برلين (زمان التركية) – ساق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في تصريحاته للصحفيين أمس الجمعة، ادعاءً غريبًا، حيث زعم أن رئيس المخابرات التركية هاكان فيدان من الممكن أن يكون قد زار الكونغرس الأمريكي، في إشارة منه إلى عدم علمه أو تخطيطه لمثل هذه الزيارة، مع أنه الرجل الأوحد الذي يقرر كل شيء في تركيا.
جاءت تصريحات أردوغان هذه في أعقاب تقارير تركية تشير إلى قيام رئيس جهاز الاستخبارات هاكان فيدان، بإحاطة الكونغرس الأمريكي بمعلومات حول جريمة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، بالإضافة إلى ملابسات الانقلاب الفاشل الذي شهدته تركيا في عام 2016.
وقال أردوغان أمس في إطار رده على سؤال للصحفيين: “عقب زيارتنا لأمريكا اللاتينية توجه رئيس مخابراتنا إلى كندا، وربما يكون قد حدث تطور من هذا القبيل وزار الكونغرس الأمريكي أيضًا، لأننا نرغب أيضا في إطلاعهم على ما لدينا من معلومات، ولكنني لست على علمٍ فيما إذا حدثت إحاطة للكونغرس”.
ونقلت وكالة رويترز عن مصادر لم تكشف عن هويتها قولها إن رئيس المخابرات التركية سافر إلى واشنطن للقاء أعضاء في مجلس الشيوخ ومسؤولين في المخابرات في محاولة لتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة بعد تدهورها الصيف الماضي.
وأضافت الوكالة استنادًا إلى مصادرها التي وصفتها بـ”المطلعة” أن مباحثات هاكان فيدان في واشنطن شملت ملفات متعلقة بحلف شمال الأطلسي “الناتو”، بالإضافة إلى قضية مقتل خاشقجي، لكنها أكدت أن هذه القضية لم تكن موضوع المناقشات المحوري مع أعضاء مجلس الشيوخ، كما أحجم الجانب التركي عن تركيز الاجتماعات عليها.
وحول ذلك، قال المحلل السياسي التركي محمد عبيد الله في تصريحات خاصة لموقع صحيفة “زمان التركية” إنه لم يجد تفسيرًا لنفي أردوغان علمه بمبادرات فيدان في وشنطن. وقال فيما يتعلق بمضامين مباثات فيدان مع الجانب الأمريكي: “يبدو لي أن أردوغان أرسل فيدان للضغط على واشنطن من خلال ملف خاشقجي بغية إغلاق بعض الملفات التي تستعد الإدارة الأمريكية لفتحها في وقت مناسب، بينها قضية البنك التركي المتورط في اختراق العقوبات الأمريكية على إيران وتعاون أنقرة مع تنظيمات إرهابية”.
ولفت عبيد الله إلى أن تحركات رئيس الخابرات التركية في الولايات المتحدة تزامنت مع حدثين مهمين، أولهما أن السلطات الألمانية سربت إلى الصحافة معلومة خطيرة جداً وهي أن الحكومة الألمانية ردت على استفسار برلماني عن دور المخابرات التركية في الانقلاب الفاشل بأنها لا تستطيع الكشف عن هذا الدور حفاظًا على سلامة البلاد ومصالحها. أما الثاني فهو أن مستشار الرئيس الأمريكي للأمن القومي السابق، مايكل فلين، المقال بعد اتهامه بالعمل لصالح روسيا، اعترف بتعاونه مع أردوغان من أجل شنّ حملات ضد ملهم حركة الخدمة المفكر الإسلامي فتح الله كولن، بما فيه الدعاية السوداء وتسليمه إلى تركيا بالقوة مقابل 15 مليون دولار.
أشار عبيد الله أيضًا إلى أن تقارير أمريكية تتحدث عن استعداد القضاء الأمريكي لفتح تحقيق شامل حول تواطؤ مسؤولين أتراك، وعلى رأسهم وزير الداخلية سليمان سويلو -الذي هدد مؤخرًا واشنطن بأنهم سيستعيدون جولن حيًّا أو ميتًا- مع مايكل فلين في أعمال غير قانونية تضر بالمصالح الأمريكية
أردوغان يخشى فشل رئيس مخابراته
ورجح المحلل التركي عبيد الله أن تكون تلك المبادرات من أنقرة وواشنطن مظاهر وانعكاسات لعملية “ليّ ذراع” بين الطرفين خلف الأبواب المغلقة، غير أن أردوغان ينفي علمه بمبادرات رئيس مخابراته في واشنطن، نظرًا لأنه يعلم أن حججه أو مستنداته التي يحوزها “أهون من بيت العنكبوت”، وأنه لا يريد أن يتحمل تبعات فشل فيدان المحتمل في الحصول على ما يريده من واشنطن، على حد تعبيره.
يذكر أن المخابرات الألمانية الخارجية كانت نسفت رواية أردوغان بشأن محاولة الانقلاب الذاهبة إلى أن جولن المقيم في الولايات المتحدة هو من دبر المحاولة، حيث قال برونو كال، رئيس جهاز المخابرات الخارجية الألماني، لمجلة “دير شبيغل”، في مارس/ اذار 2017: “إن الحكومة الألمانية لا تعتقد أن جولن يقف وراء الانقلاب الفاشل في تركيا”، وأضاف: “حاولت تركيا إقناعنا بذلك على كل المستويات، لكنها لم تنجح بعد.”
وردا على ما إذا كانت حركة جولن متشددة أو إرهابية كان كال أكد قائلاً “إنها منظمة مدنية تهدف إلى تقديم المزيد من التعاليم الدينية”.
من اللافت أن رئيس جهاز المخابرات الخارجية الألماني كان أدلى بهذه التصريحات عقب زيارة رئيس المخابرات هاكان فيدان لألمانيا ومحاولته إقناع نظيره الألماني بتدبير حركة الخدمة لمحاولة الانقلاب، إلا أنه قال: “حاولت تركيا إقناعنا بذلك على كل المستويات، لكنها لم تنجح بعد”.