يضع فتح الله كولن التقوى في بعدها المعنوي والروحي في مقدمة رؤيته الإسلامية دائمًا.
“اليقين”
هو: “العلم القاطع السليم والصحيح الذي لا يشوبه أيُّ تردّدٍ أو شكٍّ” فيعني معرفة أسُس الإيمان ولا سيّما وجود الله والإقرار بوحدانيّته -التي هي أعظم أركان الإيمان- إقرارًا لا يحتمل شيئًا خلاف ذلك، وتمام الرضا والإيقان والإحساس به، والوصول إلى أفق العرفان الذي تكاملت معه ذات الإنسان، إنه الوصول إلى نقطةٍ تسمو على جميع النقاط التي تُوصّل إليها باستعمال سبلِ كشف مصادر المعرفة كلّها ووجود الأشياء، وأسرار الوجود والحقائق الإيمانية.
اليقين صفةٌ مهمّة جدًّا تُظهر أن الإيمان في الإسلام ليس كما في المسيحية أو في غيره من الأديان؛ بالإضافة إلى أنه يقوم ويعتمد على العلم القاطع، أو أنه يؤيد هذا الرأي على الأقل، بخلاف الفكر الحديث الذي يفصل ما بين العلم والإيمان بخطوطٍ قاطعةٍ محدّدة ويرى الإيمان مجرّد قناعةٍ تقليديةٍ وارتباطٍ بالشيء دون إحساسٍ بضرورة فهم ووعي جوهر الأمر وأساسه.
المتقي عند فتح الله كولن: مَن يتجنب مخالفة القوانين التكوينية كما يتجنب مخالفة أحكام الشرع.
ولليقين مراتبه؛ فمرتبة “علم اليقين”: هي الوصول إلى أقوى إيمانٍ وأقطع إذعانٍ بوصاية الأدلة الواضحة والبراهين الساطعة، بينما مرتبة “عين اليقين” هي: الوصول إلى معرفةٍ تفوق التعريف، تكسبها الروحُ بالكشف والمشاهدة -وهي الملاحظة والوعي بالقلب وبالأحاسيس الداخلية- والإدراك والاستشعار الذي لا يُدركه الفكر الحديث، أما مرتبة “حقّ اليقين” فهي الحظوة بمعيّةٍ ذات أسرارٍ، من دون حائلٍ ولا ستارٍ، تتجاوز التصوّرات، ومن دون كمّيّة ولا كيفيّة، وقد فسّر بعضهم هذه الخظوة بفناء العبد تمامًا من حيث ذاته وأنانيّته ونفسه، وقيامه بذات الحقّ سبحانه .
وباختصارٍ فإن اليقين يُعتَبَرُ أكبرَ وأقوى صفعةٍ وُجِّهت للتقليد والتعصّب والجهل والسفه والعبثيّة، وهو يُشَكّل -إلى جانب كونه أحد أسس الإسلام- واحدةً من نقاط رئيسة في رؤية فتح الله كُولَنْ الإسلاميّة.
بقلم/ علي أونال