بقلم مايسترو
القاهرة (زمان التركية) – شغلت قضية خاشقجي الرأي العام العالمي منذ بداية الشهر الجاري وحتى الآن، ولعل نقطة الانطلاق التي تمثل أهم محاور البحث في هذه القضية نراها تتمثل في تصنيف جمال خاشقجي؛ فهل هو:
* معارض سياسي اضطُر للهجرة حتى يستطيع أن يعبر عن رأيه بحرية؟
* أم أنه خائن.. فتعاون مع أجهزة مخابرات دولية بما يضر بمصلحة وطنه؛ حيث نفذ ما تمليه عليه هذه الأجهزة من إملاءات تصب في غير مصلحة السعودية.
وحقيقة لا أستطيع أن أصنفه؛ فكل المعطيات التي أمامي أنه معارض؛ وإن كان غير مقنع في قيامه بهذا الدور، وسيُدلي المتهمون غالباً في هذه القضية بمعلومات عن هذا الأمر، سواء في التحقيقات أم أثناء مثولهم أمام المحكمة؛ ومع هذا وحتى بفرض أنه خائن.. فأؤكد رفضي القاطع لقتله؛ فالتوجيه الأمثل في مثل هذه الحالات أن يتم القبض عليه ـــ وإن طال الزمن ـــ ومحاكمته محاكمة عادلة.
والحقائق المسكوت عنها التي أشرت إليها في عنوان المقال أقصد بها النهج الذي تتبعه أجهزة المخابرات العالمية في هذه الحالات؛ فالقاعدة عندها هي تصفية الخائن أو محاكمته أيهما أقرب.. دون إعلان عن هذه العمليات، ولعل قضية تسميم العميل الروسي “سكريبال” المتعاون مع المخابرات البريطانية خير شاهد على هذا، ورغم فشل الأجهزة الأمنية البريطانية في إقامة الدليل على التورط الروسي في العملية، إلا أنها اتهمت أجهزة المخابرات الروسية بارتكاب الجريمة؛ وبالطبع نفت روسيا ضلوعها في هذا الأمر.. ونحن كمحللين نرى أن في الأمر رداً قوياً على إسقاط الطائرة الروسية على أرض سيناء وهي في طريقها من منتجع شرم الشيخ المصري إلى سان بطرسبورج بروسيا في أكتوبر 2015، وعلى متنها 224 راكباً (217 مسافراً إضافة لـ 7 أفراد هم طاقم الطائرة) قُتلوا جميعاً في الحادثة.
وجدير بالذكر أن هناك مبدأ معمولاً به في عمل أجهزة المخابرات العالمية مقتضاه أنه: في حالة اكتشاف أمر عنصر من عناصر المخابرات أثناء قيامه بمهمة مخابراتية.. فتنفي الدولة صلتها بعميلها؛ ومع هذا تظل تسعى لإطلاق سراحه من سجنه خلال أي عملية من عمليات تبادل العملاء.
ولعل أهم زوايا قضية خاشقجي من منظور أمني وقانوني؛ هو ضرورة استجلاء الحقائق الكافية لتصنيف خاشقجي رحمه الله: هل هو معارض وصاحب رأي أم أنه خائن لبلده؟؟؟ مع تأكيدي ثانية على التحفظ على قتله بفرض خيانته؛ فالمحاكمة العادلة أولى به وبأمثاله. وجدير بالذكر أن القوانين المقارنة تقرر أشد العقوبات حال تحقق الإدانة في جرائم التخابر مع جهات أجنبية؛ فقانون العقوبات الفرنسي على سبيل المثال يقرر أشد العقوبات حال الإدانة في هذه الجريمة؛ حيث تنص المادة 411-4 على أنه “يعاقب بالسجن ثلاثين سنة لمن تخابر مع جهة أجنبية؛ مؤسسة أو منظمة خاضعة لسيطرة أجنبية، أو مع وكلائها، بهدف إثارة أعمال عدائية ضد فرنسا. وتوقع غرامة قدرها 450000 يورو”. كما نصت المادة 77 ب من قانون العقوبات المصري على أنه “يعاقب بالإعدام كل من سعى لدى دولة أجنبية أو تخابر معها أو مع أحد ممن يعملون لمصلحتها للقيام بأعمال عدائية ضد مصر”. وهكذا الحال في القوانين المقارنة.
وفي نهاية هذا المقال أتوجه برسائل لكل مِنْ:
أولاً: للرئيس ترامب: سعادة الرئيس ما موقفكم من قضية سنودن؛ عميل المخابرات الأمريكية الذي كشف أسراراً بالغة الخطورة؛ جمعها من خلال عمله وسربها عمداً عام 2013؟؟؟ من جانبي اعتبره خائناً لوطنه؛ ولا يُشفع له الادعاء برغبته في أن يُظهِر حقيقة أمور يرى أن بلاده جانبها الصواب بشأنها. سعادة الرئيس ترامب أليس سنودن: مطلوب حياً والأفضل ميتاً؟ ألم يوقع الرئيس أوباما صكاً بشأن سنودن مقتضاه “مطلوب حياً أو ميتاً..” أتمنى أن أسمع إجابة واضحة عن هذا السؤال، بما عهدناه فيك من صراحة ووضوح.
ثانياً : لجلالة الملك سلمان وولي عهده: تابعت بكل تقدير تقديمكم العزاء لأسرة جمال خاشقجي؛ ولعل هذا الموقف فيه رسالة وصلت للشعب العربي مفادها أن: الرجل في النهاية ابن من أبناء السعودية ـــ وإن جانبه الصواب في مسلكه حال حياته ــــ وهو الآن في ذمة الله؛ وأنكم ستحاسبون المخطئين في محاكمة عادلة؛ فتعزية أسرته تؤكد أنكم ماضون في إقامة العدل في هذه القضية، وبالتالي لن تسمحوا بأي ابتزاز سياسي للمملكة؛ خاصة من أدعياء حقوق الإنسان.. .
الرسالة الثالثة للسيد أردوغان وخلاصتها :
“من كان بيته من زجاج لا يرمي الآخرين بالحجارة”
خرجتم الثلاثاء الماضي والعالم كله ينتظر تقديم الأدلة التي وعدتم بكشفها بشأن قضية خاشقجي ولم تقدم سوى تساؤلات.. ومقترح بعيد عن الصواب القانوني؛ فذكرتم في معرض الخطاب أنه سوف تقدم كل الأدلة والتحقيقات لأي جهة تحقيق دولية حال طلبها.. وواضح بجلاء أن مستشاريكم القانونيين في غفلة.. فلا مجال للتدويل طالما أن المملكة العربية السعودية أعلنت عن الجريمة وبدأت التحقيقات بشأنها وستحاكم مرتكبيها؛ فالجريمة تخص مواطنا سعوديا ووقعت على أرض سعودية والمتهمون أيضاً سعوديون.. فكيف تقترح محاكمة المتهمين في تركيا؟ وهل كان لروسيا أن تطالب بمحاكمة قاتل سفيرها في موسكو؟
يا سيد أردوغان انتبه فأنت بموقفك من قضية خاشقجي ترتب لمحاكمتك دولياً؛ فأجهزة مخابراتك تورطت في العديد من الجرائم على المستوى الدولي؛ وبالطبع بأوامر منك شخصياً، واعترف عليك مستشارك؛ فقد صرح إبراهيم كالين كبير مستشاريك والمتحدث باسمك خلال مؤتمر صحفي في سبتمبر الماضي بأن المخابرات التركية تنفذ مهام اختطاف معارضي النظام الحاكم في تركيا، خاصة المنتمين لحركة الخدمة، وذلك في كل أنحاء العالم؛ تنفيذاً لتعليمات رئيس الجمهورية، وأنهم ـــ أي المعارضين ـــ لن يتنفسوا بحرية في أي مكان في العالم؛ وبهذا فالرجل ـــ إبراهيم كالين ـــ مستشار متخصص في التوريط؛ أقصد توريط الرئيس وأجهزة مخابراته… هذا وستظهر أدلة تؤكد إدانة المخابرات التركية في عملية اغتيال ثلاث ناشطات من المعارضة التركية بباريس في يناير 2013 بجانب أدلة على جرائم أخرى.. وهنا سينقلب السحر على الساحر؛ فأنتم تؤسسون وتعدون العدة لتوريط السعودية بينما تلف بفعلك هذا الحبل حول عنقك.. ففي المستقبل القريب هناك من سيقدم الأدلة المشار إليها؛ “ستدفع فاتورة شرائك لمنظومة s 400” .
وللحديث تكملة إن كان في العمر بقية…