستها حتى 1998، ويعني ذلك أن المدينة “صانعة الحكام” قد تقلب الموازين في الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة.
إزمير: هي المدينة الثالثة الأكثر اكتظاظا بالسكان في تركيا بعد إسطنبول وأنقرة، وهي ميناء التصدير الرئيسي والمدينة الصناعية الثانية بعد إسطنبول، ولقي فيها الحزب الحاكم هزيمة كبيرة لصالح حزب الشعب الجمهوري، وتمتلك المدينة العديد من مناطق الجذب السياحي والترفيهي، إضافة إلى الشواطئ والمراكز الثقافية المختلفة.
وبعد هزيمة الحزب الحاكم في أكبر وأهم المدن بحسب النتائج الأولية، وإدراك أردوغان خسارته في الاستفتاء على حكمه المنفرد، هل ستنتهي فكرة الحزب المنفرد في تركيا لتبدأ مرحلة جديدة بها شركاء حقيقيون أم سنرى لعبة جديدة من أردوغان للإطاحة بمن أذاقوه طعم الهزيمة، كما فعل في انقلاب 2016 المزعوم؟!