في سؤال عن مفهوم الشعر، يجيب تانيكاوا أنه لا يوجد جواب دقيق عن هذا السؤال، في إشارة إلى صعوبة تعريف الشعر تعريفًا دقيقًا، غير أنه يرى أن الشعر لا يبنى على المنطق كما هو الحال للنثر، وهذا هو وجه الاختلاف بينهما، كما أن تلقي الشعر يختلف من قارئ إلى آخر حيث إن القصيدة الوحيدة تقرأ قراءات مختلفة وتؤول تأويلات لا حصر لها، كما أن المعنى غير ذي أهمية، ولا يفضي بنا الأمر إلى شيء إذا حاولنا تقصي معنى الشعر من خلال معاني الجمل والكلمات، وبذلك على القارئ أن يقرأ القصيدة في كليتها ليتصيد معناها واتجاهها وما يريد الشاعر توصيله.
يعزل الشاعر الحر عن المعنى بل يرى أن جيد الشعر هو ذلك الذي يفتقد إلى المعنى، فالشعر “لا يقدم كثيرا من المعاني، ذلك شيء تافه، حيث لا يمكن أن نتعلم منه أشياء كثيرة، وهو في هذا قريب من الموسيقى التي نستمع إليها كما هو الحال للاستماع إلى أغنية والانجذاب إلى كلماتها القليلة حتى لو كانت بدون معنى.”
الكلمات الشعرية تتجاوز المعنى إلى الصوت واللون
في سؤال موجه إلى الشاعر حول الموسيقى والصوت في الشعر، يؤكد تانيكاوا أن الشعر في أصله يعتمد على الصوت وهكذا نجد الأطفال يولعون بالشعر ويحفظونه حتى دون معرفة معناه، وذلك بفضل ما يتوفر عليه من موسيقى، وبذلك “كنت دائما أهتم بموسيقى الشعر، ويمكن التعبير عم ذلك الاهتمام بقصيدتي “كابا” (kappa) التي لاقت شهرة داخل اليابان وخارجه بسبب ما تقوم عليه من موسيقى تجذب المتلقي عندما تُقرأُ القصيدةُ بصوت مرتفع.
ضرورة تكسير صورة الكاتب النمطي
في سؤال عن موقعه الاجتماعي كشاعر، يرى أنه يهدف إلى تكسير الصورة النمطية عن الكاتب والشاعر معًا، مؤكدًا على أن الشعر في الواقع وبمنظور مختلف، يقوم على قوانين وقواعد مخالفة للواقع وللمعتاد، مما يقصي الشاعر في الغالب من الاندماج في العالم الواقعي. لأن الشاعر مهما حاول إرضاء الجمهور “يبقى غير مفهوم من طرف القراء، وهذا ما جعلني أنوع في انشغالاتي العلمية والأدبية”، وفي حديثه عن الوظيفة الاجتماعية للشعر يؤكد أن الشعر وحده لا يمكنه أن يكون مصدر رزق للشاعر ومن ثمة كانت محاولته إدماجه في عالم الموسيقى وفي السينما كذلك.
اهتمام كبير بحركية القارئ
في رده على كيفية كتابة الشعر التي خلقت شهرته، يعتبر تانيكاوا نفسه خادما للقارئ بحيث إن اهتمامات القراء هي التي توجه كتابة الشعر لديه: “عندما أكتب الشعر، فإنني أستحضر القارئ وما يكتبه وما يقرأه كذلك، وبذلك فإنني لا أتوجه إلى قارئ معين وإنما أستحضر في داخلي، وأنا أكتب، جميع القراء كما لو أنهم هم الذين يكتبون وليس أنا. وإن كانت اللغة، بدورها، تقوم بهذه الوظيفة، لأنني أومن أن اللغة التي أكتب بها هي ملك للقراء، بل ملك للجميع وليست ملكي. فعندما أكتب أفقد كياني لتنطلق داخلي لغة الأمهات والبالغين، حيث أقلد بشغف كلمة الآخرين. فحتى ولو عبرت على مشاعري الداخلية فاللغة التي أكتب بها ليست لغتي، إنها كلمات الآخرين، وعندما نستعمل كلمات الآخرين، يكون وجودهم حاضرا بالضرورة، في ما نكتبه.”
محاولة تجديد الشعر لتجاوز سلطة الكتاب
يؤكد الشاعر في هذه المقابلة، على أنه مهما ارتبط بالكتاب في شعره إلا أنه يحاول تكسير هذه الفرضية من خلال قراءة شعره عبر وسائل أخرى مثل الميكروسكوب، أو على لوحة إلكترونية، أو عبر الانترنيت، حتى ينفتح الشعر أكثر على واقع التكنولوجيات الحديثة ويقترب من اهتمامات القراء المعاصرين.
وحول علاقة الشعر بقنوات التواصل المعاصرة يؤكد تانيكاوا أنه يمكن للشعراء الجدد الذين يبحثون عن الشهرة الانفتاح على مواقع التواصل الاجتماعي خاصة تويتر وفيسبوك لمساهمتها نشر الشعر وتقريبه بسرعة قصوى من القراء، ورغم أنه لا يثق كثيرا في الأنترنيت كوسيلة لنشر المعرفة إلا أنه يراها وسيلة انطلاق نحو الشهرة بالنسبة للكتاب والشعراء الشباب.
ملحوظة: وردت المقابلة في منتدى اللغة الإنجليزية على الموقع الالكتروني:http://eikaiwa.dmm.com/blog/15686/ بتاريخ 16 أبريل 2018، وقد نقلتُ النص في أصله عن اللغة اليابانية.
بقلم / سعيد سهمي