كما أنها تشكل فضاء للإبداع والتفكير السليم وطرح مجمل الأفكار التي تساعد على بناء الشخصية والقيم الصحيحة التي تمكّن المتعلم من رسم خارطة طريق لمستقبله وحتى لغيره، وكل هذا مرتبط بمدى حضور التفكير النقدي لدى المتعلّم، ومدى استيعابه لكافة الأدوات والوسائل التي تجعله قادرًا على طرح أفكاره وآرائه بطريقة سليمة وكيفية صحيحة . فما هي المدرسة؟ ماهو التفكير النقدي؟ ما هي العلاقة بين المدرسة والتفكير النقدي ؟ وماهي أهداف التفكير النقدي؟
إن التفكير النقدي داخل فضاء المدرسة هو ضرورة ملحة أجل الإرتقاء بالفكر السليم لدى المتعلّم
فالمدرسة هو محيط يرتبط بنظام اجتماعي يقوم بمجموعة من الوظائف مثل وظيفة الإدماج ، وهذا النظام التعليمي يضم مجموعة من الأشخاص يتميزون بالمعرفة، وهدفهم إخراج جيل جديد على كفاءة عالية، والعمل على استمرارية هذا النظام.
تعريف التفكير النقدي
إن مصطلح “التفكير النقدي” مفتوح لتفسيرات مختلفة، لكن ذلك لا يمنعنا من تقديم بعض التعاريف البسيطة فالأمر أكثر من مجرد التفكير بوضوح أو عقلانية. إنها التفكير بشكل مستقل وحر، كما أن التفكير النقدي في شيء ما يعني صياغةُ آرائك الخاصة واستخلاص استنتاجاتك الخاصة، وهذا يحدث هذا بغض النظر عن المؤثرات الخارجية التي قد تؤثر في أفكارك ووجهات نظرك إنها تتعلق بنظام التحليل ورؤية الروابط بين الأفكار ومع ذلك فالتفكير النقدي فهو ينفتح أيضًا على وجهات النظر والآراء الأخرى من أجل استخلاص أفكار تكون ذات قيمة تفيد المتعلّم.
المفكر النقدي المثالي هو ذلك المتعلّم الفضولي الذي يمتلك الرغبة والشغف لاستيعاب مجمل الأفكار والتقنيات المقدمة له
والتفكير النقدي يشمل المنطق والإبداع. وقد يتضمن استقراء الأفكار وتحليلها وحل المشكلات بالإضافة إلى مقاربات مبتكرة ومعقدة لحل القضايا والتحديات. كما أن هناك من يفضل اسمًا آخر للتفكير النقدي وهو التفكير التقويمي حيث يمكن أن تتراوح نتيجة التقييم من الإيجابية إلى السلبية، من القبول إلى الرفض أو أي شيء بينهما.
نحن نفهم إذن أن التفكير النقدي هو حكم ذاتي هادف، مما يؤدي إلى التفسير والتحليل والتقييم والاستدلال، بالإضافة إلى تفسير الاعتبارات الباطنية أو المفاهيمية أو المنهجية أو المعيارية أو السياقية التي يستند إليها هذا الحكم، وبما أن هذا يشمل جميع أنواع التفكير المنطقي تقريبًا، فإن التفكير النقدي هو مسألة ضرورية كأداة للتحقيق وهو قوة تحرير في التعليم ومورد قوي في الحياة الشخصية والمدنية. بالرغم من أنه ليس مرادفًا للتفكير الجيد، فإن التفكير النقدي هو ظاهرة بشرية منتشرة .
علاقة المدرسة بالتفكير النقدي
إن المدرسة هي ذلك الوعاء الذي يستوعب التفكير النقدي كمادة أساسية فيه، وضرورية من أجل استمراريته وقدرته على المزيد من البذل والعطاء لأن أحد الأهداف الهامة للتعليم هو إنتاج متعلمين على دراية جيدة؛ أي أن المتعلمين يجب أن يفهموا أفكارًا مهمة ومفيدة وجميلة وقوية. شيء آخر هو إنشاء المتعلمين الذين لديهم رغبة أكيدة للتفكير التحليلي والنقدي،أو استخدام ما يعرفونه لتعزيز حياتهم الخاصة وأيضا للمساهمة في مجتمعهم وثقافتهم وحضارتهم.
كما أن تدريس مهارات التفكير النقدي لا يحتاج للكثير من التخطيط أو مجهودات كبيرة لتلقينه للمتعلّم، أو حتى وسائل كثيرة لتلقيه، وإنما كل ما نحتاجه هو عقول فضولية مستعدة وقادرة على استيعاب مختلف القدرات والمواد التي تساهم في إنتاج مفكر نقدي.
شروط التفكير النقدي داخل المدرسة
المفكر النقدي المثالي هو ذلك المتعلّم الفضولي الذي يمتلك الرغبة والشغف لاستيعاب مجمل الأفكار والتقنيات المقدمة له، ويثق في العقل والمنفتح والمرن والصادق الحريص على إصدار الأحكام البناءة، والذي على استعداد لإعادة النظر في رأيه أو فكرته عندما يستوعب خطأ فكرته أو رأيه، وأن يكون واضحًا حول القضايا، منظم في أعقد المسائل، المجتهد في البحث عن معلومات ذات صلة بالموضوع المطروح، المتواصل الفعال مع الآخرين من خلال تحديد الحلول، والثابت في البحث حتى يصل إلى نتائج دقيقة ليتوصل إلى استنتاجات وحلول مبررة. وبالتالي ، فإن تعليم مفكرين نقديين جيدين يعني العمل نحو هذا المثال. فهو يجمع بين تطوير المهارات ورعاية تلك التصرفات التي تسفر باستمرار عن رؤى مفيدة والتي هي أساس لمجتمع عقلاني وديمقراطي.
أهداف التفكير العقلاني
يمكن أن نجمل أهداف االفكر النقدي في بعض الأمور الآتية :
- تعزيز التفكير المستقل .
- الاستقلالية الذاتية والحكم المنطقي في الفكر والعمل .
- إنتاج متعلمين على دراية جيدة ؛ أي أن المتعلمين يجب أن يفهموا أفكارًا مهمة ومفيدة وجميلة وقوية.
- إنشاء المتعلمين الذين لديهم قدرة التفكير والتحليل النقدي، لاستخدام ما يعرفونه في خدمة حياتهم الشخصية وكذلك خدمة وطنهم، بما يساهم في الرقي بالأفكار.
إن التفكير النقدي داخل فضاء المدرسة هو ضرورة ملحة فرضتها هذه الظرفية التي تسير وفق نمط متسارع ومتطوّر من أجل الإرتقاء بالفكر السليم لدى المتعلّم ، وكذا تنمية قدراته العلمية والتعلمية بما ينسجم وروح التعاون بين مختلف الأفراد والجماعات ؛ أي خدمة للصالح العام والخاص، وجعل هذا المتعلّم عنصرًا منتجًا مبدعًا خلاقًا لا مقلدًا وجامدًا.
بقلم : رضى العموري
المصدر: مجلة حراء