القاهرة (زمان التركية) – أثنى الكاتب اللواء محمد الغباشي في مقال له بصحيفة (الأهرام) المصرية على الزيارات الخارجية للرئيس المصري عبد الفنتاح السيسي معددًا مزاياها، ولفت بشكل خاص إلى أهمية اللقاءات الثلاثية بين مصر واليونان وقبرص باعتبارها تفتح “آفاقا للتعاون بين مصر ودول المتوسط وأوروبا”، وهو بلا شك تحالف يزعج تركيا بشكل كبير.
وفيما يلي نص المقال:
تتزامن خطوات الرئيس عبد الفتاح السيسي بزيارات ناجحة الى الصين وروسيا وقبرص واليونان والسودان وألمانيا فى هذا التوقيت الذى تمر فيه منطقة الشرق الاوسط بمنعطف خطير، حيث تنوعت الزيارات الرسمية بين عدة دول عربية وأوروبية وآسيوية كبرى وعملاقة فى المجال الاقتصادى والعسكرى، حيث ركز الرئيس منذ توليه الرئاسة على تحسين العلاقات المصرية بالدول الفاعلة فى المنطقة والعالم لممارسة دورها الدولى والإقليمى وعدم ترك الساحة الدولية مرة أخرى، واحتلت قضية دعم الاقتصاد المصرى وتهيئة البيئة المناسبة لجذب الاستثمارات الأجنبية صدارة اهتمامات القيادة السياسية, وأيضا فى المجال العسكرى بتنويع مصادر السلاح ورفع قدرات الجيش المصرى، القتالية والارتقاء بالاستعداد القتالى، وتزويد القوات المسلحة بنوعيات جديدة من الأسلحة للحفاظ على الامن القومي المصري، تشهد العلاقات المصرية الصينية طفرة كبيرة خلال الفترة الحالية، فالرئيس السيسى قام بزيارة الصين للمرة السادسة، وهذا يعطى مؤشرا على تطور العلاقات الثنائية بين البلدين ووصولها لقمة التفاهمات فى العلاقات الاستراتيجية وزيادة الاستثمارات والتبادل التجارى بين البلدين، والذى وصل إلى 11 مليار دولار، والصين تعتبر مصر بوابة إفريقيا لتميزها بموقعها الجغرافى. وتفتح اللقاءات الثلاثية بين مصر واليونان وقبرص آفاقا للتعاون بين مصر ودول المتوسط وأوروبا، خاصة فى مواجهة الإرهاب الذى يمثل تهديدا للإنسانية كلها، ومصر جمعتها علاقة شديدة الخصوصية منذ ثورة الثلاثين من يونيو مع اليونان وقبرص وتأكيد التعاون فى مكافحة الإرهاب، والتوافق فيما يرتبط بآبار الغاز، ومواجهة التهديدات التركية للمنطقة، وترسيخ التعاون من أجل استقرار شرق المتوسط. رسائل عدة يحملها تكثيف التعاون العسكرى المصرى اليونانى خلال الفترة الأخيرة خاصة بعد اكتشاف آبار غاز فى منطقة شرق المتوسط والتدخلات التركية والاسرائيلية فى هذه المنطقة مما يجعل للمناورات المشتركة بين الدول الثلاث رسالة ردع مهمة لكل من تركيا وإسرائيل، ودعم تحالف مصر – اليونان قبرص الذى دشنه الرئيس السيسى للعمل المشترك من أجل تنمية الموارد وترسيم الحدود البحرية ومصر تبعث برسائل عدة من بينها أنها قادرة على حماية مصادر الطاقة الخاصة بها.
وتكشف زيارة الرئيس السيسى لروسيا عمق العلاقة بين البلدين خلال السنوات القليلة الماضية، وهذه الزيارة نتج عنها توقيع العديد من الاتفاقيات منها اتفاقية الشراكة الشاملة والتعاون الاستراتيجى، وملف إنشاء محطة الضبعة النووية، والمنطقة الصناعية الروسية فى منطقة شرق قناة السويس هذه ستجلب المزيد من الاستثمارات، وعودة الطيران الروسى إلى الغردقة وشرم الشيخ لأن السياحة الروسية تمثل 3.5 مليون سائح تنعش السياحة وزيادة الدخل لعدد من الاسر المصرية، وتصنيع 1300 عربة قطار لصالح مصر مع إنشاء مصنع لتصنيع عربات القطارات فى مصر يعود بالفائدة لمصر مع توفير 35 ألف فرصة عمل جديدة مع زيادة حجم التبادل التجارى مع روسيا والذى وصل إلى 6.7 مليار دولار و إعلان عام 2020 عاما للتبادل الثقافى بين البلدين وزيادة المنح الدراسية للطلاب المصريين الراغبين فى الدراسة فى روسيا، كما رحبت روسيا بانضمام مصر الى مجموعة «اوراسيا» مما يعود بالفائدة على الاقتصاد المصرى لافتا إلى أن الزيارات المتبادلة بين الرئيس السيسى ونظيرة الروسى أسهمت فى ارتفاع معدل التبادل التجارى حتى منتصف 2018 بنسبة 20%.
وقد دشنت زيارة الرئيس السيسى للسودان عهدا جديدا من التعاون المشترك بين البلدين، وأكدت وحدة المسار والمصير بين شعبى وادى النيل، والشراكة الإستراتيجية بين الجانبين وخرجت بالكثير من النتائج خاصةً على الجانب الاقتصادى، وتم توقيع عدد من الاتفاقيات بين الجانبين للتعاون فى جميع المجالات، خاصة المشروعات الاستثمارية ومشروعات البنية الأساسية وفى مجالات النقل والسكك الحديد ومشروعات الأمن الغذائى. ومصر والسودان لا يسعيان للتعاون الثنائى فقط، بل للتكامل، وإقامة شراكات إستراتيجية للمنطقة العربية أجمع مع التشاور والتنسيق المستمر بمنطقة البحر الأحمر، وتقدر الاستثمارات السودانية فى مصر بنحو 81 مليون دولار وبلغت الاستثمارات المصرية فى السودان 799 مليون دولار، ويبلغ حجم التبادل التجارى بين البلدين نحو 364 مليون دولار خلال أول 8 أشهر من2018 ،كما أن التوجه المصرى نحو السودان هو توجه واضح وهو التنسيق الكامل ودعم المصالح الاستراتيجية بين البلدين مما يتطلب التعاون العسكرى والأمنى فى تأمين الحدود ومكافحة الإرهاب والاتجار بالبشر ومحاربة الهجرة غير الشرعية وتهريب السلاح والمخدرات وتعزيز الأمن فى البحر الأحمر التركيز على الأدوار المحورية للقوات المسلحة فى البلدين.
وقد شهدت العلاقات المصرية- الألمانية تطورات كبيرة خلال السنوات الأربع الماضية عقب ثورة 30 يونيو بعد أن استطاعت الدبلوماسية المصرية تصحيح الصورة المغلوطة عما جرى فى مصر ،وظهر ذلك فى اللقاء الاخير بين الرئيس السيسى والمستشارة الالمانية ميركل والتى أشادت بجرأة القرار المصرى فى القضايا الإقليمية وأكدت أن مصر بوابة إفريقيا، وأساس التنمية فى الشرق الأوسط, ويمثل الجانب الاقتصادى أحد أهم جوانب العلاقات بين مصر وألمانيا، والتى تدرك أن مصر مقصد استثمارى مهم وسوق واعدة، حيث تم توقيع مجموعة من مشروعات فى مجال الطاقة بنحو 12 مليار يورو مع شركة سيمنز الألمانية، حيث شاركت بنصيب كبير فى إنجاز ملحمة تطوير قطاع إنتاج الكهرباء فى مصر فى السنوات الأربع الماضية وبلغ حجم التجارة السنوى 5.8 مليار يورو، وألمانيا مهتمة بالعمل مع مصر فى مجالات مثل الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، وقدمت ضمانات للصادرات والاستثمارات لتمهيد الطريق أمام إبرام مزيد من الاتفاقات التجارية وفى مجال السياحة تمثل السوق الألمانية أهمية كبيرة لمصر، حيث زار مصر فى عام 2017 مليون و234 ألف سائح ألمانى. وتعود هذه الزيارات بالعديد من النتائج على جميع المستويات خاصة الاقتصادى والعسكرى كما استطاعت أن تعيد لمصر دورها ومكانتها الإقليمية والعالمية، وهو ما ظهر جليا فى بناء علاقات دولية متوازنة تراعى التطورات وتحافظ على التوازنات وتعظم المصالح الوطنية وتوضح خطوات النسر القراءة الدقيقة لقطعة الشطرنج الدولية والاقليمية لتخطو مصر بثبات الى تحقيق أفضل سبل التنمية المستدامة وزيادة القدرات القتالية للقوات المسلحة حفاظا على الأمن القومي المصري.