برلين (زمان التركية)ــ تصريحات أردوغان الغاضبة، التي جاءت ردًا علي قرار المحكمة الأوربية بضرورة الإفراج عن الزعيم الكردي المعتقل “صلاح الدين دميرطاش” والتي قال فيها أن حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان “هو والعدم سواء” تعكس مدي تخوف الحكومة التركية من إطلاق سراح المرشح الرئاسي السابق “دميرطاش”.
علاوة علي أن خروج مثل هذه التصريحات من رئيس الدولة التركية تؤكد غياب سيادة القانون في تركيا بل تعتبر في حد ذاتها خرقاً للمادة 90 من الدستور التركي، التي تنص على أن جميع المعاهدات الدولية، مثل المعاهدة الأوروبية لحقوق الإنسان، ملزمة لأنقرة في نهاية المطاف.
“لم تترك شيئاً من حكم القانون! ناهيك عن القانون الدولي، لقد انتهكت تشريعات الجمهورية التركية!” هكذا قال البروفيسور” باسكن أوران”، أحد أبرز خبراء تركيا في السياسة الداخلية والخارجية، فانعدام القانون أصبح هو السائد في تركيا.
ووجه البروفيسور “أوران” النقد اللازع لسياسة “نظام الرجل الواحد ” في تركيا، قائلا لأردوغان “لن أتصل بك لحكم البلاد بشكل صحيح، لأنه بعد كل هذه الأشياء التي حدثت، بات الأمر صعباً للغاية. فقط لا تدهس القانون، هذا كل شيء” علي حسب ما ورد في موقع “أحوال تركية”.
لم يعد للقانون التركي أو الدولي مكانا وسط تلك السياسات التي يتبعها أردوغان وأعوانه ليس هذا فحسب بل أصبحت النبرة المتعجرفة هي لازمة أردوغان ووزراء حكومته تجاه المؤسسات والشخصيات الغربية المعارضة لسياستهم .
علاوة علي تسخير وسائل الإعلام التي تسيطر عليها الحكومة في شن هجماتها في شكل عناوين صارخة، وفي الأيام القليلة الماضية كانت تلك الهجمات من نصيب شخصان بارزان في الاتحاد الأوربي خلال زيارتهم لأنقرة في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري. عندما قامت فيديريكا موغيريني، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، ويوهانس هان، مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون الدول المرشحة لعضوية التكتل، بمحاولة طرح ما يعتقدان أنها معاملة تعسفية للمنتقدين والمعارضين في تركيا وقوبل ذلك برد من وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو بالتأكيد علي أن احتجاز المعارضين وغيرهم ضروري وأن على الاتحاد الأوروبي أن يتوقف عن إيواء الإرهابيين الذين يهدفون إلى تدمير تركيا.
كما قال “من غير المعقول أن يدافع الاتحاد الأوروبي عن الأشخاص الذين ارتكبوا أفعالاً تهدف إلى الإطاحة بالحكومة المنتخبة في تركيا لمجرد أنهم أعضاء في المجتمع المدني”.
من الواضح أن أردوغان لم يعد يرى أي فائدة للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أو الاتحاد الأوروبي. لقد حقق السلطة المطلقة.
يذكر أن أردوغان كان قد ناشد المحكمة الأوربية عندما حكم عليه بالسجن منذ أكثر من عشرين عاما، وعندما تولى أردوغان منصبه كرئيس للوزراء وشعر بالتهديد من قبل الجيش، كان مصطلح “الاتحاد الأوروبي” في كثير من الأحيان على لسانه.
أما الآن فهو يلعب بمهارة على نقاط ضعف المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان، والتي رأى كيف أضر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس أذربيجان إلهام عليف بمصداقيتها من خلال تجاهل أحكامها أو بكسب الوقت حتى وهما يواصلان حبس الأشخاص لسنوات.
كما أنه يراهن على حقيقة، أن مجلس أوروبا يمكنه فقط تجميد عضوية تركيا، ناهيك عن استبعادها.
أما بالنسبة إلى دميرطاش، فقد كان أردوغان حريصاً في خطابه علي إظهاره كإرهابي تلقى أوامره من حزب العمال الكردستاني خوفاً مما يمكن أن يحدث إذا تم إطلاق سراحه من السجن، لأن شخصية كاريزمية ولها شعبية كدميرطاش يمكن أن تهدد عرشه، لذلك لايملك أردوغان خيار السماح لمحاكمه بإطلاق سراحه.
خلاصة القول، بالطبع أنه بمجرد أن تصل الاستبدادية إلى هذا الحد، فإن الطريق الوحيد المتاح أمام الطغاة هو الطريق الذي اختاروه. أولئك الذين يسترضونهم يعيشون في حالة من الإنكار.