أنقرة (زمان التركية)ــ تناول تقرير تحولات الرئيس التركي منذ بداية ظهوره السياسي إلى أن اختار “الشعبوية” نمطا له في سبيل الحفاظ على سلطته.
وجاء في تقرير للصحفية هالة عبدالرحمن، بعنوان “أردوغان في 6 أعوام…من إصلاحي إلى سلطان الشعبوية”:
تحول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من فكره الإصلاحي الذي أتى به حاكمًا، إلى مخترع الشعبوية في القرن الحادي والعشرين، بعدما استطاع إبعاد تركيا عن الاتحاد الأوروبي من أجل التوجه إلى تنظيم “القاعدة” الإرهابي.
وأشارت الأبحاث إلى كيفية تحول أردوغان من رئيس وزراء إصلاحي حذر إلى رئيس متسلط، اعتمد في خطاباته على الشعبوية مثل تلك التي أطلقها الزعيم الفنزويلي الراحل هوجو شافيز.
وبعد عقدين من الزمان، أصبح الرئيس التركي هو عملاق الخطاب الشعبوي في العالم، والشعبوية هي نوع من الخطاب السياسي الذي يستخدم الديماغوجية وإثارة عواطف الجماهير بالحجاج الجماهيري لتحييد القوى العكسية. حيث يعتمد بعض المسؤولين على الشعبوية لكسب تأييد الناس والمجتمعات لما ينفذونه أو يعلنونه من السياسات، وللحفاظ على نسبة جماهيرية معينة تعطيهم مصداقية وشرعية.
وأردوغان أول رئيس تركي اختاره الشعب بطريق الاقتراع المباشر في 2014، وانتخب رئيساً للجمهورية مرة ثانية في انتخابات مبكرة في 24 يونيو 2018 وتسلم سلطاته في 9 يوليو 2018 ليصبح أول رئيس تركي يدشن النظام الرئاسي.
وكان يلعب لصالح نادي قاسم باشا وذلك قبل أن يتم انتخابه عمدةً لبلدية مدينة إسطنبول من قبل حزب الرفاه الإسلامي في عام 1994م. وفي عام 1998م اتهُم أردوغان بالتحريض على الكراهية الدينية وتم ايقافه من منصبه وحكم عليه بالسجن لمدة 10 شهور بسبب اقتباسه أبياتاً من شعر تركي أثناء القائه خطاباً في مدينة سعرد.
وكانت فترة سجن أردوغان التي دامت أربعة أشهر في أواخر التسعينيات من القرن الماضي بمثابة تجربة تكوينية، بلورت شعوره بقوة الكلمة المنطوقة واستياءه حاد تجاه النخب الذين سخروا علانية منه، وسخروا من خلفية الطبقة العاملة الكادحة التي جاء منها وسعوا إلى نفيه من المؤسسة السياسية.
وأصبح الرئيس الأكثر شعبوية في قاعدة البيانات العالمية، التي تتبع مستويات الخطاب الشعبوي في خطب ما يقرب من 140 قائد في أوروبا والأمريكتين.
وبدأ رئيس وزراء تركيا وكأنه ليبرالي، يرسخ لقواعد احترام حقوق الأقليات ، حتى أنه بدأ خطابات شعبوية خلال محادثات السلام مع حزب العمال الكردستاني الكردي في عام 2015.
وأعطى الباحثون “علامة” الشعبوية مثل هذه الخطب وضع أردوغان في نفس نطاق القادة المعاصرين في أوروبا الغربية جاك شيراك في فرنسا وتوني بلير في المملكة المتحدة.
وكانت خطاباته خلال فترة ولايته الأولى في معظمها خالية من الخطاب الشعبوي، وقال عبد اللطيف سينر ، نائب رئيس الوزراء خلال فترة ولاية أردوغان الأولى، إن سنوات أردوغان الأولى في المنصب كانت نوعًا من التلمذة التي ركز فيها على كسب ثقة الأتراك لتوسيع قاعدته.
وكشفت معارك أردوغان الأخيرة عن أنه حرفي سياسي أكثر ثقة في نفسه، لديه مهارة التلاعب بجهاز الدولة، وكانت محاولة أردوغان إدخال تركيا إلى الاتحاد الأوروبي بمثابة غطاء لتفكيك الضوابط الدستورية المفروضة على سلطته، وساعده البرلمان في تحييد الجيش، وإصدار القوانين التي تخضع له للسيطرة المدنية.
وكرست الاستفتاءات في عامي 2007 و 2010 بشأن التغييرات الدستورية، حقوق المرأة والعمال ، وقامت – نظريا – بحفظ حق التمثيل النسبي، ومع ذلك ، عززت التغييرات أيضا قبضة حزب العدالة والتنمية على السلطة، ودخلت في عهد جديد من التيار الديني المحافظ الذي بدا أقل توافقا مع الديمقراطية العلمانية الليبرالية.
وخلال هذه الفترة، تبنى أردوغان موقفاً أكثر عدائية تجاه خصومه في الجيش، الذي بدأ بتصويرهم كقوة فاسدة وشريرة.
وقال في تجمع حاشد في اسطنبول قبل أسبوع من الاستفتاء المثير للجدل في 2010 “أرادوا خنق الإرادة الوطنية وأضر انقلابهم بالأمة.”قالوا إن الناس يعملون من أجل مصلحة الدولة ، وليس العكس. العلاقة الوحيدة التي تربطهم مع المواطن هي كقائد ، وليس خادما”.
وكانت خطابات أردوغان منذ توليه الرئاسة ، لا سيما بعد محاولة الانقلاب في عام 2016 ، هي الأكثر شعبوية على الدوام في حياته المهنية، وصب الكثير من غضبه على الأعداء الذي صورهم في الداخل، وعمل أردوغان على انتقاد خصومه الأجانب، تحت مزاعم خيانة النظام الدولي لتركيا.
وقال أردوغان في اجتماع حاشد في مدينة بورصة في أكتوبر / تشرين الأول 2016: “تحاول أوروبا دائما خداعنا لاستبعاد تركيا من مقعدها على الطاولة، ومع ذلك فإنها تسلمنا مشروع القانون”. وأضاف: “لن نسمح بهذا الوضع المنافق”.
وخلال أزمة الديون في العام الماضي، التي انهارت فيها الليرة التركية ، ألقى أردوغان باللوم على القوى الأجنبية التي اتهمها بالوقوف وراء المضاربة على أسعار العملات والضغط لتغيير سعر الفائدة.
وبطش أردوغان بكل من وقف أمام سياساته، وحالة الطوارئ التي فرضها الرئيس التركي لمدة عامين بعد محاولة الانقلاب عززت سلطته، وفقد أكثر من 160.000 من أعضاء السلطة القضائية والأكاديميين والمعلمين والشرطة وموظفي الخدمة المدنية وظائفهم في حملات التطهير التي تقوم بها الحكومة، كما تم إغلاق وسائل الإعلام الناقدة.
ولقد سجنت تركيا أكبر عدد من الصحفيين أكثر من أي بلد آخر في العالم وتراجعت في تصنيفات منظمة الشفافية الدولية للديمقراطية. وتعني التغييرات الدستورية لأردوغان أنه سيبقى في منصبه حتى عام 2029.
المصدر: شبكة رؤية الإخبارية