تقرير: محمد عبيد الله
لندن (زمان التركية) – أكد الكاتب الصحفي التركي المتخصص في العلوم السياسية جنكيز أكتار أن كل الأحزاب السياسية في تركيا، وعلى رأسها حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، فقدت “دور المعارضة” وباتت “أدوات” تشرعن نظام الرئيس رجب طيب أردوغان، إلا أنه استثنى من ذلك حزب الشعوب الديمقراطي الكردي.
وزعم أكتار أن الفوضى والسخافة اللتين تسيطران على الحزب الجمهوري بلغت مستويات غير مسبوقة وسط هيمنة حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان على كل شيء، بعد أن كان له في السابق سياسات أصيلة تمكّنه من اتخاذ مواقف مناهضة لحزب العدالة والتنمية في قضايا عديدة رغم كل شيء، بما فيها اعتقالات الضباط في إطار تحقيقات “أرجنكون” -الدولة العميقة- وخطة المطرقة الانقلابية، واحتجاجات “غيزي”، وفضائح الفساد والرشوة الطافحة إلى السطح في 17/25 ديسمبر 2013.
وقال الكاتب المخضرم في مقال نشره موقع “أحوال تركية”حمل عنوان “كيف بات الشعب الجمهوري حزبًا يشرعن نظام أردوغان؟”: “بات من غير الممكن أن يمارس الحزب الجمهوري سياسةً تخاطب وتحتضن كل تركيا. بل لم يبق أصلا في الحزب كوادر قادرة على انتهاج هذا النوع من السياسة، وليس لديه أساسًا نية من هذا القبيل.”
وادعى أكتار أنه بالتزامن مع الانتخابات التشريعية 7 يونيو/ حزيران 2015 تطوّرت الشفرات الجينية للحزب الجمهوري لتتحوّل من حزب مؤسس للجمهورية التركية إلى حزب احتياطي لنظام أردوغان، ثم فصل الأمر قائلاً: “لقد شكّلت عملية إنقاذ الدولة التي نفّذها عبْدها الصادق زعيم الحزب الجمهوري السابق دنيز بايكال بعد الانتخابات العامة في 2015، منعطفًا تاريخيًّا في التحول النهائي للحزب؛ إذ عقد بايكال اتفاقية مع أردوغان لا تزال محتوياتها سرًّا، وأنقذه من المأزق الذي واجهه بعد أن فقد حزبه قدرته على تشكيل حكومة منفردة بسبب نجاح حزب الشعوب الديمقراطي الكردي في الفوز بـ80 مقعدًا في البرلمان”.
ودافع أكتار أن الحزب الجمهوري بعد ذلك التاريخ انتقل من مرحلة الخدمة والعبودية للدولة إلى مرحلة الخدمة والعبودية لنظام أردوغان بموجب مبادرةٍ أطلق عليها اسم “حرمان الأكراد من الدولة” أو “حظر الدولة على الأكراد”.
كما شدّد أكتار على أن الحزب الجمهوري لعب دورًا تاريخيًّا في رفع الحصانة البرلمانية عن النواب الأكراد وفتح المجال أمام اعتقالهم، بما فيهم زعيم الحزب صلاح الدين دميرتاش، والمجازر الجماعية التي ارتكبت ضد الأكراد بحجة مكافحة الإرهاب في الفترة بين يونيو – نوفمبر 2015، وذلك لضمان نجاحه في انتخابات نوفمبر 2015، وإعادة الحكومة المنفردة لحزب أردوغان، على حد تعبيره.
ولفت الكاتب المتخصص في العلوم السياسية إلى أن زعيم الحزب الجمهوري الجديد كمال كليجدار أوغلو انطلى عليه خديعة ما سماه أردوغان الجبهة الوطنية” التي شكّلها بدعوى التحالف ضد الانقلابيين في 2016، وبات يركض في المسار الذي شقّه سلفه بايكال.
وأضاف أكتار قائلاً: “لا جديد عند الحزب الجمهوري، فهو يواصل سياساته التعليمية والثقافية والأيديولوجية التقليدية القائمة على مفهومٍ قديم وعفن للعلمانية مجرد عن العمق. إنه حزب محافظ وقومي للغاية ومناهض للعيش مع غير المسلمين تحت دستور ديمقراطي واحد كالأحزاب الأخرى”.
ونوّه بأن الحزب الجمهوري لا يمكنه أن يرفع عقيرته للاعتراض على ما يحدث في المحافظات الكردية من مجازر، وما يتعرض له حزب الشعوب الديمقراطي الكردي من ظلم، وما تواجهه كردستان سوريا من احتلال وتهديد، بل على النقيض من ذلك فإنه يوافق على هذه السياسات من خلال التصويت في البرلمان لصالح مذكرات تفويض الجيش بتنفيذ عمليات عابرة للحدود، وفقًا لقوله.
وأشار إلى أن الحزب الجمهوري مع أنه يبذل جهودًا جبارة للتقرب إلى الحزب الحاكم وقاعدته الشعبية، إلا أنها لن تجدي نفعًا، فإن الأخير لن يترك له أي بلدية، وإنما سيكتفي بمنحه عددًا محدودًا من بلديات المحافظات الكبرى مثل إزمير لإرضائه وامتصاص غضبه، بحسب ادعائه.
واختتم الكاتب الصحفي التركي المتخصص في العلوم السياسية جنكيز أكتار مقاله بالقول: “أعتقد أن أفضل عاقبة يمكن أن تحلّ على الحزب الجمهوري، أكبر عائق أمام السياسة التركية، أن يتخلى عنه ناخبوه في هذه الانتخابات البلدية، ويدفنوه في صناديق الاقتراع دون عودة. وأقول للذين يزعمون أن مثل هذه النتيجة تصبّ في صالح نظام أردوغان: إذا استثنينا حزب الشعوب الديمقراطي الكردي، فإن هناك أحزابًا وساسة يغسلون دماغ الناخبين زاعمين أنه مضى زمن كثير على حكم أردوغان في البلاد، ولا بد أنه سيخسر هذه المرة.. فمثل هذه المزاعم ليست إلا مبادرة لإضفاء الشرعية على هذا النظام وإطالة عمره عمدًا أو غباءً. ليس لدي أدنى شكّ في أن الحزب الجمهوري سيتعرض لهذا المصير عاجلاً أو آجلاً، وربما يشكّل تاريخ تحقُّق ذلك ميلادًا لبدء مرحلة إنقاذ وتحرير بلادنا في المستقبل البعيد.”