برلين (زمان التركية)ــ رأى تقرير لمجلة (ذا ناشونال إنترست) الأميركية، أن قرار الانسحاب الأميركي من سوريا يمنح تركيا فرصة زيادة نفوذها بالشرق الأوسط على حساب إيران، بل قد يحي ذلك تنافسًا تاريخيًا بين تركيا وإيران.
وبحسب التقرير “بالنسبة للعديد من مراقبي الشرق الأوسط، تُركت الساحة مرة أخرى لمتنافسين تاريخيين”، حسب ما كتب يوسف إريم، المحلل العسكري والمعلق السياسي التركي، وتانيا غودزوسيان، رئيسة التحرير السابقة لموقع قناة الجزيرة الإلكتروني باللغة الإنجليزية، في تحليل لمجلة ذا ناشونال إنترست يوم الأحد.ترجمه موقع (أحوال) التركي.
وجاء في التحليل “إذا كانت الإمبراطوريتان العثمانية والصفوية تتنافسان في الماضي على الهيمنة على المنطقة، فقد تتنافس أنقرة وطهران اليوم”.
ثمة اهتمام متجدد في الآونة الأخيرة بدور تركي أكبر، لا سيما من المجتمعات السنية المهمشة في العراق، وفقاً لما ذكره إريم وغودزوسيان. يتراجع النفوذ الأميركي في المنطقة، لا سيما مع انسحاب الولايات المتحدة الوشيك من سوريا، قد يحث العراق واشنطن قريباً على سحب قواتها من ذلك البلد، مما يترك المجال مفتوحاً أكثر أمام تركيا وإيران.
وقد أظهر استطلاع رأي أجرته شركة الأبحاث العراقية ألوستاكيلا في الآونة الأخيرة انخفاضاً حاداً في تأييد إيران في صفوف الشيعة العراقيين. ففي عام 2015، أيد 88 في المئة من الشيعة العراقيين إيران. لكن في عام 2018 كانت نسبة التأييد 47 في المئة. ويرجع ذلك في الأساس إلى أن الحكومة العراقية، التي تسيطر عليها الأحزاب الشيعية المدعومة من إيران، فشلت في تحسين مستويات المعيشة، وفقاً لغودزوسيان وإريم.
لكن تقارير أخرى تشير إلى أن نفوذ إيران في العراق قد زاد وأن طهران أصبحت الآن راسخة بقوة. تحدث أحد المحللين الشهر الماضي عن “إيران في العراق”. وفي كلتا الحالتين، يبدو أن إيران قد هزمت الولايات المتحدة في معركة النفوذ في العراق. السؤال المطروح الآن ما هو التالي.
حثت الأقليات السنية تركيا على المساعدة في التخفيف من نفوذ إيران، في حين يبدو أن الأحزاب السياسية العراقية الأكثر نفوذاً مستعدة لتحمل النفوذ الإيراني كبديل للهيمنة الأميركية، بحسب غودزوسيان وإريم. حتى أتباع رجل الدين الشيعي العراقي البارز مقتدى الصدر ليسوا على عداء مع طهران كما يُفترض. ومع ذلك، ثمة خوف في وسط العراقيين من أن هذا النفوذ الحميد قد يؤدي إلى تدخل في المستقبل.
وكتبت غودزوسيان وإريم: “في هذه الفوضى، تركيا في وضع جيد يمكنها من تقديم دور مفيد من خلال استبدال الولايات المتحدة المعادية بجارة أقل عدوانية، وفقاً لمصادر رفيعة المستوى في أنقرة، فإن جزءاً من الاتفاق الأميركي التركي بشأن سوريا يتضمن تفاهماً بأن تركيا ستحاول تهدئة أجندة طهران التوسعية في المنطقة. ومع ذلك، يمكن أن تحقق استراتيجية تركية للتعاون الدبلوماسي البعيد عن المواجهة والتجارة المفيدة أكثر من ذلك بكثير”.
ووافق على ذلك السفير التركي السابق لدى العراق وإيران، سليم كارا عثمان أوغلو. وقال “على صانعي السياسة الأتراك أن يستخدموا القوة الناعمة لتركيا، بدءاً من العراق … في بغداد، يقبلون ويعتقدون أن تركيا مخلصة في نشر السيادة والوحدة السياسية للعراق”.
إن التعاون الوثيق في عملية أستانا بشأن سوريا وحصول تركيا على استثناء لشراء النفط الخاضع للعقوبات من إيران يعطي أنقرة نفوذاً لدى طهران، بحسب غودزوسيان وإريم، مما يجعل تركيا في وضع أفضل من الولايات المتحدة لتعزيز نفوذها من خلال الحوار والتجارة.
ومع ذلك، فإن هذا قد يأتي بنتائج عكسية إذا اختارت تركيا لعب دور أكثر عدوانية في العراق. وأوضح سياسي عراقي أن “إيران لن تجلس في هدوء أبداً إذا قررت تركيا أن تلعب دوراً كبيراً في العراق”.
يمكن لتركيا أيضاً التنافس على التجارة والاستثمار. تتمتع أنقرة بحضور كبير في صناعة البناء في العراق ويمكنها أن تشهد زيادة في الطلب على الإنشاءات الجديدة في المدن التي دمرها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
ويمثل سوق الدفاع مجالاً آخر للفرص. إن موقع تركيا الجغرافي والثقل الدبلوماسي والمركز التجاري المتنامي يمثل وضعاً مثالياً لتعزيز حسن النية وتعزيز العلاقات مع بغداد.
وكتبت غودزوسيان وإريم “من الأهمية بمكان، أنها يمكن أن تفعل ذلك من خلال المنافسة والتعاون، دون قعقعة الخلافات والتهديدات، وبطريقة تؤدي إلى مزيد من الاستقرار والأمن لصالح تركيا والعراق وربما كنموذج لفرص أخرى في المستقبل”.