أنقرة (زمان التركية) – نشرت صحيفة Efimerida ton Sintakton، أحد أبرز الصحف اليونانية، المقال الأخير للمفكر الإسلامي التركي فتح الله كولن نقلا عن صحيفة لوموند الفرنسية الشهيرة.
وخصصت الصحيفة التي تحظى بمتابعة من الفئات البيروقراطية والأكاديمية والأيدولوجية صفحتين لمقال كولن وقدمته تحت عنوان “الإسلام يتوافق مع الديمقراطية رغم نموذج تركيا الاستبدادية في عهد أردوغان”.
ونشرت الصحيفة المصنفة ضمن أكثر ثلاث صحف مبيعا في اليونان الترجمة الكاملة لمقال كولن، وركزت على حديث كولن عن فشل الديمقراطية التركية لخيانتها القيم الإسلامية وليس لتوافقها مع هذه القيم.
وأبرزت الصحيفة في خبرها أيضا قول كولن إن الإسلام دين وليس طريقة حكم أو أيدولوجية إدارية على عكس ادعاءات أنصار تيار الإسلام السياسي.
وفي الصفحة الثانية من المقال نشرت الصحيفة صورة للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وعلّقت عليها بعبارات كولن قائلة: “ممارسات أردوغان (وحكومته) تستهلك المكانة التي اكتسبتها تركيا على الساحة الدولية وتزج بدولة تركيا في فئة الدول المعادية للحريات والقامعة لمواطنيها لاستخدامهم حقهم الديمقراطي في الانتقاد. ويبدو أن القائمين على البلاد أساؤوا استغلال إمكانات الدولة ومواردها المادية والعلاقات الدبلوماسية الدولية وأعلنوا حالة الاستنفار لعمليات الاعتقال والمطاردة والاختطاف ضد أفراد حركة الخدمة حول العالم”.
وكانت الصحيفة قد نشرت للرأي العام اليوناني أيضا مقال كولن بصحيفة نيويورك تايمز عقب المحاولة الانقلابية الغاشمة التي شهدتها تركيا في الخامس عشر من يوليو/ تموز عام 2016، حيث وصفت الصحيفة كولن بـ”الكاتب والواعظ والمفكر الإسلامي”.
وفي مقاله لصخيفة لوموند الفرنسية أوضح كولن أنه في مطلع الألفية الجديدة لاقت تركيا الثناء كدولة مسلمة اتخذت إجراءات في طريق تحسين ديمقراطيتها، وأن حزب العدالة والتنمية الذي تولى حكم البلاد في عام 2002 اتخذ إجراءات إصلاحية تتوافق مع المعايير الديمقراطية للاتحاد الأوروبي ومضى في طريق تصحيح مسار البلاد فيما يتعلق بحقوق الإنسان.
وأضاف أن هذه الإصلاحات الديمقراطية لم تدم طويلا، وأنه عقب انتخابه للمرة الثالثة في عام 2011 ازداد رئيس الوزراء آنذاك والرئيس الحالي رجب طيب أردوغان استبدادا بمرور الوقت، ولم تعد تركيا دولة يمكن للدول ذات الغالبية الإسلامية الأخرى الاحتذاء بها.
وأكد فتح الله كولن أن البعض قد يعتبرون النموذج السلبي الذي تعكسه تركيا مؤخرا كدليل على عدم التناغم بين الديمقراطية والقيم الإسلامية، غير أن هذا الأمر يعد تشخيصًا خاطئا للواقع، مفيدا أنه على الرغم من أن تركيا الحالية تعطي للناظر إليها من الخارج انطباعًا وكأنها تتمتع بحساسية إسلامية، غير أن إجراءات السلطة الراهنة تتعارض مع القيم الإسلامية والديمقراطية على حد سواء.
وأشار ملهم حركة الخدمة إلى أن القيم الأساسية في الإسلام لا تتعلق باستخدام شعارات دينية محددة أو نمط معين من الملابس، مشدّدًا على أن القيم الإسلامية الأساسية المتعلقة بالإدارة هي احترام سيادة القانون واستقلال القضاء وإمكانية محاسبة الحكام وحماية الحقوق والحريات الأساسية للفرد وغيرها من المبادئ المعروفة.
ولفت كولن إلى أن تراجع تركيا مؤخرا في التجربة الديمقراطية هو نتيجة لخيانتها هذه القيم الإسلامية وليس لالتزامها بها، مشيرا إلى تعطيل الديمقراطية والحقوق الإنسانية حاليا في تركيا.
وقال كولن: “تدل المؤشرات الحالية على أن تركيا أضاعت فرصة تاريخية في تحقيق معايير الاتحاد الأوروبي للديمقراطية بصفتها دولة ذات أغلبية إسلامية”.