أنقرة (زمان التركية) –قال المفكر الإسلامي التركي المقيم في الولايات المتحدة فتح الله كولن، إن قادة حزب العدالة والتنمية كانوا يتبارون في السابق لنيل رضا حركة الخدمة بينما يعملون على تشويهها حاليًا، وذلك بعد أن باتوا بحاجة إلى “كبش فداء” للسيطرة على الدولة حسب تعبيره.
جاء ذلك في لقاء صحفي أجراه رئيس تحرير وكالة أنباء رجنوم (Regnum) الروسية، موديست كارلوف، مع كولن.
وخلال المقابلة المكتوبة التي تمت على هيئة سؤال وجواب قدم كولن الأجوبة التالية:
سؤال: أنت دائما على أجندة لقاءات الوفود بين تركيا وأمريكا، فالحكومة التركية تطالب بتسليمك. هل تتخوف من أن تسلمك واشنطن إلى أنقرة؟ وهل فكرت في بلد بديل؟ وما سبب إصرار الحكومة التركية على هذا الأمر؟
كولن: لا أتخوف من مسألة طلب التسليم إلى تركيا من جانبها الناظر إلى شخصي. أنا أعيش آخر أيام حياتي، سأموت هنا أو في تركيا أو في مكان آخر. لا أفكر في شيء سوى الفوز بالآخرة ورضا الله. أنا هنا منذ عشرين عاما ولا أفكر في الانتقال إلى مكان آخر. حتى نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2013 كان مسؤولو الحزب الحاكم في تركيا يتسابقون في إعلان الحب والاحترام والتقدير لحركة الخدمة، لكن بحلول عام 2014 تغيير الأمر كليا وبدأوا يسعون لتشويه سمعتها من خلال استخدام لغة الكراهية وتدميرها باستغلال أجهزة الدولة. حكومة أردوغان كانت بحاجة لكبش فداء كي تتمكن من وضع كل قوى الدولة في قبضة شخص واحد، فاختاروا حركة الخدمة لتحقيق هذا.
سؤال: يتهمون حركة الخدمة باغتيال السفير الروسي لدى تركيا وإسقاط المقاتلة الروسية، التي تعد من العوامل المهمة في تدهور العلاقات التركية الروسية، فما هو ردك على هذه الادعاءات؟
كولن: أرفض الاتهامين قطعيا، فهذه افتراءات دنيئة لا تستحق الإجابة عليها. ألعن وأدين مجددًا هذه المذبحة مثلما قلت سابقا. مِنَ المضحك محاولة حكومة أردوغان تحميل حركة الخدمة المسؤولية. يحاولون تحميل الآخرين المسؤولية عوضا عن دراسة نقاط الضعف في أجهزتهم الأمنية وتحمل المسؤولية فيما حدث.
خلال اللقاء الذي أجريته مع الأكاديمي الروسي البروفيسور نومكين أكدت أن هذا الأمر خطأ كبير، وأن العلاقات التركية الروسية مهمة ولابد من حمايتها. عندما وقعت حادثة إسقاط الطائرة الروسية أعلن رئيس الوزراء آنذاك أنه من أصدر التعليمات بإسقاطها، وحينها صرح الرئيس أردوغان أنهم سيتخذون الإجراء عينه في حال اختراق المجال الجوي لتركيا مجددا. وعندما اتخذت روسيا موقفا صارمًا في هذا الصدد فيما بعد حاولوا إلقاء التهمة على حركة الخدمة التي اختاروها كبش فداء مرة أخرى وكأنه لم يصرح بهذه التصريحات.
الجيش التركي جيش معروف عالميا بانضباطه، وهناك بروتوكولات وسلسلة قيادات في موضوع مهم مثل الاشتباك مع مقاتلة خاصة بدولة أخرى. ولا أعتقد أنه تم تجاوز هذا الانضباط في تلك الليلة. وعلى ضوء هذا لا أعتقد أنه يوجد شخص عاقل اقتنع بهذه الادعاءات في العالم.
وفي تعليق منه على سياسة حكومة العدالة والتنمية بشأن سوريا، أوضح كولن أنه قدم نصائح لمسؤولي حزب العدالة والتنمية قبل اندلاع الحرب الأهلية في سوريا قائلا:
“كنت أكدت مرارًا في ذلك الوقت على ضرورة دعم سوريا لتنتقل إلى الحقبة الديمقراطية بإرادتها الحرة وبصورة تدريجية. اقترحت على مسؤولي الحكومة التركية السماح للأسد بالبقاء في السلطة لفترة أو فترتين تفاديًا للفوضى وحفاظًا على مؤسسات الدولة، ومساندته سياسيا واقتصاديا حتى يحقق تحديث سوريا بكل أجهزتها ودمقرطتها، كما كان في بداية علاقاتهم معه. لكن للأسف الشديد لم يلتفت أردوغان والمسؤولون الآخرون في تلك الفترة إلى هذه المقترحات. وإن صح التعبير فهم قالوا: إن عقل هذا الرجل لا يستوعب هذه الأمور! فهل نأخذ رأي إمام جامع في هذا الصدد؟! لكن اليوم -كما يرى الجميع- بات الأمر أكثر تعقيدا ومستعصيا على الحل. روسيا لعبت دورا إيجابيًّا في بعض الأمور. لكن بعد اليوم يجب على كل من أمريكا وروسيا أن تتوصلا إلى اتفاق للانتقال إلى سوريا التي تشترك في إدارتها كل القوى الداخلية الشرعية وتحتضن جميع طوائف شعوبها دون التسبب في سقوط مزيد من الضحايا”.
يذكر أن أردوغان أعلن حركة الخدمة تنظيمًا إرهابيًّا وذلك بعدما انطلقت تحقيقات الفساد والرشوة في عام 2013، واتهمتها بالوقوف وراء هذه التحقيقات التي وصفها بـ”محاولة انقلابية” للإطاحة بحكومته. ومع أنه فشل في إقناع الشارع التركي والمجتمع الدولي بهذه التهمة إلا أنه استطاع أن يعيد تصميم أجهزة الأمن والقضاء بحجة مكافحة هذه الحركة. وكانت المؤسسة العسكرية ظلت خارج هذه العملية حتى محاولة الانقلاب العسكري في 2016، حيث اتهم أردوغان حركة الخدمة أيضًا بالوقوف وراءها، وشرع في إعادة تصميم الجيش أيضًا بالحجة ذاتها.
لكن كولن رفض كل هذه الاتهامات جملة وتفصيلا وتحدى أردوغان داعيًا إياه إلى إطلاق تحقيق دولي في مزاعمه الخاصة بالانقلابين المزعومين، معلنًا استعداده للإعدام في حال إثبات أي من التهم الموجهة إليه، إلا أن أردوغان لم يستجب لهذه الدعوة حتى اللحظة. وأثبتت الأدلة والوثائق التي تكشفت منذ اليوم الأول من الانقلاب حتى اليوم أن أردوغان دبر مع حلفائه هذه المحاولة من أجل الاستفادة من نتائجها وتحقيق مشاريعها في الداخل والمنطقة، وآخر هذه الوثائق هي مذكرة الاتهام الخاصة التي أعدت قبل أن تقع أحداث الانقلاب المزعوم.