بيروت (زمان التركية)ــ قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط إن معدلات التنمية في الدول العربية لا زالت غير كافية لتحقيق الطفرة التنموية المنشودة، مؤكدا أن هناك حاجة أكبر للعمل على تنويع الاقتصادات لتحصينها من التقلبات، فيما بشر أبو الغيط بقرب استكمال التفاوضات حول منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى.
جاء ذلك في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر “القمة العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية” بدورتها الرابعة المنعقدة اليوم في العاصمة اللبنانية بيروت.
ولفت الأمين العام للجامعة العربية إلى أهمية هذه القمة التي تُعقد بعد غياب دام ست سنوات “شغلتنا فيها الأحداث الجسام، وواجهت خلالها بعض دولنا -ولا تزال- مختلف صنوف التحديات الأمنية والاضطرابات السياسية والأزمات الإنسانية .. على أن هذه التحديات، على شدتها وخطورتها، تظلُ امتداداً وانعكاساً للتحدي الأخطر المرتبط بتحقيق التنمية الشاملة، والاستجابة للأزمات والمشكلات الاجتماعية التي غالباً ما تُصاحب عملية النمو والتحديث”.
وقال أبو الغيط أنه برغم أن “ثمة تحسناً نسبياً طفيفاً في معدلات النمو الاقتصادي المتوقعة في المنطقة العربية، والتي تصل إلى 2.7% خلال العام الجاري، إلا أن هذه المعدلات لا زالت غير كافية لتحقيق الطفرة التنموية المنشودة، فضلاً عن أن استمرارها وتواصلها يظل رهناً باستقرار الأوضاع السياسية والأمنية الذي ما زالت بعضُ دولنا ومجتمعاتنا تدفع ثمن غيابه خلال الأعوام الماضية”.
وأوضح أن المنطقة العربية لا زالت بعيدة عن إطلاق إمكانياتها الكامنة، وتحقيق تطلعاتها المُستحقة فما زالت “أكثر من نصف صادرات العالم العربي من المواد البترولية .. وتظل هناك حاجة أكبر للعمل على تنويع الاقتصادات لتحصينها من التقلبات المرتبطة بأسعار الطاقة.. ثمة حاجة كذلك لتحسين بيئة الأعمال وتعزيز التنافسية وتحفيز ثقافة المبادرة وريادة الأعمال”.
وقال أنه بالرغم من أن “هناك تقدم نشهده جميعاً على هذه الأصعدة.. وهناك إصلاحات مؤسسية ومالية تتصف بالجرأة والرغبة الحقيقية في مواجهة جوهر المشكلات الاقتصادية التي تؤرق الدول العربية وتحرمها من الانطلاق.. غير أن المنطقة – باستثناءات معدودة- ما زالت تفتقر إلى الحجم الكافي من النشاط الاقتصادي ذي الانتاجية العالية والقيمة المضافة الكبيرة .. وتظل أيضاً غير مهيأة للانخراط في الاقتصاد الرقمي –اقتصاد المستقبل- القائم على الابتكار والابداع.”
ولفت الأمين العام لجامعة الدول العربية إلى أن “تطورات الاقتصاد العالمي تتعلق في الأساس برأس المال البشري” منوها إلى أن “المعرفة والابتكار، لا التصنيع أو الخدمات، هما المولد الأكبر للقيمة المضافة العالية في ظل تسارع الظاهرة المسماة بالثورة الصناعية الرابعة بتطبيقاتها المختلفة”.
وفي هذا الإطار قال إن “الاستعداد لمواجهة تبعات هذه الثورة التكنولوجية يتعين أن يحتل صدارة أولوياتنا في المرحلة القادمة، ويتطلب الأمر جهداً أكبر في تضييق الفجوة الرقمية مع مناطق العالم الأخرى، إذ لا زال أكثر من نصف سكان العالم العربي غير متصلين بالانترنت.. إن سكان العالم العربي هم من أكثر سكان العالم شباباً.. وإن لم نحسن استغلال هذه (النافذة الديموغرافية) فسوف تتحول هذه الكتلة الشبابية إلى عبء على الاقتصادات، بل ومحرك للاضطرابات، وعلى الأرجح بيئة خصبة لشتى صنوف التطرف الديني والسياسي.”
وأكد أبو الغيط بمعرض كلمته في قمة بيروت على أن تحديات تحقيق التنمية المستدامة “تفرض على الحكومات العربية أن تضع المستقبل في حسابها .. علينا أن نواجه الأسئلة الصعبة من دون تباطؤ أو تأجيل.. أسئلة حول توفير الغذاء لأكثر من 360 مليون عربي.. حول الحفاظ على الموارد المائية العربية الشحيحة، التي لا تزيد عن 1% من مصادر المياه العذبة في العالم، وكيفية تنميتها وضمان استدامتها.. أسئلة حول إدارة مزيج الطاقة بالاعتماد بصورة أكبر على المصادر المتجددة.. أسئلة حول الخطط العربية الشاملة لمواجهة الظواهر المربكة على الصعيد العالمي مثل التغير المناخي والتطور التكنولوجي الذي يهدد الوظائف التقليدية”.
منطقة التجارة الحرة العربية
وفي ختام كلمته حمل أبو الغيط بشرى للدول العربية، قائلا: “ثمة نقطة ضوء جديرة بأن أشير إليها.. لقد أوشك التفاوض حول منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى على بلوغ غايته، وقد تم الانتهاء من نحو 95% من قواعد المنشأ التفصيلية، والمأمول هو أن تُستكمل هذه المنظومة الاقتصادية التكاملية، بما في ذلك تحرير تجارة الخدمات، في أسرع الآجال .. إذ ليس مقبولاً أن تظل التجارة البينية بين دولنا عند معدلاتها الحالية التي لا تتجاوز 12% من إجمالي تجارة الدول العربية.. وليس مقبولاً أن تظل المنطقة العربية هي الأقل عالمياً من زاوية التكامل الاقتصادي، مع كل الإمكانيات التي يتيحها هذا التكامل للنهوض بالاقتصادات العربية والاسهام في تنويع نشاطاتها ..”.