تقرير: ياوز أجار
أنقرة (زمان التركية) – بالرغم من أن فترة الدعاية والتجمعات والحملات الإعلامية المكتوبة والمرئية من أجل الانتخابات البلدية تبدأ رسميا في 21 مارس المقبل، إلا أن الرئيس التركي ورئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم رجب طيب أردوغان يرى نفسه فوق القانون ويواصل عدم الالتزام بالمحظورات الانتخابية.
في الوقت الذي لا يُسمح لأحزاب المعارضة بأي نوع من الدعاية، يستمر أردوغان في عقد لقاءات جماهيرية في المدن والبلدات بحجة المشاركة في افتتاحات جماعية، ويظهر كل يوم على الشاشات ويوجه منها لخصومه ومنافسيه كل أنواع الاتهامات والافتراءات بل والتهديدات من دون أدنى رعاية للقوانين والقواعد والأعراف السياسية.
ويرى مراقبون، بينهم الكاتب والمحلل السياسي التركي ذو الفقار دوغان، أن سبب نزول أردوغان إلى الساحات وظهوره على الشاشات، ورفع سقف اتهاماته للمعارضين، بالمخالفة للقانون، يعود إلى المشهد السلبي لنسبة أصوات حزبه حتى في استطلاعات الرأي الذي تجريه مؤسسات الاستطلاع الموالية له.
ويزعم أردوغان أن أحزاب “الشعب الجمهوري” و”الخير” و”السعادة” أسست تحالفًا سريًّا مع حزب الشعوب الديمقراطي، واصفًا إياه بـ”تحالف الخيانة” لارتباط الأخير مع حزب العمال الكردستاني “الإرهابي”.
بل أطلق أردوغان لسانه واستمر في اتهاماته زاعمًا أن ما سماه منظمة فتح الله غولن.. وحزب العمال الكردستاني شكّلا تحالفًا انتخابيًّا، لأنهما علقا آمالهما على فوز تلك الأحزاب المعارضة في الانتخابات البلدية.
يسوق أردوغان كل هذه الاتهامات والافتراءات من دون هوادة، لأنه لن يخرج أحد ليتساءل: ألستَ أنت الذي اتهمت حركة الخدمة بعرقلة “مفاوضات السلام” التي أجريتَها مع زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان الإرهابي؟! مع أن حركة الخدمة ساندت تلك المفاوضات مع تأكيدها على ضرورة الحفاظ على وقار الدولة، ومطالبتها في الوقت ذاته بالاعتراف بحقوق المواطنين الأكراد.
إلا أنه نحّى الأكراد جانبًا وبدأ يجري مفاوضات مع حزب العمال الكردستاني من أجل تحقيق مصالح سياسية، ولما تعارضت مصالحه مع تلك الخطوة، بعد توجّه الأكراد من حزبه إلى حزب الشعوب الديمقراطي الكردي، أطاح بطاولة المفاوضات، وأعلن حربًا على العمال الكردستاني، لكنه هذه المرة دمر المناطق السكنية وقتل الآلاف من الأكراد بحجة مكافحة الإرهاب. واليوم يتهم حركة الخدمة بالتحالف مع العمال الكردستاني بعد أن كان يتهمها أمس بمعاداته.. من وكيف يمكنه الوثوق فيما يقول مثل هذا الإنسان الذي يغيّر أصدقائه وأعدائه بين ليلة وضحاها يا ترى.
وليس عبثًا أن ترفض زعيمة حزب الخير ميرال أكشينار اتهامات التحالف مع حزب العمال الكردستاني من خلال تذكيرها أردوغان بقوله في وقت سابق: “أنا من أمرت بإطلاق مفاوضات السلام الكردي مع قياديي العمال الكردستاني!”.
كما أفادت أكشينار أنه ليس من الصائب أن يبادر أردوغان إلى تصنيف 6 ملايين شخص منحوا أصواتهم لحزب الشعوب الديمقراطي “الكردي” على أنهم عناصر إرهابية تنتمي لتنظيم العمال الكردستاني “الانفصالي”.
ومع أن البعض يزعم أن الخوف المتزايد يومًا بعد يوم من خسارة البلديات، وعلى وجه الخصوص بلديات المحافظات الكبرى، يدفع أردوغان إلى أن يتصرف وكأنه المرشح الوحيد من حزب العدالة والتنمية لكل البلديات في تركيا، إلا أنني أعتقد أن السبب الحقيقي هو أن لغة التهديد والكراهية أصبحت أمرًا فطريًّا أو طبيعيًّا لدى أردوغان، حيث إنه تعلم على مدى الفترة الماضية البقاء في السلطة بأساليب قمعية يبررها دومًا بوجود “تهديد” أو “عدو” وإن خسرت تركيا بكل أطيافها بسبب تلك اللغة.