القاهرة (زمان التركية)ـــ تناول الكاتب المصري مهدي مصطفى في مقال بصحيفة الأهرام العربي، قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، بوصفها “مسلسل ممل” أداره إعلام الغرب الذي تمتلكه عدد من الدول تتحكم بالعالم.
وجاء في المقال: يتعرض الإقليم العربى للتصفية بدم بارد، لا فرق بين جمهورية أو ملكية، ولا فرق بين دولة تجنح للسلام، وأخرى تناكف السيد المجتمع الدولى.
والوقوف على الحياد خيانة. فلا تتفرج، ولا تترك قلبك وعقلك للتلاعب، لا تقل ولا تكتب إلا ما تعرفه، ولا تردد ما تنشره وسائل الإعلام الغربية، كأنه درس فى كتاب المحفوظات.
لا حرية مطلقة فى إعلام الغرب، كما تعتقد، فكل خبر منشور لم يعد مقدسا، حسب أصول الخبر، بل صار غرضا، والغرض مرض، وقد تعرضنا فى الأسابيع الماضية إلى مسلسل تركى ممل، لا يخلو من هذا الغرض.
وعرفنا ما هو المجتمع الدولى من سيل الأخبار، والتقارير، والتحقيقات التى نزلت على رءوسنا كالمطر، وتسببت فى تحريك وزراء خارجية دول، ورؤساء أجهزة استخبارات عالمية إلى الطيران إلى مقر الحاكم العثمانى فى أنقرة، فى مهمة بحث وتقصٍ، وكتابة سيناريو لما بعد الثانى من أكتوبر 2018.
سيناريو يشبه أفلام الرعب فى هوليود، حصار، ومنع، وتشويه، وتسفيه، وصولا إلى الصدام والمواجهة، وأمريكا تجيد هذه اللعبة الخطيرة، ويصدقها السفهاء، والمغفلون، والمغرضون، والإدلاء، والحالمون بوظيفة «الوالى»، ولو على الأنقاض.
والمجتمع الدولى ليس بقارات العالم الست، ولا الـ 193 دولة، أعضاء الأمم المتحدة الموقرة، بل هو بضع دول، كانت قد احتلت شعوب الأرض، فى غفلة من الزمن، وتعيش الآن حالة إنكار تاريخى، ولا تصدق أن قرار الشعوب بالفطام عن الاستعمار لا رجعة فيه، ولكن دول المجتمع الدولى المارق هذا تريد تكرار التاريخ بوصفة مجربة.
وصفة الادعاء بحماية حقوق الإنسان، جربوها فى الاتحاد السوفيتى، ونجحوا فى اختيار الإدلاء، ومن باب الدلال نعتوهم بالمنشقين الأبطال، وعادوا، وكرروا التجربة فى دول الإقليم العربى، ومن باب التغيير، نعتوهم بالنشطاء، وكلما اختفى ناشط، أخرجوا من جرابهم آخر، أشد نشاطا، وأكثر رغبة فى الخدمة.
كان أحمد الجلبى من أصول تركية صافية، ومن نفس المنبت جاء جمال خاشقجى أيضا، الأول جَلَبَ بوش إلى بلاد الرافدين، أما الثانى، عليه رحمة الله، فتخيل أنه سيكون «واليا» على المدينة، فى عصر تمتد فيه الخلافة العثمانية، من البصرة فى العراق، إلى نواكشوط فى موريتانيا، وليس بعارٍ أن تكون تحت حماية الباب العالى فى واشنطن.
والسادة أصحاب المجتمع الدولى، وهم يعدون على أصابع اليد الواحدة، لا يخترعون العجلة، ولا يأتون بجديد، بل يفعلون ما فعلوه سابقا.
ارتكاب حادث غامض، كالذى جرى فى أراضى أردوغان الجورجى، ووسائل الإعلام جاهزة، تقوم بدور المحقق، والقاضى، ومنفذ الحكم.
وبالفعل، بدأوا فى تنفيذ الحكم، فبيانات الدول الصناعية السبع، وهى نفس دول المجتمع الدولى، وهى نفس دول حلف الناتو، وهى نفس دول وسائل الإعلام الجبارة، نصبت السيرك، وكأننا أمام أكاذيب أسلحة الدمار الشامل العراقية.
عزيزى القارئ، كان الهجوم على طهران بسبب الاتفاق النووى، وكان الهجوم على تركيا بسبب القس أندرو برانسون، المعتقل فى سجون أردوغان، فلا تتعجب أن يطير الهجوم إلى دولة من دول الإقليم العربى..
فما العمل الآن على رأى السيد فلاديمير لينين؟
أولا، استعادة زمن أكتوبر 73، بمعناه الشامل.
ثانيا، تصفية الخلافات العربية، واستعادة كل دولة عربية مستبعدة إلى مقر جامعة الدول العربية، بكامل سيادتها.
ثالثا: تغيير البوصلة من دول المجتمع الدولى المزيف، إلى دول المجتمع الدولى الحقيقى، فالأخير لا يرغب ولا يريد أن يستعيد احتلال أراضى العرب، تحت ذرائع الخلافة، أو نشر الديمقراطية، أو نشر التمدين، وكأننا الهنود الحمر.
رابعا: إعمار ما خربه كابوس الربيع الأسود فى كل مدينة عربية، والإسراع بتشكيل قوة عربية مشتركة، تطمئن العباد على مصائر العيال والأوطان.
وكل أردوغان، وأنتم طيبون، وكل مجتمع دولى، وأنتم بخير وسلامة.