تقرير: محمد عبيد الله
واشنطن (زمان التركية) – تناول المسؤول السابق في البنتاغون والمتخصص في شؤون الشرق الأوسط مايكل روبين الاغتيالات التي تنفذها تركيا ضد المعارضين في الداخل والخارج على حد سواء منذ عام 2013 في ظل حكم الرئيس رجب طيب أردوغان.
وأكد المحلل الأمريكي المخضرم، في مقال كتبه لموقع معهد “أمريكان أنتربرايز” أن تركيا لم تعد تحترم لحقوق الإنسان، وأن عدوانية الرئيس أردوغان تجاه معارضيه من المدنيين والسياسيين في الداخل التركي أو خارجه تزداد يوما بعد يوم.
وأعاد الكاتب روبين للأذهان اغتيال ثلاث ناشطات تابعات لحزب العمال الكردستاني على الأراضي الفرنسية عام 2013، مرجحًا أن المسؤولية تقع على عاتق دائرة الاستخبارات التركية.
وقال روبين: “قد لا يرى المسؤولون الأتراك في هذه المسألة بأسًا انطلاقًا من هوية الضحايا، محتجين بأن العمال الكردستاني تنظيم إرهابي ليس في التصنيف التركي فقط وإنما في التصنيف الأمريكي والأوروبي أيضًا. لكن النساء الثلاث اللائي قتلن خلال هذه العملية لم يكنّ مسلحات ولم يتورطن مباشرة في أي أعمال عنف. وهذا فضلاً عن أن مهمة اعتقالهنّ كانت تقع على عاتق الشرطة الفرنسية، وليس لرجال المخابرات التركية الحق في تنفيذ اغتيالات كما يشاؤون على الأراضي الفرنسية”.
ثم لفت روبين إلى احتمالية مبادرة الأجهزة الاستخباراتية التركية إلى تنفيذ عملية مشابهة في ألمانيا أيضًا، مذكرًا بأن مذيعين ألمانيين أفادا أن النيابة العامة الألمانية فتحت دعوى ضد عميل تركي يتجسس على اثنين من الأكراد في ألمانيا ويخططان لقتلهما بسبب أنشطتهما السياسية.
ونوه الكاتب الأمريكي مايكل روبين بأن الناشطين السياسيين الأكراد في بلجيكا كذلك يخشون من أن يكونوا الهدف القادم لرجال المخابرات التركية.
وأضاف روبين قائلاً: “لم يعد هناك أي شك في أن تركيا تجري عمليات في الولايات المتحدة ضد الأتراك والأكراد الذين تختلف وجهات نظرهم مع الرئيس أردوغان. ومن المرجح أن تزداد هذه المشكلة سوءا في الوقت الذي يطالب بتسليم رجل الدين المنفي فتح الله غولن الذي يتهمه أردوغان بأنه العقل المدبر لمحاولة انقلاب 15 يوليو 2016. ومع أن المسؤولين الأتراك قدموا حزمة من الأوراق لإثبات اتهاماتها ضد غولن وحركته فإن أيا من تلك الأدلة عاجزة أن تثبت تورطه في أحداث 15 يوليو 2016.
تطرق روبين بعد ذلك لتفاصيل أنشطة المخابرات التركية في أمريكا عبر مؤسسات مدنية، وشدد على أن منظمة التراث التركي (THO) ومقرها نيويورك ينبغي أن تثير الإنذارات لدى السلطات الأمريكية. وفسر سبب ذلك بأن رسائل بريد إلكترونية مسربة كشفت أن صهر أردوغان، وزير المالية برات ألبايراق، كان يُصدر تعليماته إلى رئيس هذه المنظمة خليل دانيزماز بشأن الأشخاص المقيمين في أمريكا الذين سيستهدفهم بالهجوم اللفظي والفعلي.
ثم علق روبين قائلاً: “هذه المنظمة تعمل في أمريكا وكأنها جناح غير مسجل في الحكومة التركية وحزبها السياسي الحاكم بدلاً من الاشتغال بالأنشطة الثقافية والعلمية التي تعرّف وتعزز التراث التركي. ومما يثير القلق أنه ثبت أن منظمة التراث التركي تورطت في التجسس على الجالية التركية في الولايات المتحدة. فوفقاً لمصادر على دراية بهذه القضية، تقوم المنظمة بإعداد تقارير تصنف رجال الأعمال الأتراك والأكراد في الولايات المتحدة وفق أعراقهم وآراءهم وتوجهاتهم السياسية وترسلها إلى تركيا”.
عقب روبين بعد ذلك قائلاً: “من الممكن أن تكون لأنشطة هذه المنظمة التركية وقاعدة البيانات التي تحوزها عن الأتراك والأكراد آثار مخيفة في الولايات المتحدة”.
وعقد المحلل الأميركي الخبير في الشؤون الدبلوماسية مقارنة بين تركيا أردوغان وبعض دول الشرق الأوسط وأسيا قائلاً: “فقد قامت كل من إيران وليبيا معمر القذافي وعراق صدام حسين وروسيا فلاديمير بوتين باغتيال المعارضين على الأراضي الأوروبية، بالإضافة إلى أنها قامت بالتجسس على المعارضة السياسية التي كانت تعيش في أمريكا”.
ومن ثم تطرق روبين إلى نقطة مهمة إذ قال: “وعلى الرغم من أن الأتراك المقيمين في الخارج لم يشربوا بعد الشاي البولونيوم (المادة المشعة عالية السمية التي رجح خبراء سويسريون أن يكون الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات قد لقي حتفه بسببه)، إلا أن تحقق ذلك ليس ببعيد في ظل استلهام أردوغان من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وتطبيقه نهجًا لا يتسامح مع أي معارضة”.
وتساءل روبين الذي سبق أن عمل في البنتاغون ما إذا كانت السلطات الأوروبية والأمريكية مستعدة ومجهزة للتعامل مع العملاء الأتراك، مؤكدًا أن أنشطتهم في أمريكا وأوروبا تجاوزت بكثير حدود مهامهم المبينة في القانون الدولي والأعراف الدبلوماسية.
ولفت روبين إلى أن الرئيس أردوغان “يختبر المياه”، وأن الأراضي الأمريكية قد تشهد في المستقبل القريب عمليات تركية أكثر عنفا مما سبق، إن لم تقم وزارة العدل الأمريكية بتفعيل القانون ضد الوكلاء الأتراك دون المساس بوضع تركيا في الناتو، على حد تعبيره.
ومن اللافت أن تحذيرات روبين جاءت بعد التصريحات الصادمة التي أدلى بها إبراهيم كالين، كبير مستشاري أردوغان، والمتحدث باسمه، قبيل توجه أردوغان إلى زيارة أمريكا وألمانيا، والتي اعترف خلالها بعمليات الاختطاف التي تنفذها المخابرات التركية ضد المعارضين عامة والمتعاطفين مع حركة الخدمة خاصة في أنحاء مختلفة من العالم. إذ قال كالين: “لا شك أن عملياتنا الخارجية التي ننفذها ضد أعضاء “تنظيم فتح الله كولن…” ستتواصل دون توقف، سواء كانت في الولايات المتحدة أو أماكن أخرى من العالم. فأجهزتنا المعنية ستواصل عملياتها ضدهم دون فتور، وبالتالي سيشعرون بأنفاس الدولة تحاصرهم في كل مكان. لا يشكنّ أحد في ذلك”.
وكان كالين أقر أيضًا بأن هذه الأوامر غير القانونية باختطاف المعارضين وأفراد حركة الخدمة المتوزعين حول العالم، ومعظمهم مدرسون وأكاديميون، صدرت بصورة مباشرة من الرئيس أردوغان، حيث أكد قائلا “ولا بد أن أقول إن هناك تعليمات واضحة صارمة من رئيس جمهوريتنا في هذا الصدد، وإن أجهزتنا تنفذ أعمالها بصورة احترافية للغاية. يمكن أن يتم تنفيذ عمليات في بلدان مختلفة على غرار ما حدث في كوسفو”.
اضغط لقراءة المقال من أصله باللغة الإنجليزية