يقوم الهيكل العظمي بحماية أجهزة جسم الإنسان، فالجمجمة المكونة من 22 عظمة تحمي جهاز التحكم بالإنسان، وتحمي المخ كما تحمي سلسلة العمود الفقري الحبل الشوكي المسئول عن نقل الإشارات من المخ إلى باقي أجزاء الجسم، و يحمي القفص الصدري القلب والرئة والمرارة وجزء من الكبد والطحال، كما يحمي الحوض المثانة والرحم و المبيض في الإناث.
يساعدنا الهيكل العظمي على الحركة وذلك بفضل مفاصله وبفضل العضلات المتصلة به والمسئولة عن الحركة بانقباضها، لذلك فنحن نملك مساحة كبيرة من الحركة.
وهناك آيات كثيرة أودعها الله في الهيكل العظمي نذكر بعضها فيما يلي :
أولاً: صممت عظام الجمجمة بطريقة تعطي أعلى قدر من الحماية بأقل وزن ممكن، كما أن عظامها أكثر صلابة وسمكاً في المواطن المعرضة للصدمات كأعلى الرأس مثلاً.
ثانيًا: نلاحظ أن الفقرتين العنقيتين الأولى والثانية تختلفان في مظهرهما عن باقي الفقرات، وليس هذا عبثًا أو مصادفة، بل لأنهما يعملان مقترنتين، بمعنى أن الفقرة الأولى تدور حول وتد عمودي متين على الفقرة الثانية، وهذا الترتيب يتيح للجمجمة التحرك بحرية إلى الأعلى وإلى الأسفل، ومن جانب إلى جانب، وبهاتين الفقرتين أيضًا يمكن إحداث أكثر إيماءتين يستعملهما الإنسان، وهما هز الرأس بطريقة تدل على الإجابة السلبية، وهزة أخرى تدل على الرد بالإيجاب والقبول.
ثالثًا: كل فقرة في العمود الفقري نموذج رائع لحسن الأداء، ولا عجب فإنها تأخذ شكل اسطوانة صماء كي تساعد في تحمل وزن الجسم، وعلى الجانب الخلفي لهذه الاسطوانة، حلقة عظيمة تسمح بمرور النخاع الشوكي، وتعمل على حمايته ولولاها لتعرض النخاع الشوكي للتلف لمجرد سقوط الشخص من ارتفاع قليل.
رابعًا: ثمة آية في القفص الصدري ممثلة في الحركة المتغيرة لمفاصله، فبينما يحمي الأعضاء الداخلية بشدة، فإنه في الوقت نفسه يمكن الصدر من الاتساع والانقباض كي يسمح بانتفاخ وتقلص الرئتين في أثناء التنفس.
خامسًا: صممت عظمة الفخذ على شكل اسطوانة مفرغة، وهو تصميم ممتاز لأكبر صلابة بأقل مادة. كذلك يتكون مفصل الفخذ من كرة وحق، وهذا التركيب يتيح لعظمة الفخذ مدى واسعًا من حرية الحركة وربما كان الدليل القاطع على مدى مرونة هذا المفصل هو الوضع القائم الزاوية لراقصة البالية.
سادسًا: تترابط عظام الحوض عند الرجال والسيدات بوساطة مفاصل غضروفية، ولكن نلاحظ أن هذه المفاصل عند السيدات ترتخي وتنفصل قليلاً في أثناء أشهر الحمل الأخيرة لكي تسهل عملية الولادة.
خلايا العظام تتنفس وتتكاثر وتمرض وتموت
قد يعتقد الكثير أن العظام مثل الأسنان مادة ميتة، ويرمز للموت بالهيكل العظمي، وهذا اعتقاد خاطئ تمامًا، فخلايا العظام مثل خلايا الجسم الأخرى لها أعصابها وأوعيتها الدموية وتقوم بامتصاص الغذاء وتتنفس وتنمو وتتكاثر وتمرض وتموت، بل إن هذه العظام تتغير أنسجتها في العظمة الواحدة كل ثلاثة أشهر، وعلى ذلك فليست أنسجة العظام التي تمشي عليها اليوم هي أنسجة العظام نفسها التي مشيت عليها بالأمس، فالهدم والبناء متلازمان ما بقيت حياة الإنسان. ليس هذا فحسب بل عندما تكسر عظمة، فإن الطبيب يضعها في الجبس لمنع حركة هذا الجزء من الجسم، وتثبيت مكان الكسر ويقوم الجسم – ذاتياً – بصنع خلايا عظمية جديدة لا تقل متانة عن العظم الأصلي.
وبهذا التركيب المعجز ووظائف أعضائه المميزة والقوة الذاتية للالتئام، يحقق الهيكل العظمي الإنساني نصرًا عظيمًا في الهندسة والعمارة يخجل منه أي كوبري أو ناطحة سحاب مهما بلغا من دقة التخطيط وفن الهندسة. لا نملك – بعد ذلك – إلا أن نردد قول ربنا الخالق المبدع العظيم (هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه بل الظالمون في ظلال مبين) (لقمان: 11)
إن الجهاز العظمي نعمة عظيمة من الله عز وجل، ولولاه لكان الإنسان أشياء مرنة ملقاة في الأرض. لتسأل نفسك عزيزي القارئ هل تستطيع العيش بدون هذا الهيكل؟ تخيل ذلك حتى تعلم نعمة الله عليك؛ ومع ذلك لم يطلب الله تعالي منا ثمنًا على هذه النعم والأجهزة التي في أجسامنا، ألا يستحق منا أن نشكره علي هذه النعم التي لا تحصي ولا تعد؟
بقلم/ محمد السقا عيد
المصدر: مجلة حراء