(زمان التركية) – شهدت الايام القليلة الماضية سجالات ونقاشات طويلة بين الجانب الأمريكي والتركي حول الملف السوري، بعدما أعلن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان قبل أيام إعتزامه القيام بعملية جديدة شرقي الفرات ضد الأكراد المحميين من قبل الولايات المتحدة، ولكن القرار الأخير والمفاجئ الذي أذاعته بعض وسائل الأعلام الأمريكية أمس الأربعاء حول عزم الولايات المتحدة سحب كامل وسريع للقوات الأمريكية المنتشرة داخل الأراضي السورية، وسط دهشة وإستنكار كبير لهذا القرار .
وأفادت مصادر دبلوماسية في واشنطن أنها تراقب عن كثب الأنباء التي أعلنتها مصادر رسمية أميركية عزم واشنطن سحب كافة القوات الأميركية في سوريا.
كما اعتبرت بحسب تقرير أعدته صحيفة (العرب) القرار الأميركي أسوأ تنازل تقدمه واشنطن لتركيا وإيران كما يؤكد القرار في المقابل، نجاح الاستراتيجية الروسية في سوريا، والتي أدت إلى تثبيت الرئيس بشار الأسد الذي سيكون المستفيد المباشر من انهيار الاستراتيجية الأميركية. فيما سيمنى الأكراد بخسائر فادحة من خطوة أميركية مفاجئة وصفتها قوات سوريا الديمقراطية بأنها “طعنة بالظهر”.
وأفادت وسائل إعلام أميركية، الأربعاء، أن واشنطن تستعد لسحب قواتها من سوريا حيث نقلت شبكة (CNN) عن مسؤول في وزارة الدفاع قوله إن واشنطن تخطط لسحب “كامل” و”سريع| للقوات، فيما أعلنت صحيفة (وول ستريت جورنال) أن الانسحاب سيكون من شمال شرق سوريا.
كما ذكرت شبكة (CBS News) أن البيت الأبيض أوعز للبنتاغون بـ”البدء فورا” في سحب القوات الأميركية من سوريا.
واعتبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الأربعاء، أنه حقق هدفه في سوريا بـ”هزيمة تنظيم داعش، الأمر الذي يؤكد التقارير حول أنه سينظر في سحب القوات الأميركية المنتشرة هناك”
وغرد ترامب على تويتر، قائلا: “لقد ألحقنا هزيمة بداعش في سوريا، وهو السبب الوحيد لوجودنا خلال رئاسة ترامب”.
We have defeated ISIS in Syria, my only reason for being there during the Trump Presidency.
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) December 19, 2018
واعتبر مراقبون أن هذا القرار الغير محسوب سيفهم على أنه تراجع أمريكي تحت ضغط التهديدات التركية بالتدخل شرق الفرات، وهو ما سيغذي نزعة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى تهديد أكراد سوريا، كما انه سيفسح المجال لتركيا بالحسم العسكري، وتثبيت منطقة عازلة على هواه، خاصة في ظل مساندة روسيا في الأيام الأخيرة للتصعيد في الخطاب التركي ضد الوجود الأميركي والانتشار الكردي.
كما قال السيناتور الجمهوري ماركو روبيو أن الانسحاب الكامل والسريع للقوات الأميركية من سوريا سيكون “خطأ فادحا” تتجاوز تداعياته المعركة ضد داعش. واعتبر زميله الجمهوري ليندسي غراهام أن انسحاب القوات الأميركية سيكون “انتصارا كبيرا لتنظيم داعش وإيران وبشار الأسد وروسيا”.
وأضاف “سيزيد من صعوبة الاستعانة بشركاء في المستقبل للتصدي للإسلام الراديكالي. وستعتبر إيران وغيرها من الأطراف الشريرة ذلك دلالة على الضعف الأميركي في الجهود الرامية لاحتواء النفوذ الإيراني”.
كما يعتبر هذا القرار متناقض مع التحذير الذي وجهته واشنطن لتركيا محذرة إياها من أي تورط بأي عمل عسكري يستهدف شرق الفرات حيث تواجد القوات الكردية المتحالفة مع الولايات المتحدة.
يذكر أن البنتاغون قد أقام مراكز مراقبة أميركية على طول الحدود التي تفصل المنطقة التي يسيطر عليها الأكراد مع تركيا، بغرض الفصل بين الأطراف وتجنب أي احتكاكات وطمأنة الجانب التركي إلى عدم حدوث أي اختراق لحدوده.
و في هذا السياق اعتبرت مصادر دبلوماسية أن القرار الأميركي لا يتسق مع كافة المسارات السياسية التي سبق الإعلان عنها من قبل المنابر الأمنية والسياسية والعسكرية بشأن سوريا، ورجحت أن تكون لهذا القرار حسابات داخلية تتعلق بالصراع داخل مؤسسات الإدارة الأميركية.
ووصف سياسي لبناني قرار الانسحاب الأميركي بـ”أسوأ هزيمة”. وقال في تصريح لـصحيفة ”العرب”، “انسحاب القوات الأميركية من سوريا يقدم تنازلا بلا ثمن إلى تركيا وإيران”.
وأشار إلى أن الانسحاب الأميركي سيحرر إيران من الضغوط التي دفعتها إلى التفكير في انسحاب جزئي وفرضت عليها إعادة توزيع خارطة وجود خبرائها والميليشيات الحليفة لها. كما أنه سيرفع عن روسيا الحرج بشأن الانسحاب الإيراني من سوريا كخيار مستعجل، وهو الذي كانت تضغط لأجله الولايات المتحدة وإسرائيل وقبلته موسكو ودفعت طهران إلى البدء باستراتيجية في الغرض.
وسريعاً ما جاءت ردود الفعل الدوليه حول هذا القرار، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني، الأربعاء إن “مبرر هزيمة داعش بشكل نهائي، كما أعلن عنه ترامب، غير مقنع للمسؤولين الأميركيين وحلفائهم من الدول الغربية، خاصة أن التحالف الدولي لم يفتأ يعلن خلال الفترة الأخيرة عن تنفيذ غارات على متشددين على الأراضي السورية، وأن قوات سوريا الديمقراطية الحليفة تواصل عملياتها ضد مقاتلي داعش على حدود مناطق سيطرتها.”
كما قال وزير الدفاع البريطاني، الأربعاء، إن الرئيس الأميركي مخطئ في قوله إن تنظيم داعش في سوريا قد هُزم، ورد الوزير البريطاني توبياس إلوود “أختلف بشدة”.
وأضاف وزير الدولة بوزارة الدفاع على تويتر “داعش تحول إلى أشكال أخرى من التطرف، والتهديد لا يزال قائما بقوة”.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “إسرائيل ستدرس قرار أميركا بسحب قواتها من سوريا وسوف تعمل على ضمان أمنها”.