برلين (زمان التركية) ــ في السنوات القليلة الماضية ازدادت الحملات العسكرية التي تقوم بها تركيا متعدية حدودها مع سوريا والعراق، والهدف المعلن لتلك العمليات هي مكافحة الإرهاب والجماعات المتطرفة، إلا أنه في الوقت ذاته تقول معلومات إن جماعات إرهابية تنشط في تركيا تحت سمع وبصر الحكومة.
فتلك الجماعات التي تحاربها تركيا خارج حدودها لها وجود فعلي على الأراضي التركية، متخذة من العمل الخيري ستارًا لها، وذلك على العلم الكامل من جانب السلطات التركية بوجود تلك المنظمات وسط تساهل من الحكومة.
وفي تقريره الأخير كشف “مركز ستوكهولم للحريات” النقاب عن الوجود الفعلي لمنظمتين تقودهما أسماء معروفة بانتمائها لتنظيمي القاعدة وداعش في جنوب شرق تركيا قرب الحدود السورية والتي تقوم بتدريب المسلحين وإرسالهم لمناطق القتال في سوريا والعراق .
وأشهر تلك الجمعيات هي “جمعية الشباب الموحدين للتربية والثقافة والعلوم الاجتماعية والإحسان”، وهي جماعة تزود الشباب الأتراك بأفكار راديكالية، وتجمع الأموال لتوفير إمدادات لوجيستية للجماعات الإرهابية مثل القاعدة وفروعها.
يدير تلك الجمعية “عيتاك بولات” وهو قيادي معروف في تنظيم القاعدة منذ عام 2001.
وفي عام 2002 اعتقلته السلطات التركية، لكن بعد وصول حكومة أردوغان إلى السلطة في نوفمبر، تشرين الثاني 2002، أطلق سراح بولات مع العديد من المتطرفين، كجزء من مشروع قانون العفو الذي تم تمريره عبر البرلمان من قبل حزب العدالة والتنمية الحاكم، وفي يناير/ كانون الثاني 2008، ألقي القبض على بولات مرة أخرى بعد مداهمة للشرطة في مدينة غازي عنتاب جنوب البلاد، وطالب المدعي العام بأحكام سجن تراوحت بين 7 و16 عامًا بالنسبة للمتهمين بالإرهاب، لكن مرة أخرى تم إطلاق سراحه وجميع المشتبه بهم الآخرين في يناير/ كانون الثاني 2009.
في الوقت الحالي يواصل بولات وزملاؤه العمل في جنوب تركيا تحت غطاء المنظمات الخيرية، رغم وصف محكمة لمؤسسته بـ”بوابة داعش”، فيما امتنعت الحكومة عن الرد على تساؤلات برلمانيين معارضين عن نشاطه، وتجاهلت وسائل الإعلام الموالية لأردوغان تغطية القضية.
وتعمل منظمة “بولات” مع جمعيات أخرى تحت الستار الخيري، أهمها منظمة تعرف باسم “جمعية الإحسان للتعليم والثقافة والسلام والتضامن” التي تستخدم شعار لها، مقاتل يركب حصانا ويحمل علم التوحيد.
ويتعاون مع المنظمتين ما يزيد على 20 جمعية أخرى أصغر، على ارتباط بالقاعدة و”داعش” في المقاطعات القريبة من الحدود مع سوريا، لكن الحكومة التركية لم تتخذ أي إجراءات بحقها.
وفي 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2014، كشف الكاتب في صحيفة “حريت” يالجن باير عن رسالة تلقاها من أحد قرائه، قال فيها المرسل إن بعض أقاربه انضموا إلى “داعش” في سوريا بعد أن بدأوا التردد على محاضرات تنظمها جمعية بولات، وشكا القارئ من أن إدارة الشرطة في غازي عنتاب التي لم تبال بشأن مخاوف الأسر بسبب انضمام أبنائها إلى “داعش”.
بل إن رد الشرطة جاء فيه إن “الجمعية لا تقوم بأي شيء غير قانوني، ما تقوم به ببساطة توفير الدورات الدينية”.
كما قال القارئ إنه حاول نقل مخاوفه لمديري الجمعية، لكن تم تهديده بالإيذاء إن لم يلتزم الصمت.
وأوضح أنه تعرف على شخص يدعى أنيس بن قعب (وهو على الأرجح اسم حركي)، كان يجمع مقاتلين للانضمام إلى المتطرفين في سوريا، يعتقد أنه جذب حوالي 6 آلاف شخص إلى “داعش”، ورغم الشكاوى التي قدمت للشرطة ضد هذا الرجل لم يتم إجراء تحقيق بحقه، ولكنه احتجز لفترة وجيزة على الحدود التركية السورية.