دمشق (زمان التركية) – بعد أسابيع من زيارة بشار الأسد إلى طهران، وفي خطوة تعتبر الأولى من نوعها، عقد رؤساء أركان الجيش في كل من سوريا وإيران والعراق، يوم الاثنين، اجتماعًا في العاصمة السورية دمشق.
وخرج الاجتماع بمجموعة من الرسائل والإشارات الموجهة إلى الجهات المتدخّلة في الملف السوري، خاصة روسيا والولايات المتحدة. ولعل أبرز تلك الرسائل هي أن إيران هي من تتحكم في قرار الرئيس السوري بشار الأسد، وأن مشروعها لإقامة طريق بري من طهران إلى بيروت، مرورًا ببغداد ودمشق، ارتقى إلى تحالف عسكري مكشوف، بحسب رأي صحيفة “العرب” اللندنية.
واعتبر وزير الدفاع السوري العماد علي عبد الله أيوب أن “زيارة الوفدين الشقيقين إلى دمشق أكثر من مهمة للجميع، وما تمخض عنها سيساعدنا على الاستمرار في مواجهة التحديات التي أفرزها انتشار الإرهاب التكفيري وتمدده في هذه المنطقة الحيوية من العالم”.
وتعهد أيوب بأن الجيش السوري “سيحرر” مناطق سيطرة المقاتلين الأكراد المدعومين من واشنطن في شمال وشرق البلاد، على غرار مناطق أخرى، عن طريق “المصالحات” أو “القوة” العسكرية.
وقالت صحيفة “العرب” تعليقًا على مبادرة الدول الثلاث: “رغم أن الاجتماع يأخذ طابعا عسكريا أمنيا متعلقا بما بعد داعش، إلا أن خبراء في شؤون الشرق الأوسط يلفتون إلى أن التحرك العسكري الثلاثي يراد منه تفحص ردود فعل دول منخرطة في شؤون المنطقة، لاسيما الولايات المتحدة وروسيا وإسرائيل وتركيا. ويرسل مضمون الاجتماع إشارة إيرانية واضحة ضد روسيا بأن قرار دمشق وبغداد بيد طهران، وأن أي تدخل أجنبي بسوريا بات يستلزم الأخذ بعين الاعتبار استراتيجية الحلف مع العراق ونظام سوريا.”
وكشف القائد العام للحرس الثوري الإيراني اللواء محمد علي جعفري أن بعض القوات الإيرانية أشرفت على تدريب وتنظيم قوات شعبية في كل من سوريا والعراق، وأن عددها يبلغ في البلدين نحو مئتي ألف مقاتل.
ويأتي توقيت الاجتماع العسكري الثلاثي في دمشق بالتزامن مع جولة جديدة يقوم بها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى المنطقة، ويمثل تحديا حقيقيا تطلقه طهران وتشارك فيه كل من بغداد ودمشق.
وقالت الولايات المتحدة من قبل إنها تريد الحد مما تصفه بـ”التأثير الإيراني المزعزع للاستقرار في الشرق الأوسط”، وخاصة في العراق وسوريا.
ونقلت وكالة فارس الإيرانية للأنباء، الأحد، عن رئيس الأركان الإيراني محمد باقري، عقب وصوله إلى دمشق، قوله بأن “القوات الموجودة في هذه البلاد دون التنسيق مع الحكومة السورية ستغادر الأراضي السورية عاجلا أم آجلا”.
واعتبر مراقبون أن تصريحات باقري تستهدف الوجودين الأميركي والتركي داخل سوريا بشكل مباشر، مشيرين إلى أن الاجتماع يؤسس لمقاربة ثلاثية تؤكد العزم على تأمين ممر أمني مشترك يبدأ من إيران مرورا بالعراق وسوريا، وأن استكمال الممر باتجاه لبنان، من خلال ما يملكه حزب الله من هيمنة هناك، سيوفر لطهران تأمين مشروعها الاستراتيجي بالإطلالة العلنية على مياه البحر المتوسط.
وتدعو مصادر دبلوماسية عربية إلى عدم التقليل من شأن التوجهات الإيرانية لتشكيل محور لا يمكن إلا أن يكون مخالفا للإجماع العربي.