لندن (زمان التركية) – تناول الكاتب الصحفي التركي “غوكهان باجيك” الدور المخيب للمعارضة العلمانية في الواقع التركي، في مقاله الذي نشره موقع “أحوال تركية”.
أرجع “باجيك” أسباب سقوط اليسار العلماني في كل من تركيا وأروربا إلى تصرف وسلوك المثقفين العلمانيين في تركيا، والديمقراطيين الاشتراكيين في أوروبا، كحركات دينية أو أخوية إلى حد كبير، ووضعهم حواجز سميكة لإبعاد الآخرين، في حين أن قصصهم المختزلة تصور أنفسهم على أنهم المجموعة الوحيدة التي تولي اهتماماً بالديمقراطية.
ويرى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان استطاع الاستفادة من التيار العلماني الذي يحتل المرتبة الأولى بين خصومه في تحقيق أهدافه، فهو لا يريد القضاء عليهم نهائيا؛ لأنه المستفيد الأكبر من نقدهم، سواء كان من خلال أعضائهم في البرلمان التركي أو شاشات التليفزيون، لأن نقدهم هذا يساعد في إضفاء الشرعية على نظامه الإسلامي.
وفي سياق متصل يوضح “باجيك” المميزات التي وجدها الرئيس أردوغان في إخوانه العلمانيين.
الميزة الأولى تتعلق بالمسألة الكردية. فالعلمانيون يدعمون السلام مع حزب العمال الكردستاني، وهو موقف حزب الشعب الجمهوري، وهذا الموقف يجعل المعارضة العلمانية تبدو وكأنها تدعم أعداء تركيا الإرهابيين، إذ تصنف تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حزب العمال الكردستاني كجماعة إرهابية.
وسواء كانت أنقرة تقاتل حزب العمال الكردستاني، أو تجري محادثات سلام، فإن أردوغان يخرج بمظهر جيد.
تتعلق الميزة الثانية بجهد أنقرة المستمر لتفكيك حركة فتح الله غولن، التي يتهمها الرئيس بتدبير محاولة الانقلاب الفاشل في عام 2016. ويساعد المثقفون العلمانيون، بمشاعرهم المناهضة لأنصار غولن، في إضفاء الشرعية على معركة أردوغان وجني المكاسب السياسية.
ويضرب “باجيك” أمثلة على ذلك من خلال تصرفات بعض العلمانيين التي ترضي أردوغان، فعندما تم إلقاء القبض على أحد المفكرين العلمانيين البارزين في الآونة الأخيرة، قال إن ما هو مخجل بالنسبة له ليس إلقاء القبض عليه، بل اتهامه بالانتماء لحركة غولن. وقال علماني آخر أُلقي القبض عليه إن التهم الموجهة إليه جاءت من لائحة اتهام كتبها ممثل ادعاء ينتمي لحركة غولن قبل سنوات ويرحب أردوغان بردود الأفعال هذه، لأنه يفلت من تحمل اللوم.
يؤكد باجيك أن عقلية المثقفين العلمانيين هذه ساعدت أردوغان في تحقيق أهدافه وترسيخ حكمه.
كما يرجع الحالة المحزنة التي تعيشها تركيا الآن لفشل المعارضة الأساسية في تركيا التي يمثلها العلمانيون من خلال حزب الشعب الجمهوري والذي يتبع سياسة الاسترضاء بدلا من انتقاد الحزب الحاكم وإظهار عيوبه ويصف حديثهم بالبعيد عن كونه عالمياً، لأنه لا يخاطب الكثير من ضحايا النظام السلطوي اليوم، مثل الأكراد أو الأعضاء المتهمين في حركة غولن.
ولأن حديثهم يقلل من حجم المشكلات السياسية التي تواجه تركيا اليوم. فنبغي على العلمانيين، مثل حزب الشعب الجمهوري، أن يعبروا عن غضبهم اليومي رداً على تقطيع أردوغان لأوصال المؤسسات التركية والتآكل المطرد للديمقراطية.