تقرير: محمد عبيد الله
برلين (زمان التركية) – رفضت ألمانيا طلب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تصنيف حركة الخدمة، التي تستقي فكرها من الأستاذ فتح الله كولن، تنظيمًا إرهابيًّا، مؤكدةً أن الحكومة التركية لم تقدم حتى اليوم أدلة مقنعة حول وقوف هذه الحركة وراء الانقلاب الفاشل في عام 2016.
جاء ذلك على لسان المستشارة الألمانية أنجيلا ميركيل خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي أجرى زيارة رسمية لألمانيا استمرت ثلاثة أيام وعاد إلى تركيا خاوي الوفاض بشأن مطالبالته الخاصة بالمعارضين الأتراك المقيمين أو اللاجئين في ألمانيا.
وأكدت ميركل خلال المؤتمر الصحفي الذي عقدته مع أردوغان يوم الجمعة أنه يجب على الحكومة التركية تقديم مزيد من المعلومات والأدلة المثبتة لإدانة المتعاطفين مع حركة الخدمة أو المعارضين الأتراك من شتى الاتجاهات، مشيرة إلى أن الحكومة التركية طلبت تسليم وترحيل شخصيات تتهمهم بالإرهاب، غير أن بلادها لم تتلقَّ إلى اليوم أي أدلة كافية لإدانة هؤلاء.
وعلى الرغم من أن أردوغان طالب ميركل خلال المؤتمر بتسليم المعارضين الأتراك قائلاً: “لا شكّ أن تسليمكم هؤلاء إلينا من خلال العمليات المشتركة بين الأجهزة الاستخباراتية للبلدين بناء على الثقة المتبادلة بينهما سوف يسهّل عملنا بكثير”، إلا أن التصريحات الصارمة لميركل خيبت آمال أردوغان.
يذكر أن الحكومة التركية تتهم حركة الخدمة بالوقوف وراء الانقلاب العسكري الفاشل عام 2016، لكن الحركة تنفي ذلك بصورة قاطعة وتطالب بتحقيق دولي في وقائع الانقلاب دون استجابة من الحكومة التركية.
من جانب آخر، اختلفت وجهات نظر المستشارة الألمانية والرئيس التركي حول الكاتب الصحفي المعروف جان دوندار أيضًا، والذي خطف الأضواء على نفسه بعد أن نشر مقاطع فيديو تكشف نقل المخابرات التركية السلاح إلى الجماعات الجهادية في سوريا، إذ وصف ميركل دوندار بـ”الصحفي”، في مقابل وصف أردوغان إياه بـ”الإرهابي”.
وأوضحت ميركل أنها لا تتفق مع أردوغان فيما يتعلق بالصحفي التركي جان دوندار الذي غادر تركيا إلى ألمانيا بعد اعتقاله بضعة أشهر ثم الإفراجِ عنه قيد المحاكمة، مشيرة إلى أن دوندار مَنْ قرر عدم المشاركة في المؤتمر الصحفي من تلقاء نفسه.
من جانبه، أعلن دوندار، وهو رئيس تحرير صحيفة (جمهوريت) السابق، أنه بالرغم من عدم حضوره مؤتمر أردوغان مع ميركل بسبب تعرضه لتهديد الوفد التركي، إلا أنّه حقق جانباً من مساعيه وأهدافه وأحرج أردوغان حتى في غيابه، ونعت الاتهامات التي يوجهها له أردوغان بـ”الأكاذيب”.
ومن اللافت أن الحرس التركي أقدم على إخراج أحد الصحفيين المنحدرين من أصول كردية من قاعة المؤتمر الصحفي بين ميركل وأردوغان، وذلك لمجرد أنه احتج على أردوغان مرتديًا قميصًا مدون عليه “الحرية للصحفيين”.
وإذ كانت حركة التصفية والاعتقالات طالت أكثر من مائة ألف شخص، الأغلبية الساحقة منهم مواطنون مدنيون، وقليل منهم عسكريون، نشرت مجلة “فوكس” الألمانية المرموقة مقالا صادما للجميع بعد أسبوع واحد من الانقلاب تحت عنوان “السلطة.. الهذيان.. أردوغان”، أفردت فيه مساحة كبيرة لتقرير أعدته المخابرات البريطانية، وتشير إلى أنها حصلت على مكالمات هاتفية وبريدية مشفرة تعود لمسؤولي الحكومة التركية أثناء حدوث الانقلاب الفاشل، تكشف أنهم خططوا لإلصاق الجريمة بحركة الخدمة حتى يختلقوا ذريعة لإطلاق حملة تصفية موسعة في أجهزة الدولة بعد إحداث جريمة “الانتماء إلى حركة الخدمة”. واللافت أن المجلة حصلت على جائزة من إحدى المؤسسات الدولية بسبب هذا المقال التحليلي.
جدير بالذكر أن برونو كال؛ رئيس الاستخبارات الخارجية في ألمانيا سبق أن قال في تصريحاته لصحيفة “بيلد” الألمانية: “إن الحكومة التركية حاولت على مستويات مختلفة إقناعنا بأن حركة غولن هي التي دبرت محاولة الانقلاب، لكنها فشلت في تقديم أي دليل مقنع في هذا الصدد. هذه المحاولة لم تكن عملا منظما شارك فيه كل أجهزة الدولة. الحكومة التركية كانت قد أطلقت حملة تصفية كبيرة حتى قبل هذه المحاولة الانقلابية، وتوقعت بعض المجموعات في المؤسسة العسكرية أن تطالهم هذه التصفيات أيضًا، فرأت ضرورة المسارعة إلى إحداث انقلاب لإنقاذ أنفسهم. لكنهم تأخروا وحصدتهم تلك التصفيات التي بدأت بعد إفشال الانقلاب. حتى لو لم تقع هذه المحاولة فإن هذه التصفيات كانت ستجرى وإن لم تكن بهذه الشدة والعمق والتوسع. فمحاولة الانقلاب باتت ذريعة مرحبة بها. لكن حركة غولن ليست منظمة إرهابية بل هي حركة مدنية دينية تعليمية”.
ولعل رئيس الاستخبارات الخارجية في ألمانيا يشير بعبارة “محاولة الانقلاب باتت ذريعة مرحبة بها” إلى وصف أردوغان لهذه المحاولة الغاشمة بالهدية الإلهية!
كما أن مجلة “فوكس” الألمانية المرموقة كانت نشرت مقالا صادما للجميع بعد أسبوع واحد من الانقلاب الفاشل في تركيا تحت عنوان “السلطة.. الهذيان.. أردوغان”، أفردت فيه مساحة كبيرة لتقرير أعدته المخابرات البريطانية، وتشير إلى أنها حصلت على مكالمات هاتفية وبريدية مشفرة تعود لمسؤولي الحكومة التركية أثناء حدوث الانقلاب الفاشل، تكشف أنهم خططوا لإلصاق الجريمة بحركة الخدمة حتى يختلقوا ذريعة لإطلاق حملة تصفية موسعة في أجهزة الدولة بعد إحداث جريمة “الانتماء إلى حركة الخدمة” الجاهزة.
واللافت أن المجلة حصلت على جائزة من إحدى المؤسسات الدولية بسبب هذا المقال التحليلي.