تقرير: محمد عبيد الله
أنقرة (زمان التركية) – في خطوة جديدة مثيرة للغاية، أقدم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على تعين عضو مجلس إدارة الشركة الأمريكية البريطانية للتبغ نائبًا لوزيرة التجارة، في انتهاك صارخ للاتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ الدولية الموقعة عليها تركيا، التي تستعد لدخول سوق تجارة القنب.
وتأتي هذه الخطوة بعد أيام معدودة من ترويج أردوغان للتوسع في زراعة القنّب -أي الحشيش-، داخل تركيا وتأكيده على ضرورة تقنين زراعة هذا النبات لكي لا تحرم بلاده من مثل هذا المورد اللهام، على حد تعبيره.
واعتبر مراقبون أن قرار التعيين المنشور في الجريدة الرسمية يوم الخميس الماضي كشف ازدواجية حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان في مكافحة التبغ، حيث تم تعيين عضو مجلس إدارة الشركة الأمريكية البريطانية للتبغ، رضا تونا توراجاي، نائبا لوزيرة التجارة.
التطور الآخر الملفت هو توسيع نطاق صلاحيات توراجاي، عضو مجلس إدارة الشركة ومسؤول العلاقات المؤسساتية في تركيا وشمال أفريقيا بالشركة أول أمس، إذ تولى بموجب هذا القرار رئاسة القسم الحقوقي، بجانب رئاسته لقسم العلاقات المؤسساتية بتركيا ودول الشرق الأوسط.
ويقول محللون إن تعيين ممثل شركة تبغ بوزارة التجارة التي تتولى التجارة الداخلية وسياسات التصدير والاستيراد التحفيزية كشف النوايا الحقيقية لسياسات العدالة والتنمية الخاصة في مكافحة التبغ.
وكان أرد انقلب فجئة مدافعًا ناريًّا عن القُنّب، أي الماريجوانا أو الحشيش، إذ تطرق مطلع الأسبوع الماضي لخطة إنقاذ تركيا من الأزمة الاقتصادية، وفاجأ الجميع بحديثه عن ضرورة تقنين زراعة القنب، معيدًا للأذهان أن الولايات المتحدة، التي تتظاهر وكأنها حليفة -على حد تعبيره- ظلمت بلاده عندما منعتها من الاستفادة من دخلٍ ومورد مهم للغاية مثل القنب!
وبعد ثلاثة أيام من حديثه هذا، أطلق أردوغان حملة تسويق وترويج للقنّب بطريقته الخاصة، حيث ذكر أن والده كان يرتدي قميصًا مصنوعًا من القنب، وأنه يمكن استخدام أكياس قماش مصنوعة من القنب بدلا من الأكياس البلاستيكية، ليتربع القنب أخيرًا على رأس القضايا المثيرة للجدل في تركيا.
وقد وصف الكاتب الصحفي من موقع “أحوال تركية” جان تيومان تلك التصريحات بـ”الصادمة للجميع”، موضحًا أنها لا تصدُر من أي شخص عادي بل من زعيم سياسي يتهم الغرب دائمًا بالوقوع في براثن المخدرات والكحول، ويطلب الدعم من الشعب التركي متعهدًا إياه بحمايته من أضرار وشرور هذه المواد.
وتابع تيومان: “ومما يبعث على الدهشة أن أعضاء البرلمان من حزب العدالة والتنمية، الذين يدافعون عن المبادئ ذاتها مع أردوغان، صفّقوا بحفاوة لهذه التصريحات بطريقةٍ تكشف وكأنهم ينتظرون منذ سنوات رفع الحظر عن المخدرات!”
ودافع جان تيومان “أن القاعدة الشعبية للحزب الحاكم أو الشرائح المعارضة له لا يمكن أن تستسيغ بسهولة محاولات رموز الدولة الرامية إلى تطبيع مادةٍ أصبحت رمزًا للمخدرات مثل “الحشيش”، خاصة إذا أخذنا بنظر الاعتبار أنها تصف معارضيها بـ”الحشاشين”، وتضعهم في السجون أو تجبرهم على الفرار من بلادهم”.
لكنه استدرك قائلاً: “وعلى الرغم من أن هذه الخطوة ليست لقمة سائغة، إلا أن نظام أردوغان ووسائل الإعلام التقليدية والاجتماعية الخاضعة له يمكن أن تنجح في إقناع الشعب بضرورة تقنين زراعة القنب من خلال نشر أخبار ومعلومات تتحدث عن فوائد نبات القنب “الماريجوانا”، وتقدم تلك الخطوة كوصفة ناجحة للخروج من الأزمة الاقتصادية. لذلك ليس من المستبعد أن نكشف قريبًا أن عناصر اللجان الإلكترونية التابعة لأردوغان هم عشاق الحشيش!”، على حد تعبيره.
وأفاد الكاتب تيومان أن “المعطيات التي نحوزها تكشف أن حجم سوق القنب -الشرعي- في العالم سيصل بالمستقبل القريب إلى تريليونات الدولارات، واهتمام أردوغان بالقنب يعود إلى أنه يريد حصته من هذا السوق الكبير”. وذكّر أن وزارة الزراعة أصدرت مؤخرًا تصريحًا لإنتاج القنب في 19 ولاية رغم مخالفته للقوانين الحالية.
ولفت تيومان إلى أن الوزراة تزعم أن القنب سيستخدم في مجالات الطب والمجالات الأخرى، إلا أن غياب أي مؤسسة صناعية معنية بهذا المجال يثير شبهات حول ما إذا كان يريد نظام أردوغان الحصول على حصته من كعكة القنب في العالم. إلا أنه استبعد أن تحصل تركيا على حصة من سوق القنب الشرعي، نظراً لاستخدام أدوات تقليدية في إنتاج هذه المادة في تركيا؛ في حين أن الدول الكبرى، مثل أميركا وكندا، تنتجه في الدفيئات الصغيرة وتستخدم التكنولوجيا العالية والقوى العاملة المدربة، مرجحًا أن تقنين زراعة القنب في تركيا قد لا يكون علاجًا ناجعًا لأزمتها الاقتصادية.
واختتم الكتاب مقاله بسؤال وجوابه المحتمل قائلاً: “حسنًا فما سبب هذا التحول الكبير في موقف نظام أردوغان من القنب بعد أن أعلن العام المنصرم عن دعمه الصريح لأجهزة الأمن من أجل مكافحة المخدرات بشكل فعال؟
ربما يعود السبب إلى الرغبة في الخروج من الأزمة الاقتصادية بأي طريقة كانت، والعلاقات المشبوهة مع تجار المخدرات”، وفق قوله.