بقلم: مايسترو
صورة من قمة العشرين تغني عن ألف كلمة
في ختام أعمال قمة مجموع “G 20” الدولية المنعقدة في بوينس آيرس الأرجنتينية، صرح أردغان في مؤتمر صحفي عقده يوم السبت الموافق الأول من ديسمبر ـــ على هامش أعمال القمة ـــ بأن بلاده لا تزال تصر على ضرورة تسليم السعودية للمسؤولين عن قتل خاشقجي للجانب التركي؛ مضيفا “… هذه القضية لا تخص تركيا فحسب وإنما تخص العالم برمته !!!
ألا يدرك هذا الرئيس أن النائب العام السعودي وجه الاتهام بالقتل العمد لخمسة من المتهمين ــ إجمالي عدد المتهمين في القضية 11 متهماً ـــ وطالب بتوقيع عقوبة الإعدام عليهم في هذه القضية؛ وأن جميع المتهمين من السعوديين..فبأي سند قانوني يطالب الرئيس التركي تسليمهم! أليس من الأولى وبذات المنطق أن يُقَدم أردغان وعناصر مخابراته الذين قاموا بعمليات خطف لمعارضين خارج تركيا ــ من كوسوفو وأكرانيا وغيرهما ــ وقيامهم بإعادتهم قسراً لتركيا وإخضاعهم للمحاكمات.. وقد اعترف بهذا علناً إبراهيم كالين مستشار الرئيس وأحد المتحدثين باسمه.
هذا وتمثل قضية خاشقجي فشلاً أمنيا لتركيا؛ إذ إن الجناة رغم ارتكابهم الجريمة ومع متابعة أجهزة المخابرات التركية لوقائعها بزرع أجهزة تنصت داخل السفارة، فإنهم لم يقوموا بالقبض على الجناة بعد ارتكابهم لجريمتهم، وهم في طريقهم للمطار للعودة للسعودية.. كما لم تضبط الجثة أيضاً رغم تهريبها خارج السفارة.. ! فهل تغافلت السلطات التركية عن هذا الهروب؛ بالطبع لا، حيث كانت فرصتها الذهبية للمقايضة بالقضية.. وهو ما يمثل إخفاقاً أمنياً جسيماً لا يغتفر، بل وعلى النائب العام السعودي توسيع التحقيقات في القضية لتشمل متهمين محتملين من الأتراك العاملين بالسفارة السعودية؛ المتورطين بزرع أجهزة تنصت أو مراقبة داخل مقر السفارة، وتوجيه الاتهام إليهم مع إصدار أمر بضبطهم وإدراجهم على قوائم ترقب وصول للقبض عليهم حال دخولهم للمملكة؛ فربما يحضر أي منهم يوماً للسعودية لأي سبب؛ حتى لو كان لأداء عمرة أو حج.. .
حقاً لقد شهدت أعمال قمة العشرين الأخيرة المنعقدة في بيونس أيرس فشلاً سياسياً ذريعاً وغير مسبوق لأردوغان؛ حيث تقابل الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي مع كافة زعماء العالم ــ عدا أردوغان بالطبع ــ ممن حضروا القمة وتمت هذه اللقاءات بشكل طبيعي؛ بل وغالبيتها تم بترحيب بالغ وفي أجواء تتسم بالود.. أما السيد أردوغان فقد ألغى الرئيس الأمريكي لقاءً رسمياً كان مقرراً بينهما.. وظهر الرجل منعزلاً، ثم حاول الحفاظ على ماء وجهه بترتيب لقاء مع الرئيس الروسي بوتين، الذي أعلن في اللقاء عن ضرورة حل مشكلات إدلب؛ ولعل لغة جسد ونظرات بوتين خلال اللقاء الذي جمعه بأردغان لهي خير دليل على اتخاذ الرئيس الروسي لموقف حازم من سياسة تركيا وتدخلاتها في قضية إدلب.
حقاً لقد مثل الحضور القوي لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان باعتباره الزعيم العربي الوحيد الحاضر للقمة؛ وما شهدته مراسم استقباله والاهتمام الإعلامي الواسع بلقاءاته وكافة تفاصيل تحركاته.. باعتبارها الحدث الأبرز للقمة، بينما كان الحضور الأردوغاني باهتاً رغم محاولة الأخير اليائسة لفرض قضية خاشقجي على الواجهة، من خلال مؤتمر صحفي عقده على هامش أعمال القمة ردد فيه ما سبق وردده بشأن تلك القضية ولا من مجيب.. لقد خسر أردوغان كثيراً ــ وللأسف الدولة التركية أيضاً ـــ في الإدارة السياسية والأمنية لملف قضية خاشقجي؛ فهو لم يخسر السعودية فقط وإنما غالبية الدول العربية المؤثرة أيضاً.