برلين (زمان التركية)ــ جاء قرار القضاء التركي بتمديد مدة احتجاز الرئيس السابق لحزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين دميرطاش لمدة عامين، مستفزاً للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، التي أصدرت قبل ايام قرارًا يطالب بالإفراج عن “دميرطاش” ويدين انتهاك تركيا لحقوق الإنسان.
وصدر الحكم من محكمة تركية على “دميرطاش” المرشح السابق لرئاسة الجمهورية، والمسجون منذ 2016 خلال محاكمته في اتهامات تتعلق بالإرهاب، بسبب تصريحاته خلال كلمة ألقاها عام 2013 حينما كانت الحكومة تجري محادثات سلام مع مسلحين أكراد.
يأتي ذلك بعد أن كانت المحكمة الأوروبية اعتبرت، “احتجاز دميرطاش يتنافى مع مبادئ القانون المحلي والدولي، على حدٍ سواء، ومن ثم كان يتعيَّن على الحكومة التركية أن تُنهي فترة احتجاز دميرطاش؛ لأنها لم تقدم ذرائع، أو أدلة جديدة؛ تدينه أو تُبرِّر استمرار احتجازه، إلّا أنّها قرّرت الاستمرار باحتجازه من دون أن تولي أيّ اعتبار للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.”
ومن جانبه، عقبَ رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان، على القرار المحكمة الأوروبية، قائلاً “قرار المحكمة الدولية لحقوق الإنسان غير ملزم لنا. اتخذت المحكمة حتى يومنا هذا العديد من القرارات المتعلقة بالتنظيمات الإرهابية، وكانت جميعها ضد تركيا. هناك الكثير مما يمكننا فعله في المقابل، سنكمل حملتنا المضادة، فالإرهاب لا يزال مستمراً”.
كما عقبَ وزير العدل التركي عبد الحميد غول،على قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قائلاً “سننظر في شأن هذا القرار. سيكون الحكم في النهاية للسلطة القضائية المعنية بهذا الموضوع”. تلك التصريحات الغير مكترة لحكم المحكمة جعلت المتحدث باسم الأمين العام لمجلس أوروبا، دانييل هولتجين، يشدد قائلاً “القرارات الصادرة عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان مُلزمة لجميع الدول الأعضاء، وفق نص المادة 46 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان”.
استندت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، في قرارها،علي ثلاثة انتهاكات لحقوق الانسان.
الانتهاك الأول: استمرار الحكومة التركية في اعتقال دميرطاش مدة طويلة، والتعدي على حقه في المحاكمة العادلة، بالإضافة الي عدم استناد المحكمة إلى ذرائع وأدلة ملموسة تُبرِّر هذا الإجراء من جانب المحكمة التركية.
الانتهاك الثاني: يتعلق بحق الفرد في “الترشح للانتخابات، والإدلاء بصوته”. يؤكد قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان حدوث انتهاكات في هذا الشأن فيما يخص دميرطاش؛ سواء فيما يتعلق بحرمانه من حقِّه في الترشح للانتخابات، أو بالتضييق على الناخبين للتصويت لصالح دميرطاش؛ بسبب استمرار اعتقاله بما يتنافى مع المادة رقم 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. بحسب تقرير لموقع (أحوال تركية).
الانتهاك الثالث:يتعلق بتأثير رئيس الجمهورية أردوغان على حيادية القضاء التركي ، الأمر الذي جعل مبرر الاحتجاز يتجاوز الشكل القانوني؛ ليأخذ أبعاداً سياسية أخرى؛ تستهدف إسكات أصوات المعارضة في الأساس.هذا ما تعتبره المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان انتهاكاً لنص المادة رقم 18 من القانون الدولي أيضاً.
يذكر أن السلطة السياسية في تركيا قد عطَّلت بالفعل العمل بالمادة رقم 90 من الدستور الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية ؛ مما جعلها تبتعد كثيراً عن مفهوم دولة القانون.؛ الأمر الذي أضر كثيراً بمكانة تركيا الدولية.
يري المراقبون أن تركيا ستجد نفسها في النهاية مضطرة إلى تنفيذ أية اتفاقية دولية وقعت عليها. أما قول السلطة السياسية إنها لا تعترف بقرارات المحكمة، أو أن هذه القرارات لا تروق لها، فلن يجني على تركيا سوى المزيد من اهتزاز الثقة في الدولة في الداخل والخارج. وهو ما سيجعل السلام في تركيا أمراً مستحيلاً.