أنقرة (زمان التركية)ــ تستعد شركة “Mckinsey” الأمريكية للإدارة الدولية التحكم في الاقتصاد التركي بموجب الاتفاق الموقع مع الحكومة التركية التي يمثلها وزير الخزانة والمالية برات ألبيراق، حيث شكلت مكتبًا يمثله 16 وزارة، يتولى إدارة شؤون الاقتصاد التركي في النظام الرئاسي الجديد.
وكان وزير الخزانة والمالية التركي برات ألبيراق أعلن في كلمته على هامش المؤتمر التاسع للاستثمار في تركيا المنظم من قبل مجلس الأعمال التركي الأمريكي في نيويورك، بالتزامن مع انعقاد الجمعية العمومية رقم 73 للأمم المتحدة، التوصل لاتفاق مع شركة “McKinsey” للإدارة الدولية لتقديم الاستشارات للحكومة التركية ضمن البرنامج الاقتصادي الجديد، في محاولة منه إرسال رسالة طمأنة إلى المستثمرين ورؤوس الأموال الأمريكية، قائلًا: “يقوم المكتب المشكل من ممثلي 16 وزارة بفحص جميع أهدافنا ونتائجنا”.
الأمر الذي فسره الخبراء والاقتصاديون على أن الحكومة التركية ستلجأ إلى وضع جميع البنوك التركية تحت سيطرة شركات استشارات أجنبية بزعم تقديمها المساعدة لتقليل عبء الديون الخارجية، كخطوة تعتبرها الحكومة أفضل من اللجوء إلى البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
وينتظر أن يقدم الدائنون من البنوك الأجنبية المزيد من القروض لتركيا بعد أن تمنحهم شركة “Mackinsey” الضوء الأخضر.
وهذا يعني أن شركة “Mckinsey” ستقدم توصيات لحكومة حزب العدالة والتنمية فيما يتعلق بإدارة الدولة وستتدخل في الاقتصاد، وكأنها قد تم تعيينها وصيًا على الدولة التركية من قبل الدائنين. فإن لم تتبع الحكومة التركية هذه التوصيات ستعطي الشركة إشارات للبنوك الأجنبية وصناديق رؤوس الأموال الدولية التي تفكر في ضخ الأموال إلى تركيا بعدم تقديم قروض للشركات التركية.
كما تيقع ضمن مسئوليات الشركة تنظيم الموازنة العامة للدولة مع الحكومة، وحرمان البرلمان من المشاركة.
وقال متخصصون أن القرار يشبه مرسوم قرار محرم الصادر في عهد السلطان عبد الحميد الثاني، حيث تم تشييد إدارة الديون العمومية.
ما هو مرسوم قرار محرم؟
نقل المرسوم صلاحية جباية ضرائب الدولة العثمانية التي لم تعد تستطيع دفع ديونها أو الحصول على قروض جديدة، إلى الدول الدائنة. بهذا أصبحت الدولة العثمانية نصف محتلة. فقد كانت الدولة العثمانية لا يوجد بها هيئة مركزية لجمع ضرائب الدولة. وأصبحت الدول الدائنة مثل إنجلترا وفرنسا وإيطاليا يقوم بإرسال موظفين عنهم لجمع الضرائب بأنفسهم، والحصول على قروضهم بأنفسهم، مما مكن الدولة العثمانية من الحصول على قروض جديدة.
أما اليوم فالدولة لا يوجد لديها أي مشكلة في جمع الضرائب. وقد امتطت ظهر الشعب الفقير بنسبة 70% من إيرادات الضرائب ما بين ضريبة قيمة مضافة وضريبة الاستهلاك الخاص، وغيرها من الضرائب التي تعددت أشكالها وأنواعها؛ وبالرغم من ذلك فقد أعلن وزير المالية والخزانة برات ألبيراق البرنامج الاقتصادي الجديد، معلنًا عن نية الحكومة تحصيل المزيد من الضرائب.
فقد أعلنت تركيا بذلك عودة إدارة الديون العمومية بمرسوم قرار محرم في الذكرى 137 له، فمن المصادفة أن إعلان برات ألبيراق جاء في 27 أغسطس/ آب 2018، وما يوافق 17 محرم 1440. أي أنه في التاريخ الهجري لإعلان تأسيس إدارة الديون العمومية.
وبحسب التقارير الرسمية فإن القطاع الخاص التركي اعتبارًا من مارس/ أذار 2018 عليه قروض مستحقة للبنوك الأجنبية بقيمة 245 مليار دولار أمريكي. وتمثل الديون التي حصلت عليها تركيا بالعملات الأجنبية نحو ثلثي إجمالي الديون الخارجية لتركيا.
وبحسب التقارير الرسمية لشهر مارس/ أذار 2018، فإن ديون تركيا الخارجية من العملة المحلية بلغت 81 مليار ليرة تركية، بينما بلغت الديون من العملات الأجنبية نحو 163 مليار دولار أمريكي؛ الأمر الذي يدق ناقوس الخطر بالنسبة للبنوك الأجنبية نظرًا لأن الجزء الأكبر من الديون من العملات الأجنبية، وبالتحديد البنوك الإسبانية التي تعتبر أكبر دائن لتركيا.