موسكو (زمان التركية) – تناول الكاتب “ديميتار بيشيف” في مقال له نشر على موقع “أحوال تركية” موضوع اتفاقيات الطاقة بين تركيا وروسيا والمكاسب التي ستحصل عليها كل منهما.
ويقول ديميتار إن مشروع خط الأنابيب المعروف باسم “ترك-ستريم”، والمقرر أن ينقل الغاز الروسي أسفل مياه البحر الأسود إلى تركيا، تحول إلى حقيقة واقعة. فقبل أيام قام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في زيارته إلى تركيا مع نظيره التركي الرئيس أردوغان بتدشين الجزء الذي يمر أسفل المياه من المشروع وذلك وسط مراسم مميزة. وقدم بوتين الشكر لمضيفه أردوغان على “الإرادة والشجاعة السياسية” التي ساعدت على إنجاز ما وصفه بأنه “الجزء الأكثر صعوبة من المشروع.”
كما قال أردوغان إن “ترك-ستريم مشروع يتناسب مع الأهمية التاريخية للعلاقات الثنائية وللأهمية الجيو-السياسية التي تحظى بها أمور الطاقة في منطقتنا.”
ويتكون المشروع من خطي أنابيب، سعة كل منهما 15.75 مليار متر مكعب نحو 35 بالمئة من استهلاك تركيا السنوي من الغاز ونحو نصف ما تستورده تركيا من الغاز الروسي. والخط الثاني يمر عبر خط الأنابيب “بلو-ستريم”، وهو مشروع آخر أسفل مياه البحر الأسود، بدأ تشغيله في منتصف العقد الماضي.
لقد ساعد مشروع “ترك-ستريم” شركة جازبروم (وهي شركة تابعة للدولة الروسية) على وضع قدم في سوق مربح، كما أنه أغلق الباب أمام منافسين مثل إيران وأذربيجان في دخول السوق التركية، خاصة مع عدم وجود نمو في الطلب.
وفي العام السابق بسبب الأجواء شديدة البرودة خلال الشتاء سجلت جازبروم صادرات غير مسبوقة إلى تركيا بواقع 28.6 مليار متر مكعب.
ويرى ديميتار في مقاله بموقع أحوال تركية أن مشروع “ترك _ستريم” فيه انتصار سياسي لروسيا ومن ناحية أخرى يعتبره لطمة للاتحاد الأوروبي الذي رفض مشروع “ساوث ستريم”، وهو مشروع سابق تمر أنابيبه أسفل المياه بين روسيا ومنطقة البلقان.
وأضاف بأن مشروع “ترك-ستريم” سيكون شوكة في حلق الولايات المتحدة، بالنظر للضجة التي أثارتها إدارة الرئيس دونالد ترامب حول مشروع خط أنابيب “نورد-ستريم 2” المتجه إلى ألمانيا.
أما من الجانب التركي فيؤيد الكاتب أردوغان فيما قاله؛ وهو أن خط الأنابيب سيعزز النفوذ الجيو السياسي لتركيا في المنطقة.
مشروع “ترك ستريم” سيحول تركيا من مستهلك إلى محطة نقل للطاقة
السياسيون وصناع القرار يتحدثون دائما عن تحويل تركيا في المستقبل إلى مركز للطاقة من خلال موقعها الإستراتيجي في منتصف الطريق بين أوروبا الغربية ودول الشرق الغنية بمصادر الطاقة.
كما أن هذا الربط المباشر مع روسيا ينهي الاعتماد على الغاز الذي يمر عبر أوكرانيا ورومانيا وبلغاريا. والأكثر أهمية هنا أن مشروع “ترك-ستريم”، وما يسمى “ممر الغاز الجنوبي” يحولان تركيا من مستهلك إلى محطة لنقل للطاقة.
فما إن يكتمل الجزء الأرضي من المشروع، سيكون بوسع خط الأنابيب نقل 15.75 مليار متر مكعب أخرى إلى الحدود التركية مع كل من بلغاريا واليونان.
لكن لنقل الغاز أبعد من ذلك، تحتاج جازبروم إلى الامتثال لقواعد المنافسة المطبقة من قبل الاتحاد الأوروبي التي تقضي بالسماح للمنافسين باستخدام البنية التحتية التي تنوي إنشاءها.
بعبارة أخرى، فإن المسائل الإجرائية التي عرقلت مشروع “ساوث-ستريم” قبل سنوات عديدة لا تزال دون حل. والآن تفتقر روسيا وتركيا لأوراق المساومة التي تجبر الأوروبيين على تقديم تنازلات.
كما أن المفوضية الأوروبية تحتاج لأن تكون جزءا من الأمر. فمع قرب موعد انتخابات البرلمان الأوروبي، والمقررة في مايو المقبل، حيث سيتولى فريق جديد مهمة القيادة في مؤسسات الاتحاد الأوروبي في بروكسل، فإن أي مفاوضات مع الحكومة الروسية لن تسفر عن نتائج سريعة.
وأخيرا يرى ديميتار أن روسيا هي الطرف المستفيد من اتفاقات الشراكة في مجال الطاقة، وليس تركيا، في ظل تقديم أردوغان إلى بوتين امتيازات كبيرة على طبق من فضة، ولعله يتطلع لأن يقبض الثمن.