لندن (زمان التركية) – يرى خبراء في العلاقات الدولية أن “نيكول باشينيان” أحدث “ثورة ناعمة” في أرمينيا بعد أن أسقط رئيس الوزراء السابق سيرج ساركيسيان في أبريل المنصرم من خلال العصيان المدني والاحتجاجات التي قادها، وجلس على كرسي رئاسة الوزراء في مايو الماضي، ومن ثم ضم إلى خانة انتصاراته الفوز في الانتخابات البرلمانية الأخيرة بأغلبية ساحقة بلغت %70.
تناولت الكاتبة والأكاديمية التركية من أصل أرمني “ألين أوزينيان” السياسات الداخلية والخارجية التي يتبعها رئيس الوزراء الأرمني الجديد “نيكول باشينيان”، في مقال لها حمل عنوان “كيف تتعامل أرمينيا الجديدة بقيادة “باشينيان” مع تركيا” نشره أمس موقع “أحوال تركية”.
وصفت الكاتبة أوزينيان رئيس وزراء “أرمينيا الجديدة” باشينيان بـ”الطموح والمناضل والعنيد”، معتبرة انتصاره الانتخابي الأخير تتويجًا لما سمته “الثورة المخملية”، كما نعتت سياساته الداخلية بـ”الثورية” التي حملته إلى سدة الحكم في البلاد، فيما زعمت أن سياساته الخارجية لم تتسم بطابعٍ ثوري.
وقالت الكاتبة إن باشينيان يولي أهمية كبيرة لتطوير سياساته مع الغرب، وذلك من خلال تعزيز علاقاته مع القادة الأوروبيين، وإقناعهم بأنه يتقاسم معهم القيم نفسها.
أما في علاقاته مع روسيا، فرأت الكاتبة أن باشينيان يعتزم الإبقاء على سياسة أرمينيا التقليدية حول إقامة “علاقات جيدة مع روسيا”، والعضوية في “الاتحاد الاقتصادي الأوراسي”، وأشارت إلى أنه يريد أن يكون “شريكًا” أو “مفاوضًا” عندما يجلس مع روسيا على طاولة المباحثات، بدلاً من أن يكون “ولدًا مطيعًا” كما كانت الحكومات السابقة.
كما لفتت إلى أن باشينيان يحرص على تطوير علاقات بلاده مع الغرب والشرق معًا في توازن مثير، لذا يؤكد من حين لآخر أنه ليس مواليًا لروسيا أو الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة، في مسعىً لزيادة بدائله وتنويع سياساته.
وفي إطار العلاقات الخارجية لأرمنيا، نوّهت الأكاديمية أرمنية الأصل، بشكل العلاقات الجديد بين أرمنيا وتركيا، معيدةً للأذهان ما قاله باشينيان بعد الانتخابات مباشرة: “نحن مستعدون لإقامة علاقات مباشرة مع تركيا دون شروط مسبقة، وآمل أن تكون هي مستعدة لذلك أيضًا”.
ودافعت ألين أوزينيان أن باشينيان لديه الرغبة في إحراز تقدم في العلاقات الأرمنية-التركية بشرط عدم التخلي عن مواقف بلاده، وتقديم تنازلات لتركيا، التي وضعت “نسيان” مزاعم الإبادة الجماعية الأرمنية شرطاً مسبقًا لعودة العلاقات المباشرة بين الطرفين .
واعتبرت أن فرض تركيا على أرمينيا “نسيان الإبادة الجماعية”، بدلاً من مطالبة أرمينيا تركيا بـ”الاعتراف بالإبادة” مثال جيد يكشف من هو الطرف الذي يعرقل عودة العلاقات -على حد تعبيرها-، متهمة تركيا بـ”اختزال علاقاتها مع أرمينيا في العلاقات الأرمنية-الأذربيجانية”، التي هي الأخرى تقتصر إلى حد كبير على مشكلة قراباغ، المنطقة المتنازع عليها بين أرمنيا وأذربيجان، والتي تقف فيها الحكومة التركية إلى جانب أذربيجان، في حين يسعي الجانب الأرمني للوصول إلى حل النزاع بشكل سلمي، وفق رأيها.
وشدّدت الكاتبة على صعوبة التحقق من مدى واقعية بدء صفحة أو مرحلة جديدة في العلاقات التركية-الأرمنية، وذلك لأن المواقف الحالية للحكومتين مختلفة تمامًا عن تلك التي كانت عند توقيعهما على البروتوكولات في 10 أكتوبر 2009، حيث كانت العلاقات الطيبة مع أرمينيا تضاف إلى سمعة تركيا، نظرًا لأن أردوغان كان يحاول إقناع الغرب بأنه زعيم يستحق الدعم، ويؤكد له أنه ليس “عدوًّا للأرمن” مثل الحكومات السابقة، وقادرٌ على تأسيس علاقات جيدة مع كل الجيران، اما الأن فقد تغيرت السياسات الخارجية لتركيا من “صفر مشاكل مع الجيران” إلى “صفر صديق” في المنطقة.
ومن ثم ذكرّت الكاتبة بأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعث رسالة تهنئة إلى أرمينيا في 21 سبتمبر، يوم استقلالها، وقال فيها: “لدى أرمينيا الكثير لتحتفل به هذا العام. لقد فتحت الحركة السلمية والديمقراطية حقبة جديدة في أرمينيا. ونحن مستعدون للعمل معكم. نشكركم على تعاونكم مع حلف الناتو بصفة خاصة. ستكون هناك فرص جديدة لحل نزاع قراباغ في الأشهر المقبلة”. ثم عقّبت على تصريحات ترامب بالقول: “يمكن أن تكون هذه التصريحات إيذانًا بتغير بعض التوازنات في هذا المجال”.
أفادت الكاتبة أيضًا أنها لا تستبعد أن تتجه تركيا بقيادة أردوغان إلى كسب “صداقة” أرمينيا باشينيان، إلى جانب “أخوة” أذربيجان، وتطلقَ علاقات تجارية معها رسميًّا، في مسعىً لتحسين علاقاتها المتأزمة مع واشنطن.
واختتمت ألين أوزينيان، الكاتبة والأكاديمية التركية المنحدرة من أصول أرمنية، مقالها بما سماه “لبّ القول” وهو: “غصن الزيتون الذي يمده باشينيان إلى تركيا قد يصبّ في مصلحتها”.