“أنتم تستطيعون نشر الأمن والطمأنينة فيمن حولكم، إن بقيتم أمناء ولم تنحرفوا عن الاستقامة. أجل إن استطعتم تحقيق هذا انفتح لكم قلب الإنسانية جمعاء على مصراعيه، وستتربعون في هذا القلب كما تربع أجدادكم من قبل. فإذا كنا نريد أن نكون أمة لها وزنها وكلمتها في الشئون الدولية المهمة، ونلعب دورًا بارزًا في تأسيس التوازن الدولي حيث إننا مضطرون أن نكون كذلك؛ فيجب أن نكون ممثلين للحق والعدالة وللاستقامة وللأمن”(1).
إن الإسلام يصنع السلام أولًا في ضمير الفرد، ثم في محيط الأسرة، ثم في وسط الجماعة، وأخيرًا يصنعه في الميدان الدولي بين الأمم والشعوب.
مهمتي هي قراءة ما أراد أن يقوله الشيخ فتح الله في هذه الفقرة وفي أمثالها من العبارات والفقرات المبثوثة في كتبه ومقالاته. ما أقدمه ليس أكثر من قراءة. ثم بعد بيان المعالم التي تنطوي عليها رؤيته للعالم؛ سأبين أهم مظاهر اختلال الواقع العالمي الراهن من منظور تلك الرؤية، وضمن هذا السياق أعرض الملامح الرئيسية التي اتسمت بها العلاقات بين العالم الإسلامي والغرب في التاريخ الحديث والمعاصر، لأصل بعد ذلك إلى سؤال المستقبل والآفاق التي تفتحها هذه الرؤية أمامنا من أجـل عالم أكثر سعادة، وأكثر أمنًا، وأكثر عدالة، وأكثر تسامحًا.
سأبدأ في البند “أولًا” بتقديم لمحة تعريفية معرفية عن الشيخ محمد فتح الله، ثم أقدم شرح الفقرة المختارة في البند “ثانيًا” لنتعرف منها على الأصول الإسلامية لرؤية العالم، وفي البند “ثالثًا” أوضح ملامح افتراق الواقع عن تلك الأصول، ثم أختتم ببيان محاور العلاج الذي يقدمه الشيخ فتح الله للخروج من هذا الواقع والوصول إلى حالة التوازن بمعايير المرجعية الإسلامية.
أولًا: التعريف بالشيخ فتح الله معرفيًا
إن سِيَرَ كثير من المصلحين والعلماء المجددين -وكبار القادة والزعماء عامة- تدلنا على أن الأفكار التي يدعون إليها والمشروعات التي ينجزونها، تؤدي دورًا مهما في توجيه مسار تطور مجتمعاتهم، وأيضًا في رسم ملامح العلاقات والصور المتبادلة بين شعوبهم والشعوب الأخرى. ومن هنا يغدو التعريف بهؤلاء أمرًا بالغ الأهمية؛ ليس فقط للوصول إلى فهم أفضل لأفكارهم واجتهاداتهم -وفق ما يوصي به علم اجتماع المعرفة- وإنما أيضًا في تقدير دورهم في تكوين الصور المتبادلة بين تلك الشعوب.
تدلنا سيرة حياة “الشيخ فتح الله كولن” -أو الشيخ محمد فتح الله “البسَّام” كما أحب أن أسميه بالعربية- على أنه سار على درب واحد من مبتدأ حياته إلى اليوم؛ فكان ولا يزال داعيًا من دعاة الإسلام، ومجددًا من الطراز الأول للخطاب الإسلامي في العصر الحاضر. ولم يكن يومًا غير ذلك، ولم يؤمن بتوجه غير إسلامي، رغم كثرة التيارات الفكرية والفلسفية التي ماج بها عهد الجمهورية التركية، منذ بدايته إلى مطلع القرن الحالي. ومع ذلك؛ نجد الشيخ مطلعًا بتوسع على نظريات ورؤى وأفكار التيارات والفلسفات الأخرى؛ ما كان منها في بلده وما كان خارجه، من الاتجاهات اليمينية واليسارية، الدينية والإلحادية، الليبرالية، والاشتراكية/الشيوعية، والقومية.
قراءاته المتعمقة والمستوعبة للنظريات الفلسفية والاجتماعية والعلمية الوضعية التي أنتجها العقل الغربي الحديث، جعلته يعي أهم المشكلات الوجودية والإيمانية التي يعاني منها الإنسان المعاصر، وجعلته أيضًا يلم بتيارات ونظريات الفكر الغربي الحديث، ومكنته من معرفة الحجج والأدلة والشبهات التي تستند إليها هذه النظريات وهي تشكك في حقائق الإيمان، وقصة خلق الإنسان، ووجود الخالق سبحانه، ومن ثم تُلقِي بالأجيال الجديدة في غياهب الإلحاد وضلالات الوجودية/العدمية. ومن أهم مؤلفاته التي تشهد له بتضلعه في تلك النظريات، وبراعته في مناقشتها، والإفادة منها أحيانًا، ودحضها والرد عليها بأدلة عقلية ونقلية أحيانا أخرى: كتاب “أسئلة العصر المحيرة” ويقع في مجلدين كبيرين، وكتاب “حقيقة الخلق ونظرية التطور”، وهو عبارة عن مسامرات ومحاضرات ألقاها في نهاية الستينيات من القرن الماضي. وفي هذا الكتاب تفنيد منطقي، وعلمي، وديني لهذه النظرية التي شغلت العالم ردحًا من الزمن. وجرى توظيفها لأغراض سياسية وفلسفية مختلفة، حتى غدت “أيديولوجية” لتبرير النزعات العنصرية حينًا، والإلحاد حينًا، واستغلال الدول الاستعمارية للشعوب الضعيفة ونهب ثرواتها حينًا آخر. وتبين بعد ذلك أنها لم تكن صحيحة في أطروحتها الأساسية حول قصة أصل الأنواع وخلق الإنسان. وله في هذا الميدان أيضًا كتب أخرى منها كتاب “العصر الميتافيزيقي للوجود”، وكتاب “في ظلال الإيمان”، وكتاب “الإنسان في تيار الأزمات” إلخ.
قراءات الأستاذ كولن المتعمقة والمستوعبة للنظريات الفلسفية والاجتماعية والعلمية الوضعية التي أنتجها العقل الغربي الحديث، جعلته يعي أهم المشكلات الوجودية والإيمانية التي يعاني منها الإنسان المعاصر.
تحديات العصر وقضاياه الكبرى
اتسمت المرحلة التي عاصرها “خوجة أفندي” -منذ تفتح وعيه في الخمسينيات من القرن الماضي، وما تلاها إلى مطلع هذا القرن العشرين- بعدم الاستقرار وكثرة الأزمات الفكرية والفلسفية والسياسية على المستوى العالمي في مناخ الحرب الباردة، والصراع بين الشرق (الذي بات -في أثناء الحرب الباردة- يرمز إلى الكتلة السوفيتية والإيديولوجية الماركسية) والغرب (الذي بات يرمز إلى الكتلة الغربية والإيديولوجية الليبرالية). وعانت تركيا كثيرًا من ويلات هذا الصراع وعدم الاستقرار؛ التي ما كادت تتنفس بعض نسمات الحرية وتسترد شيئًا من هويتها الإسلامية عقب وصول عدنان مندريس إلى السلطة في انتخابات سنة 1950م، حتى دخلت البلاد في سلسلة من الانقلابات العسكرية (1960،1970، 1980،1997)، وكان “تعرض النظام العلماني للخطر” حجة أساسية من الحجج التي استند إليها الانقلابيون في كل مرة.
يمكن القول إن استيعاب الشيخ لروح العصر ومعرفة قضاياه وتحدياته، هو من أهم أسرار نجاحه في إعادة الحيوية والفاعلية إلى “فن الخطابة والإرشاد العام”، وإزاحة الانطباع السلبي الذي كان سائدًا عن “الخطب والمواعظ” في الزمن الحاضر باعتبارها عملًا روتينيا شكليًا لا أثر له، وما كان له أن ينجح في هذه المهمة الصعبة لولا إيمانه العميق بأن الداعية والمبلغ في هذا العصر لا بدَّ أن يكون محيطًا بمجريات عصره، وإلا فمثل هذا الداعية كما يقول: “كمن يعيش في دهليز مظلم، عبثًا يحاول أن يبلغ شيئًا عن الدين والإيمان إلى الآخرين، فعجلات الزمن والحوادث ستفقده التأثير إن عاجلاً أو آجلاً، ومن هنا فعلى المؤمن أن يُفهِّم ويبلّغ ما ينبغي أن يُفهِّم بأسلوب ملائم ومنسجم مع المستوى الفكري والعلمي والثقافي لعصره، ولعلى أجزم أن مرشدًا وداعية –في يومنا هذا- إذا ما تمكن من تطبيق هذه النقطة المذكورة يسبق الأولياء والأقطاب في الآخرة، إذ يقف خلف الأنبياء عليهم السلام. نعم إن هذه النقطة سامية جليلة إلى هذا الحد.علمًا أن التمسك بها وتنفيذها صعب أيضًا مثلما أنها ضرورية جدًّا”(2) ويقول أيضًا: “إن من لا يعرف عصره لا يختلف عنْ مَنْ يعيش تحت الأرض، بينما المبلِّغ أو الداعية يجوب في الفضاء، وعندما يجول بين النجوم بعقله، يعاين بقلبه وبلطائفه الأخرى رياض الجنان؛ أي عندما يحجزه عقله في المختبر بجوار (باستور)، ويسيّره برفقة (أينشتاين) في أعماق الوجود، تراه واقفًا بروحه بكل إجلال وتوقير أمام الله عز وجل ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، فينصبغ بصبغة الله مرات ومرات في اليوم الواحد. وأعتقد أن المرشد الحقيقي هو هذا”(3).
على أساس هذه الرؤية، انهمك الأستاذ كولن في مناقشة قضايا العصر التي انتقلت مع موجات التغريب والعلمنة، إلى الشباب التركي وفئاته المثقفة، وكان في مقدمة تلك القضايا التي حاضر فيها وكتب المقالات، وألف الكتب، وخاض المناظرات العلمية: نظرية دارون، وأطروحات سارتر وكامو عن الإلحاد والوجودية، ونظرية الليبدو لفرويد، والنظرية الماركسية. ودعمت جهوده الدعوية والإرشادية -بهذا المعنى المتقدم الذي مارسه- الجهود التي كانت ترمي لوقف موجات التغريب، وإنقاذ الشباب من هوة الاغتراب، والإلحاد، والانحلال الأخلاقي، والنزعات العرقية والقومية المتطرفة، التي قادتهم إلى الانقسام والتمزق بين إيديولوجيات متناحرة، وأدت بهم إلى أعمال عنف دموية راح ضحيتها الآلاف منهم خلال السبعينيات وبداية الثمانينيات.
لم يكن همُّه أن يقوض فقط أركان أطروحات “التغريب”، و”الإلحاد”، و”الشوفينية القومية”، “والدارونية الاجتماعية”، وإنما صرف قسطًا كبيرًا من جهده في التصدي للمهمة البنائية الأكبر، وهي مهمة استعادة الذات الحضارية، ووضع لبنات البناء من أجل النهضة الجديدة انطلاقًا من العمق الإسلامي، وعلى أساس مرجعيته العليا من القرآن والسنة الشريفة، وإنجازات الحضارة الإسلامية عبر القرون الماضية، و”تجديد الاستماع إلى روح الإسلام ومعناه”(4)، واتخاذ القرآن والسنة محورًا للطريق الموصلة إلى الهدف”(5). ولم تكن هذه اللبنات سوى جيل جديد أطلق عليه اسم ” ورثة الأرض”. وهو تعبير قرآني أصيل يؤكد على أن ورثة الأرض هم “العباد الصالحون”. وأسهب خوجة أفندي في شرح هذا المفهوم، وحدد سبع صفات عملية لجيل “ورثة الأرض”. وأضحى هذا المفهوم السحري مركز جذب وتعبئة لعشرات الآلاف من شباب الجامعات، ومن الأوساط الفنية والثقافية والعلمية والأدبية، ورجال الأعمال والأصناف، الذين اندرجوا في “نطاق الخدمة”.
مع زوال الاستقطاب الدولي بانهيار الاتحاد السوفييتي مطلع التسعينيات من القرن الماضي، هدأت الصراعات الفكرية والتناحرات الإيديولوجية التي كانت محتدمة إبان الحرب الباردة، وبدأت صراعات أخرى تغذيها أطروحات تتحدث عن “نهاية التاريخ”، و”صدام الحضارات”، و”العولمة”. وواصل الشيخ انشغاله بهذه القضايا المستجدة، وانخرط في النقاشات الدائرة حولها. وردًا على تلك الأطروحات، بادر بفكرة “حوار الحضارات” في مطلع التسعينيات عقب زوال الكتلة السوفيتية، وحث أنصاره من أجل تنشيط دوائر هذا الحوار، محليًا وعالميًا؛ بديلًا عن استخدام العنف والشدة في معاملة الخصوم، والدعوة للحب والتسامح، بديلًا عن الكراهية والتعصب للذات ونبذ الآخر.
وبعد انتقاله للإقامة في الولايات المتحدة ابتداءً من سنة 1999م، شعر أن الحوار بين الحضارات وأتباع الديانات؛ الذي سبق أن نادى به منذ مطلع التسعينيات، بات ضرورة لا تحتمل التأخير، وأيقن أن دعوة الإخاء العالمي والتسامح والحب لا بدَّ أن تشكل أساس “العولمة الجديدة”، وليس العنف والإرهاب، ولا ممارسة الظلم والعدوان وغطرسة القوة التي يمارسها الأقوياء ضد الضعفاء والمستضعفين، وترسخ اقتناعه بهذه التوجهات العالمية بعد أحداث 11 سبتمبر وما تلاها من أعمال عدوانية باسم “الحرب على الإرهاب” عبر العالم.
إذا كنا نريد أن نكون أمة لها وزنها وكلمتها في الشؤون الدولية المهمة، ونلعب دورًا بارزًا في تأسيس التوازن الدولي حيث إننا مضطرون أن نكون كذلك؛ فيجب أن نكون ممثلين للحق والعدالة وللاستقامة وللأمن.
كان الشيخ قد غادر بلاده إلى أمريكا بعد أن بلغ الستين من عمره. ولهذا كانت أغلب قراءاته في المشكلات العالمية عبارة عن متابعات وتأملات. وأصدر كتابًا رصينًا عالج فيه مشكلات العولمة، والعنف، والإرهاب، والظلم الدولي، وناقش قضايا الحب الإنساني، والرحمة، والتسامح، والحوار، وألقى بنظرات صوفية في هذه القضايا. كما طرح رؤية تجديدية عن علاقة: الجهاد، بحقوق الإنسان، وبالإرهاب، وكيف يمكن بناء نظام عالمي جديد على أسس الحب والتسامح. وسرعان ما حول أنصارُه تأملاته وتوجيهاته إلى إجراءات عملية في حدود طاقتهم، ومن خلال مؤسساتهم التعليمية والإعلامية والفنية. وكثف منتدى “أبانت” حواراته، وانطلق بها إلى خارج تركيا، في أوربا وأمريكا، وآسيا، وأفريقيا، والعالم العربي.
ولا يزال الشيخ مستمرًا إلى اليوم في متابعة تلك القضايا التي انشغل بها منذ مطلع حياته وهو في قريته الصغيرة “كوروجك” بعمق الأناضول، وقد كبرت واتسعت تلك القضايا حتى استوعبت المشكلات العالمية التي تهم الإنسانية كلها. لا يزال “خوجة أفندي” يوالي الاهتمام بهذا العبء الثقيل، رغم اجتماع كثير من الأسقام على جسده، وهذا يعني أنَّ “تكوينه الفكري والثقافي” لا يزال مفتوحًا على مصراعيه، وأن شغفه للقراءة والمعرفة لا يزال غضًا كما كان في ريعان شبابه، ولا يزال يستزيد علمًا ومعرفة، في الوقت الذي ينتظر الكثيرون رأيه وينصتون إلى نصائحه، ويحولون توجيهاته المقتضبة إلى برامج عمل تفصيلية، وإنجازات مبهرة في مجالات “الخدمة” المتعددة عبر العالم.
ثانيًا: الأصول الإسلامية لرؤية العالم
أكرر مرة أخرى ما قاله الشيخ -نفع الله بعلمه-: “أنتم تستطيعون نشر الأمن والطمأنينة فيما حولكم، إن بقيتم أمناء ولم تنحرفوا عن الاستقامة. أجل إن استطعتم تحقيق هذا انفتح لكم قلب الإنسانية جمعاء على مصراعيه، وستتربعون في هذا القلب كما تربع أجدادكم من قبل. فإذا كنا نريد أن نكون أمة لها وزنها وكلمتها في الشؤون الدولية المهمة، ونلعب دورًا بارزًا في تأسيس التوازن الدولي حيث إننا مضطرون أن نكون كذلك؛ فيجب أن نكون ممثلين للحق والعدالة وللاستقامة وللأمن”(6).
وهذا القول وردت فيه كلمات “الأمن”، و”الطمأنينة”، و”الاستقامة”، و”الإنسانية جمعاء”، و”الشئون الدولية”، و”الحق” و”العدالة”. وفي ظلال هذه المفاهيم المركزية أقول وبالله التوفيق:
1- يقول أهل اللغة: إن ” السلام” يدل على الصحة والعافية والبراءة من النقص والعيب. وأقول إن السلام دليل على الحق والخير والجمال؛ فبالسلام تهدأ النفس وتطمئن وتمتلئ بنور الحق. وبالسلام تترسخ علاقات الود والتعاون وتميل كل الأنفس لعمل الخير والتنافس فيه. وبالسلام تفرغ أقطار النفس وتصفو بحار الروح للتأمل والإبداع وإظهار آيات الجمال في النفس وفي الكون.
السلام اسم من أسماء الله تعالى؛ لسلامته مما يلحق المخلوقين من العيب والنقص والفناء. ومن لفظ السلام أيضًا اشتق لفظ الإسلام، وهو الانقياد؛ لأنه يسلم من الإباء والامتناع. والسلام غاية كل عاقل.
وقد ورد لفظ “السلام” في الكتاب العزيز في مئة وأربعين موضعًا؛ بصيغ متنوعة. ورد في مئة واثني عشر موضعًا منها بصيغة الاسم، من ذلك قوله تعالى: “وَلاَ تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا” (النساء:94)، وورد في ثمانية وعشرين موضعًا بصيغة الفعل، منها قوله عز وجل: “لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ” (النور:27). وقد دار معنى السلام في القرآن على سبع دلالات رئيسة، هي: 1- اسم من أسماء الله. 2- الإسلام. 3- التحية المعروفة. 4- السلامة من الشر. 5- الثناء الحسن. 6- الخير. 7- خلوص الشيء من كل شائبة.
2- في الأصل كان السلام. وفي المنتهى سيكون السلام. هذان هما مبتدأ وخبر الرؤية الإسلامية للعالم. في الإشارة إلى المبتدأ، قال الله عز وجل:
“هُوَ اللهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلاَمُ” (الحشر: 33). وفي الإشارة إلى الخبر والمنتهى، قال U: “لَهُمْ دَارُ السَّلاَمِ عِنْدَ رَبِّهِمْ” (الأنعام: 127). وقال عز وجل: “ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ آمِنِينَ” (الحجر: 46).
ومن مقاصد عالمية الإسلام أن يعم السلام؛ وفي هذا خاطب رب العزة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم: “قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا”(الأعراف:158). وثمة آيات أخرى عديدة تركز على المعنى نفسه الذي تشير إليه هذه الآية، وهو أن الإسلام رسالة عالمية، ليست لجنس دون جنس، ولا لأمة دون أخرى، وأن غايته هي الوصول للعالم بأسره دون إكراه أو إجبار، ليدخل الجميع في السلام؛ بالحوار، وبالحكمة، والموعظة الحسنة. وإذا لم يستجب بعضهم -قلَّ هذا البعض أو كثر- فلهم مطلق الحرية وكامل الحق في اختيار ما تطمئن إليه قلوبهم، فمن شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر، وعند الله تجتمع الخصوم.
3- من أصول الرؤية العالمية للإسلام أن البشرية بمختلف شعوبها وأممها صائرة -لا محالة- إلى التجمع في وحدة إنسانية واحدة يظللها “السلام”، وأنه لا بد من السعي للوصول إلى هذه الوحدة التي لا تلغي خصوصيات وفضائل التنوع والتعدد الثقافي والاجتماعي الذي تمثله الأمم والشعوب داخلها.
الأستاذ كولن مجددٌ من الطراز الأول للخطاب الإسلامي في العصر الحاضر. ولم يؤمن بتوجه غير إسلامي، رغم كثرة التيارات الفكرية والفلسفية التي ماج بها عهد الجمهورية التركية منذ بدايته وحتى مطلع القرن الحالي.
إن “الوحدة العالمية” من منظور إسلامي لا تقوم على أساس اقتصادي أو سياسي أو ديني بالمعنى الضيق لكلمة دين، وإنما تقوم على أصول اجتماعية مغروسة في فطرة الإنسان، وأهمها: الآدمية والمساواة؛ الآدمية التي تنسب البشر جميعًا إلى أب واحد، وأم واحدة (آدم وحواء)، والمساواة التي تعني أن كل إنسان يقف على قدم المساواة مع أخيه الإنسان بغض النظر عن اختلاف الوطن، أو العرق، أو المذهب.
تلك هي الأصول العامة التي يأمر الإسلام أتباعه أن يبنوا عليها رؤيتهم للعالم، ويمكننا أن نوجزها في أربع كلمات هي: عالمية الرسالة، والوحدة العالمية، والأخوة الإنسانية، والمساواة بين جميع البشر.
4ـ أما بالنسبة لعلاقات المسلمين بغيرهم وبرؤيتهم للآخر المغاير لهم؛ فالأصل فيها هو السلام، والحرب حالة استثنائية هدفها استعادة السلام. ويجب إنهاء الحرب في أقرب فرصة وبأقل كلفة. وثمة مجموعة من الأسس المنظمة لتلك العلاقة ومن أهمها:
- الدعوة للتعارف، وذلك في قوله تعالى: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ” (الحجرات:13)، والتعارف لا يكون من جانب واحد، وهو يتضمن الاعتراف المتبادل، وإقرار التعددية الاجتماعية، والدينية، والثقافية، وهـو ما نطلق عليه بلغتنا المعاصرة “الحوار” والاعتراف بالآخر.
- التعاون، في كافة مجالات الحياة من أجل سعادة البشرية وخيرها، وتبادل المنافع والتعايش الحضاري الخلاق، يقول الله تعالى: “وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ” (المائدة:2).
- السلام، وهو اسم من أسماء الله الحسنى، وأصل كبير من الأصول التي دعا إليها الإسـلام لتنظيم العلاقات بين المسلمين وغيرهم، والوصول إلى “السلام” -أيضًا- هو غاية من غايات الدعوة الإسلامية، أما الحرب فلم تشرع في الإسلام إلا لرد العدوان.
- التسامح، وإعلاء الكرامة الإنسانية وصيانتها، فالإسلام يأمر أتباعه بأن يعاملوا غيرهم على أساس أنهم إخوة في الإنسانية، ولا يكمل إيمان المرء حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه.
- الوفاء بالعقود والمعاهدات، وهذه قاعدة عامة أمر بها الإسلام في قوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ” (المائدة:1)، ولا تقتصر هذه القاعدة فقط على الجوانب القانونية، وإنما تمتد لتصبح أداة من أدوات بناء وترسيخ ثقافة السلم والتعاون على المستوى العالمي فضلًا عن المستويات المحلية والإقليمية.
5ـ إن النظرة المتفحصة في أصول الرؤية الإسلامية للعالم، وفي تلك الأسس التي تنظم علاقة المسلمين بغيرهم، تكشف لنا عن منظومة متكاملة من القيم الرفيعة، وإنها ليست قيمًا “إسلامية” فقط، بل إنسانية عامة كذلك تجد جذورها في عمق الفطرة البشرية، ولذلك فنحن لا ندعي أنها فقـط إسلامية، بل نرى أنها من مكونات التراث الحضاري العالمي، وأنها من أعظم القواسم المشتركة بين الشعوب والأمم كافة، وليس فقط بين العالم الإسلامي مثلًا والغرب، ولذلك فيجب أن يتعاون الجميع من أجل إقراراها والعمل بمقتضاها.
ثالثًا: مظاهر الاختلال العالمي بمعايير الرؤية الإسلامية
إذا انتقلنا من مستوى الأصول المعرفية والأسس النظرية تلك التي تراءت لنا من قراءتنا في ظلال كلمات الشيخ فتح الله إلى مستوى الواقع والممارسات الفعلية التي تجري من خلالها العلاقات بين الأمم والشعوب على مختلف المستويات؛ سنجد أن ثمة فجوة كبيرة تفصل هذا الواقع عن تلك القيم الإسلامية-الإنسانية، التي تحدثنا عنها.
إن وجود فجوة بين “الواقع والمثال” أو بين “النص والممارسة” أمر طبيعي إذا كانت تلك الفجوة في حدود معقولة ومقبولة، أما الفجوة التي نتحدث عنها هنا فهي كبيرة جدًا، وآخذة في الاتساع؛ الأمر الذي يزيد الأوضاع العالمية اختلالًا من منظورنا الإسلامي.
فبدلًا من أن يتم توظيف الثورة الهائلة في نظم الاتصالات ونقل المعلومات في تعميق التعارف بين الشعوب والأمم، نجد أن هناك عدم اكتراث بهذا الأمر، وغالبًا ما يتم تسخير هذا “التقدم” في خدمة أغراض سياسية، ومصالح أنانية، وفرض المعرفة بطرف وتجاهل التعرف على الأطراف الأخرى من الشعوب والأمم.
وعوضًا عن تنمية علاقات التعاون وتبادل المنافع بالقسط والعدل، ولا زالت أشكال الاستغلال ونزعات الاحتكار والاستئثار هي الغالبة؛ نشهدها على مستويات مختلفة عالمية بين الشمال والجنوب، وإقليمية بين القوي والضعيف، ومحلية بين الغني والفقير.
وبدلًا من أن ينعم العالم بالسلام والأمن والتسامح؛ نجد الحروب مشتعلة، والصراعات متفجرة، والمنازعات الدولية والإقليمية محتدمة؛ تغذيها نزعات أنانية، وانقسامات عرقية ودينية، وطموحات سياسية لا تنتمي إلى عصرنا الراهن وإنما لعصور بائدة، كما تغذيها نزعات للسيطرة والهيمنة الثقافية تحت شعارات متعددة من قبيل النظام العالمي الجديد والعولمة؛ والتي هي ليست أكثر من اتجاه نحو نوع من الاختزال الثقافي وفرض هيمنة القوي على الضعيف.
إن استيعاب الشيخ محمد فتح الله لروح العصر ومعرفته بقضاياه الكبرى وتحدياته الصعبة، هو من أهم أسباب نجاح دعوته واتساع دائرتها على المستوى العالمي.
أما بخصوص مبدأ الوفاء بالعقود والمعاهدات، والاستفادة من ذلك في بناء وترسيخ ثقافة السلم والتعاون، فالفجوة هائلة بين المبدأ والتطبيق، وقد شهد عالمنا طيلة هذا القرن -ولا يزال يشهد- كثيرًا من الانتهاكات، والنكث بالعهود، والمواثيق، بدافع من شهوة عدوانية، أو ممارسة لغطرسة القوة.
وبنظرة سريعة على أوضاع العلاقات المتبادلة بين العالم الإسلامي والغرب في التاريخ المعاصر، نجد أنه في إطار الجـدل الدائر حاليًا حول أهمية “الإسلام” كعامل أساسي في إمكانية حدوث التوافق -أو الصدام- بين عالمـنا الإسلامي وأوروبا والغرب بصفة عامة، فإنه لا بد من تجاوز الأسباب التاريخية التي أدت في السابق إلى المآسي، وجرَّت إلى الحروب والمنازعات المتبادلة، وذلك لأننا نرى -كمسلمين- أن التحولات العالمية التي اجتاحت كافة المجالات العلمية والسياسية والفكرية، وأسقطت كثيرًا من البنى التقليدية وأدت إلى تراجع مفاهيم كثيرة تنتمي إلى الماضي؛ كل ذلك يعني أنه يجب أن تتجدد العلاقة بين العالم الإسلامي والغرب، على نحوٍ يدفع هذه التحولات العالمية نحو مزيد من الارتقاء بالإنسان وبالقيم النبيلة، وبتحسين نوعية الحياة لكافة الشعوب والأمم.
إن قيم الإسلام ومبادئه تحض -كما سبق أن ذكرنا- على المضي في إقامة علاقات السلام، والتعاون، وتبادل المنافع، والعمل لخير الإنسانية، وبناء ثقافة عالمية أساسها الاحترام المتبادل، وهناك في الواقع ما يدعو إلى هذا الاتجاه وما يؤيده في الوقت نفسه: هناك مشروعات ومبادرات فكرية وثقافية صدرت عن جهات رفيعة المستوى في الغرب تخدم الاتجاه الذي نؤمن به، ومن ذلك حديث ولي عهد بريطانيا الأمير تشارلز في مركز الدراسات الإسلامية بجامعة إكسفورد قبل عدة سنوات، والمؤتمر الذي نظمه المعهد الملكي للشئون الدولية بمناسبة مرور 75 عامًا على تأسيسه، ومبادرة حكومة السويد عام 1995م، لتهيئة فرصة للحوار بين أوروبا والعالم الإسلامي، إضافة إلى آراء ومواقف عديد من المفكرين والباحثين والمؤسسات الأكاديمية.
هناك -كذلك- المصالح الاقتصادية والسياسية المتبادلة، فالبلدان الإسلامية مصدر رئيسي من مصادر الثروة التي لا يستغني عنها الغرب كالبترول والمواد الأولية التي تعتمد عليها الصناعات الغربية، وكمثال على ذلك نجد أن السوق الأوروبية المشتركة هي شريك أساسي لمجلس تعاون دول الخليج العربي؛ إذ يصدِّر إليها المجلس نحو 22% من جملة صادراته من النفط والمنتجات البتروكيماوية، ويستثمر لديها ما يفيض عنه من بترودولارات، ويستورد منها نسبة كبيرة من منتجاتها من السلع والخدمات بما يقدر بحوالي 15 مليار دولار سنويًا، وفي دول المجلس تعمل أكثر من 400 شركة أوروبية في مختلف المجالات الاستثمارية والإنتاجية والخدمية، هذا فضلًا عن كثير من أوجه التعاون والمصالح المشتركة فـي المجالات السياسية، والثقافية، والبعثات التعليمية، التي تحتل فيها بريطانيا مكانة متميزة مع دول مجلس التعاون بصفة عامة، ومع دولة الكويت بصفة خاصة.واسمحوا لي أن أشير هنا إلى علاقة التعاون البناءة بين وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت وبين بعض المؤسسات الخيرية والتطوعية في بريطانيا، فضلًا عن دعمها لعديد من البعثات العلمية والطلبة بالدراسات العليا بعدد من الجامعات البريطانية.
خاتمة في استعادة التوازن العالمي
قلنا -فيما سبق- إن استيعاب الشيخ محمد فتح الله لروح العصر ومعرفته بقضاياه الكبرى وتحدياته الصعبة، هو من أهم أسباب نجاح دعوته واتساع دائرتها على المستوى العالمي. وبناء على ما استقرأناه بشأن أصول رؤيته للعالم في ضوء المرجعية الإسلامية؛ كان من اليسير عليه أن يرفض أطروحة “صدام الحضارات”، وأن يشدد على أطروحة “الحوار” على مختلف المستويات. وهو إذ يدعو إلى الحوار ويشدد عليه، نجده يتمتع بنزعة شديدة التفاؤل بمستقبل أفضل للبشرية، فهو من ناحية يدين ويدحض كافة أطروحات الانقسام، والعنف، والقبح، والظلم وكل ما يؤدي إلى شقاء الإنسان، ومن ناحية أخرى يدعو بإلحاح لاحترام كرامة الإنسان وحقوقه الأساسية، ولمد جسور التعارف والتعاون والمحبة والسلام والأمن والرخاء والحرية، والعدالة لبني البشر جميعًا، وفيما بينهم.
فكرة “صدام الحضارات”؛ التي يطرحها البعض من الأوساط الغربية يراها الشيخ فتح الله لا تخدم السعي المشترك نحو مستقبل أفضل للبشرية، ويؤكد في كتاباته على أنها -في حقيقة الأمر- تعبير عن أن الغرب في حضارته المعاصرة ليست لديه سوى قابلية محدودة للتعامل مع القيم الإنسانية “الجماعية”، وليست لديه قابلية للاعتراف بحقائق “التعددية الثقافية”، ولا هو مقتنع بثراء تلك القيم والحقائق وفائدتها في بناء مستقبل أفضل للعالم، ومن حسن الحظ أن هناك من يطرح -في المقابل- فكرة “حوار الحضارات”، “وتعايش الثقافات” وعلى رأسهم الشيخ فتح الله نفسه.
“الإسلام” بشرى للعالمين. يعلمنا أننا يمكن أن نتشاور ونتحاور مع الآخرين لاكتشاف الحقول المشتركة بيننا، ولتعميق إدراكنا للمثل العليا، وللإسهام في إعمار الأرض، وإسعاد الناس، وإرضاء الله سبحانه وتعالى.
ولعل من الأسئلة الكبرى التي تستحق مزيدًا من الجهد والتعاون للإجابة عليها هو: كيف يمكن إيجاد أرضية صلبة يقف عليها الحوار بين مختلف الثقافات والحضارات في العالم بصفة عامة، وبين العالم الإسلامي والغرب بصفة خاصة؟ وكيف نضمن لهذا الحوار أن يسهم في إيجاد مساحة جديدة للتعايش الحضاري الخلاق؟
إن هذا التحدي يتطلب جهودًا مكثفة ومخلصة من كافة الأطراف، وعلى كافة المستويات ابتداء من أن يكف الإعلام الغربي عن رسم “إسلام كاريكاتوري” لا صلة له بالإسلام الحقيقي، وأن نؤكد نحن في العالم الإسلامي على عالمية الإسلام، وقيمته الخاصة بالعدالة والتراحم، والتسامح، وصولًًا إلى وضع استراتيجيات جماعية، وتصورات مستقبلية للانطلاق بها نحو القرن المقبل في إطار فكري يعتمد على الحوار والتعددية، والنقد البناء، والقبول بالآخر من أجل اكتشاف المبادئ الحضارية المشتركة بين بني الإنسان أينما كانوا في الشرق أم في الغرب، في الشمال أم في الجنوب.
إن الخطوات نحو مستقبل أفضل لا بد -من المنظور الإسلامي الذي يتبناه الشيخ فتح الله ويدعو إليه- أن تبدأ ببلورة القيم الإنسانية المشتركة، والإقرار بالتعددية الثقافية والدينية، والتعاون على إزالة مصادر الصراع، والقضاء على أسباب التوتر والعنف واختلال أوضاع السلم والعدالة، ولا بد أن تقوم -كذلك- على بناء ثقافة عالمية مشتركة، وبعيدة عن هيمنة القوة العارية من الأخلاق.
إن الإسلام يصنع السلام أولًا في ضمير الفرد، ثم في محيط الأسرة، ثم في وسط الجماعة، وأخيرًا يصنعه في الميدان الدولي بين الأمم والشعوب، إنه ينشد السلام في علاقة الفرد بربه وفي علاقة الفرد بنفسه وفي علاقة الفرد بالجماعة، ثم ينشده في علاقة الطائفة بالطوائف، وعلاقة الأفراد بالحكومة، ثم ينشده في علاقة الدولة بالدول بعد تلك الخطوات، وإنه ليسير في تحقيق هذه الغاية الأخيرة في طريق طويل يعبر فيه من سلام الضمير إلى سلام البيت، إلى سلام المجتمع، إلى سلام العالم في نهاية المطاف.
وأخيرًا فإن “الإسلام” بشرى للعالمين. والإسلام يعلمنا أن بوسعنا -دومًا- أن نتشاور ونتحاور مع الآخرين من أجل اكتشاف الحقول المشتركة بيننا، ومن أجل تعميق إدراكنا للمثل العليا، ومن أجل الإسهام في إعمار الأرض، وإسعاد الناس، وإرضاء الله سبحانه وتعالى.
هذا ما تبين لي بعد القراءة والتأمل والله تعالى أعلى وأعلم.
بقلم/ إبراهيم البيومي غانم