القاهرة (زمان التركية)ــ شنت مجلة الأهرام العربي في عددها الجديد هجومًا عنيفًا على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وصدرت المجلة هذا الشهر بغلاف يحمل صورة كاريكاتورية بملامح شريرة لأردوغان مصحوبة بوصف “الشيطان”.
وحمل المقال الرئيسي للمجلة عنوان “تناقضات أردوغانية” كتبه رئيس التحرير جمال الكشكي، جامعا فيه المواقف المتناقضة للرئيس التركي الذي يتحدث على سبيل المثال دوما عن الحرية في حين يغلق الصحف ويعتقل المعارضين، ويزعم دعمه للقضية الفلسطينية بينما العلاقات الاقتصادية مع الكيان الصهيوني على أشدها، كما تطرق إلى دعم أردوغان للإرهاب في العالم.
ومن الهجوم الأخير الذي شنه أردوغان على قمة شرم الشيخ في مصر بدأ جمال الكشكي مقاله قائلا:
فقد توازنه وأصابه الهوس عندما استيقظ من النوم على مشهد تاريخى، لم يتوقع أن تكون هذه اللحظة بهذا القدر العظيم، كل هؤلاء القادة والرؤساء والزعماء فى شرم الشيخ.
هذا الحدث التاريخى النادر، دفع رجب طيب أردوغان إلى أن يكشف عن وجهه الحقيقى وقلبه الأسود، ويعلن حقده وشره تجاه مصر، التى استطاعت أن تستضيف 28 دولة أوروبية، فى حين أنه قدم جميع التنازلات لكى تنضم دولته إلى الاتحاد الأوروبى، لكنه فشل. الضربة موجعة ومؤلمة، خلع جميع ملابسه ولم ينظر إليه أحد. تحالف مع إسرائيل واعترف بالقدس عاصمة لها، ووقع على اتفاق لزيادة التعاون الاستخباراتى والأمنى مع جيش الاحتلال، وأرسل ملحقا تجاريا إلى تل أبيب عقب تنصيبه رئيسا. باع القضية الفلسطينية واحترف تسويق الأكاذيب، واستمر فى مقاومة الاستقرار، وسخر جميع إمكاناته للتخريب والتمزيق ودعم الإرهاب والتنظيمات المسلحة، وله تاريخ طويل من التجسس والتنكيل بمعارضيه.
يكره الوضوح ويعشق التناقضات، يتحدث عن الحرية، ويتلذذ بإغلاق الصحف واعتقال الصحفيين والإعلاميين، حاول أن يصدر للآخرين أنه نموذج أردوغانى فى السياسة والاقتصاد، فأصابه الفشل فى مقتل، وقاده إلى حالة من الهوس، الذى أصابه بانفصام الشخصية، يؤمن بالشىء وعكسه.
عندما حاول تنصيب نفسه وكيلا عن التيارات التى تنسب نفسها للإسلام، حاصرته العواصف من تيارات الاعتدال الوطنية التى رأته مشوها لصورة الإسلام، بل إنها رفعت لافتات “لا لأردوغان”.
تاجر بالليبرالية ففضحته القوى والكتل الحقيقية التى تعتنق هذا المبدأ، أغلقوا الأبواب أمامه، أداروا ظهورهم له، عاد مرة ثانية إلى مربع، وهم الخلافة العثمانية، وضع كل خيوط اللعبة السياسية التركية فى يديه، فالتفت حبال المعارضين والغاضبين والكارهين حول رقبته. يقدم نفسه إلى المجتمع الدولى شريكا فى مكافحة الإرهاب، ويبذل قصارى جهده فى استخدام الإرهاب لتحقيق أهدافه الظلامية، فتح الأبواب لعناصر وقيادات تنظيم داعش، شاركهم فى رسم خريطة الإرهاب فى المنطقة، وفر لهم جميع الإمكانات التى تخدم مخططاتهم، وأسس لهم غرف عمليات متعددة داخل أماكن سرية فى أنقرة، مهمتها التواصل مع أقطابهم فى العواصم العربية المستهدفة.
عندما سقط حكم جماعة الإخوان الإرهابية، لم يتوقع هذا المغرور أن فرصته فى المشهد الإقليمى ستتلاشى تدريجيا، استكمل السير نحو إمبراطورية الوهم العثمانى، وظن أنه سيصل إلى نقطة نور، بينما فوجئ بأن تجربة الإخوان فى الحكم جاءت قاطعة تحذر العالم من الاقتراب منهم ومن أنصارهم. تجاوزته أمواج السياسة فى الإقليم وفى العالم، فصارت ضربات قلبه سريعة، بشكل ينبئ بارتباك أطراف معادلته السياسية غير المحسوبة.
جعل من أنقرة منصة للهاربين والإرهابيين لتصفية الحسابات مع العواصم التى نجحت فى استعادة قوتها، وفى مقدمتها القاهرة، وجند كل رجاله لبث الأكاذيب والمغالطات، انتقاما للجماعة الإرهابية، ودعما لما تبقى منها.
امتهن الخداع والمراوغة والمناورة، على طاولات القوى الدولية، يجلس موقعا على كلام، ويخرج ليمارس عكسه تماما، فى دول الأزمات العربية هو قاسم مشترك فى صناعة التأزم والتمزق وعدم الاستقرار.
تنوعت آليات دعمه للجماعات والتنظيمات الإرهابية، ما بين التمويل المادى والدعم الإعلامى، والوساطة وتوفير ملاذ آمن لبعض عائلات الإرهابيين، فضلا عن توفير معابر آمنة للانتقال، ومقرات تمثيلية، هذا بالإضافة إلى أن حكومته جعلت من الأرض التركية نقطة لتنظيم الإرهابيين، وإعادة توزيعهم وانطلاقهم لارتكاب العنف وتصديره إلى المناطق المستقرة الآمنة. وحسب معلومات موثقة، فإن الأيام المقبلة ستكشف عن تقارير ووثائق دولية عن شخصيات تركية ومؤسسات خيرية كانت ولا تزال فاعلة فى دعم وتمويل الإرهاب، فضلا عن وثائق أخرى أكثر خطورة، ستكشف عن أدوار غير معلنة تقوم بها مؤسسات تركية بإشراف أردوغان نفسه.