أنقرة (زمان التركية) – نشرت صحيفة (حريت) التركية حوارًا مع الخبير في التحقيقات الجنائية وتقنياتها مسعود دميرباليك، دعم خلالها رواية الجانب السعودي بشأن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي.
وكان الصحفي السعودي جمال خاشقجي اختفى داخل قنصلية بلاده في إسطنبول في الثاني من الشهر الجاري التي توجه إليها لإنهاء إجراءات الزفاف من خطيبته التركية، وبعد نحو أسبوعين من اختفائه أعلنت الإدارة السعودية وفاة خاشقجي خلال شجار وقع داخل القنصلية.
وفيما يلي طرح لأبرز ما ورد في المقابلة المثيرة التي أجرتها صحيفة حريت التابعة لمجموعة دوغان ميديا التي اشتراها رجل أعمال مقرب من السلطات التركية، مع دميرباليك الذي شغل مناصب مختلفة كمحقق في المكتب الجنائي في إسطنبول، ومن ثم أنجز رسالة الماجستير في “الأبحاث الجنائية وتكنولوجياتها” بكلية جون جاي للعدالة الجنائية في نيوريوك:
سؤال: هل دبرت السعودية لقتل خاشقجي في تركيا؟
مسعود دميرباليك: “لا أعتقد أن الجريمة نتاج لخطة سرية ومقصودة، بل إنها ليست جريمة مدبرة. قد يكون الأمر مجرد حادث مفاجئ. يبدو لي الأمر أنه وقع أثناء الاستجواب مثلما يزعم، أو نتيجة لشجار أو حركة فورية وشديدة التوتر. ولاحقا تم إخفاء آثارها، لأنه لا يخطر ببالي دافع آخر سيفسر الارتباك غير الطبيعي للمسؤولين السعوديين والتزامهم الصمت لنحو أسبوعين ومساعيهم غير الاحترافية للتستر على الأمر.
كون الخمسة عشر شخصا الذين قدموا إلى تركيا والموجودين في القنصلية موظفين بالأجهزة الحكومية السعودية لا يجعل منهم قتلة محترفين. لم تكن هناك أية حراسة مرافقة لجمال خاشقجي. أنا متأكد أنهم لو كانوا احترافيين ويرغبون في تنفيذ عملية الاغتيال لتمكنوا من تنفيذها بكل سهولة في الشوارع.
إن كانوا قد خططوا لارتكاب الجريمة على أرضهم وبمسمع ومرأى من الجميع مثلما حدث فهناك تفسيران لهذا الأمر؛ إما أنهم أناس لا علاقة لهم بالاحترافية، أو أنهم سلموا خبرتهم واحترافيتهم لثقافة الطاعة.
سؤال: خاشقجي ذهب إلى القنصلية للحصول على وثيقة زواج. لماذا سيحدث شجار إن لم يكن مخططًا له؟
من الواضح والجلي أنه كان هنالك خطة، لكن لا أعتقد أنها كانت خطة تهدف للقتل. عناصر المخابرات السعودية التي كانت على علم مسبق بقدوم خاشقجي في ذلك اليوم قدموا مسبقا وجهزوا أنفسهم، لكن بالنسبة لي أرى أن الدافع وراء هذا كان بغرض الاستجواب، أو بدأ بشيء مثل إجباره على توقيع شيء، أو الحصول على معلومات منه أو إجباره على توقيع إفادة.
وتحول الأمر إلى مشاجرة بدنية أدت إلى جريمة قتل بسبب رفض خاشقجي الأمر واعتراضه عليه. وبعد هذه المرحلة التي لا رجعة فيها أدركوا أنه لا رجعة في هذا الأمر ونفذوا جريمة القتل، وعندما رفض خاشقجي القضايا الموجهة إليه تعرض للتعذيب والعنف. وفي النهاية قتلوه.
سؤال: ما دلالة إقالة رئيس المخابرات السعودية من منصبه؟
أعلن عن إقالة بعض الشخصيات المعنية من مناصبهم، وبجانب هذا اعتقل 18 شخصا في المملكة العربية السعودية. أرى أن هذه الحملة التي أعقبت الاعتراف التالي لصمت استمر أسبوعين هي جهود لإسقاط القضية من أجندة العالم بتقديم البعض كبش فداء، ولا أعتقد أنها خطوة صادقة، إذ أنهم لا يزالون يزعمون ” وفاته” عوضا عن ” مقتله” في تصريحاتهم الرسمية. يحاولون التقليل من الواقعة بخلق انطباع أنه توفى ولم يُقتل عمدا.
سؤال: ماذا عن مسألة تقطيع جثمانه؟
إن صحت ادعاءات تقطيع جثمانه فإن هذا وضع يصادف من الحين للآخر في جرائم القتل المفاجأة والغير متوقعة، فهذا يعكس أنهم كانوا سيستجوبونه ويقتادونه إلى السعودية، أو يجبرونه على فعل شيء، لكن ارتكبت بعض الأخطاء أودت بحياته فشرعوا في التخلص منه بتقطيعه والتخلص من جثمانه لينجوا بهذا من الأمر.
القاتل أو القتلة يرغبون في التخلص فورا من جثمان الضحية، وأول شيء يقومون بتقطيعه ودفنه أو حرقه في مناطق إن كانت الظروف مناسبة. يوجد في اللغة التركية مصطلح ” أن تكون ملكيا أكثر من الملك” أي أن تدافع عن قضية ما أكثر من صاحبها، ولهذا أقول أنها جريمة دبرت تقربا للملك.
سؤال: تقول أنهم أفسدوا الأمر. هل ترى أنها خطة غير احترافية؟
نعم، أرى الأمر هكذا، لأن السخافات في التطور الطبيعي للحادث تعكس لنا أن الخمسة عشر شخصا والقنصل أيضا نفذوا الاستجواب والجريمة والتخلص منها بطريقة ساذجة أو بمعنى آخر بشجاعة جاهل.
إن كانوا قد قدموا بهدف الاغتيال لاكتفوا بشخص أو شخصين كحد أقصى، وما كانوا لينفذوا الأمر داخل القنصلية على أية حال.
وإقحام 15 شخصًا في هذا الأمر من أجل الاستجواب أو الاختطاف وعدم معرفتهم ما ينبغي عليهم فعله لاحقا، من ثم مغادرتهم البلاد فجأة يعكس صدمة مواجهتهم بوضع مخالف للنتيجة التي كانوا يتوقعونها.