أنقرة (زمان التركية) – تستقبل المحاكم في تركيا سنويًا الآلاف من المتهمين بقضايا “إهانة رئيس الجمهورية”، منذ أن تولى رئيس حزب العدالة والتنمية رجب طيب أردوغان رئاسة الجمهورية في عام 2014.
ويرجع تاريخ تلك التهمة التي يعتبرها القانون التركي “جريمة يحاسب عليها القانون”، إلى عام 1993.
وبلغ عدد القضايا التي رفعت من قبل النيابة العامة بتهمة “إهانة رئيس الجمهورية”، في عام 2017، نحو 20 ألف و539 قضية، تم نظر 6 آلاف و33 قضية منها في محاكم الجنايات التركية، ونفذت الأحكام في ألفين و99 منها.
وتشير التقارير إلى وجود زيادة كبيرة في أعداد القضايا والتحقيقات التي تجرى مع مواطنين بتهمة “إهانة رئيس الجمهورية”، خاصة بعد محاولة النقلاب المدبر في 15 يوليو/ تموز 2016.
وكان الأكاديمي جينك يغيت أر الذي تم فصله من كلية الحقوق بجامعة أنقرة، في ظل حالة الطوارئ المعلنة في البلاد عقب محاولة الانقلاب، بين الآلاف الذين تعرضوا لمحاكمات بتهمة إهانة رئيس الجمهورية. إذ رفعت قضية ضده، بناءً على بلاغ من أحد طلابه، وصدر في حقه حكم بالسجن عامًا و5 أشهر و15 يومًا.
إلا أنه من المتفق عليه أن قضايا إهانة رئيس الجمهورية لم تترك أحدا، وطالت حتى الصحفيين. وبحسب تقارير جمعية صحفيين بلا حدود فقد صدرت أحكام قضائية في حق 53 صحفيا حتى الآن.
ويقول ممثل الجمعية في تركيا أرول أوندار أوغلو: “بالرغم من توصيات تقارير الاتحاد الأوروبي ولجنة فينيا “بحذف تلك المادة”، إلا أن هذه المادة باقية في الدستور كأحد رموز الاستبداد في تركيا”.
كما تشير التقارير إلى أن الساسة أيضًا يتم عرضهم على النيابة والمحاكم بتهمة “إهانة رئيس الجمهورية”، ومن بين أكثر الشخصيات السياسية التي رفع ضدها قضايا بتهمة إهانة رئيس الجمهورية زعيم المعارضة ورئيس حزب الشعب الجمهوري “كمال كيليتشدار أوغلو”، فضلًا عن رئيس حزب الشعوب الديمقراطية الكردي السابق صلاح الدين دميرتاش المعتقل في سجون أردوغان بتهمة إهانته.
وفي إطار تعليقه على هذا العدد الكبير من التحقيقات المفتوحة بتهمة إهانة الرئيس، قال الكاتب الصحفي جان دوندار رئيس تحرير جريدة حريت سابقا، في تغريدة: “في عام واحد فقط تم فتح تحقيق مع 20 ألف مواطن بتهمة إهانة الرئيس #أردوغان! هل أردوغان هو الرئيس الأكثر تعرضا للإهانة في العالم أم أنه يغضب من أدنى شيء؟”
في عام واحد فقط تم فتح تحقيق مع 20 ألف مواطن بتهمة إهانة الرئيس #أردوغان!
هل أردوغان هو الرئيس الأكثر تعرضا للإهانة في العالم أم أنه يزعل من أدنى شيء؟!! https://t.co/nhgBs0R6mJ
— نبض تركيا NabdTurkey (@nabdturkey) December 8, 2018
يذكر أن جان دونداركان قد فجر قضية ببارزة تدل على تعاون تركيا مع التنظيمات المسلحة في سوريا، إذ نشر مقاطع فيديو تكشف حمل شاحنات المخابرات التركية السلاح إلى المجموعات المقاتلة في سوريا، وتعرض لتهديدات من أردوغان، ولهجوم مسلح، ومحاكمته أسفرت عن اعتقاله بضعة أشهر، ومن ثم أصدرت المحكمة الدستورية قرارًا بالإفراج عنه، ووجد المخرج من هذا المأزق في مغادرة تركيا إلى ألمانيا حيث يقيم حاليا هناك.
ومن جانبه أكد الباحث في الشؤون التركية بمنظمة العفو الدولية أندرو جاردنير على ضرورة ألا يوجد تهمة تعرف بـ “إهانة رئيس الجمهورية”.
ولفت جاردنير إلى أن هناك العديد من الأشخاص يتم اعتقالهم في تركيا بسبب هذه التهمة، مشددًا على ضرورة أن تكون رموز الدولة والمسؤولين بالدولة منفتحين على الانتقادات. وقال: “هناك تهمة في أوروبا شبيهة بذلك، ولكنها لم تستخدم في أي دولة بالشكل الذي تستخدم به في تركيا”.
وكان المعهد الدولي للصحافة (IPI) عقد مؤتمرا صحفيا في إسطنبول تناول فيه سجل نظام أردوغان في حرية الصحافة بالأرقام، كاشفا أنه: ” تم إغلاق 70 صحيفة يومية، و6 وكالات أنباء، و24 محطة إذاعية، و17 قناة تلفزيونية، و20 مجلة، بالإضافة إلى اعتقال 162 صحفيا، معظمهم بعد الانقلاب الفاشل، بسبب تهم أبرزها الإرهاب!”