تقرير: محمد عبيد الله
نيويورك (زمان التركية) – اتهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أفراد حركة الخدمة المستلهمة من فكر المفكر الإسلامي التركي فتح الله كولن في خطاب ألقاه باجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، بـ”تصدير الإرهاب من الولايات المتحدة إلى 160 بلدا في جميع أنحاء العالم”، وذلك من خلال المدارس المستقلة التابعة للحركة في أمريكا!
واستمر أردوغان الذي لا يكل ولا يمل من مهاجمة “الخدمة” في النيل من الحركة خلال خطاب ألقاه الثلاثاء في الدورة الثالثة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حيث زعم قائلاً: “تنظيم فتح الله كولن يصدّر الإرهاب من الولايات المتحدة إلى 160 دولة، ويتلقى 763 مليون دولار من ميزانيات الولاية من خلال المدارس المستقلة (Charter Schools) في 27 ولاية أمريكية. فهذا التنظيم يتم تمويله من هنا (الولايات المتحدة)”، بحسب ادعائه.
وقال أردوغان الذي يتهم حركة كولن بقتل 251 شخصًا في ليلة محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016 من دون دليل: “إن زعيم المجموعة يعيش في الولايات المتحدة، في بنسلفانيا، ويصدر الإرهاب من هناك إلى 160 بلدا في العالم. بعض البلدان التي نعرفها كأصدقاء لنا يرفضون إعطائهم إلينا”، مهددًا تلك البلدان بقوله: “إنّ من لا يدرك الخطر سيدفع ثمنا باهظا”.
يذكر أن كولن طالب بفتح تحقيق دولي حول الانقلاب، لكن السلطات التركية لم تستجب له حتى الآن.
جدير بالذكر أن المدارس المستقلة (Charter Schools) التي من الممكن أن تكون مدارس ابتدائية أو ثانوية تتلقى تمويلاً حكوميًا أقل من المدارس الحكومية وتقبل تبرعات خاصة مثل المدارس الأخرى، وتخضع لقواعد ولوائح وقوانين معينة تطبق على المدارس عامة، لكنها تتمتع بمرونة أكبر من المدارس الحكومية التقليدية. وتعتبر هذه المدارس بديلاً للمدارس الحكومية الأخرى، غير أنها تعد جزءًا من نظام التعليم الحكومي، ولا يُسمح لها بجمع رسوم تعليمية. بعض المدارس المستقلة تدرّس مناهج دراسية متخصصة في مجال بعينه، مثل الفنون أو الرياضيات أو التدريب المهني، ويقدم البعض الآخر منها تعليمًا عامًا أعلى من حيث مستوى وأقل تكلفة مقارنة بالمدارس الحكومية غير المستقلة، بحسب ما ورد في موسوعة “ويكيبيديا” الحرة.
وغالبًا ما يؤسس هذا النوع من المدارس غير الربحية مدرسون أو أولياء أمور أو ناشطون أو مجموعات غير ربحية وأصحاب جامعات ممن يشعرون بعقم المدارس الحكومية التقليدية. وامتلاك أي مجموعة أو شركة لهذه المدارس منوط بنجاح التعليم المقدم فيها، وفي حال فشل المشرفين عليها يتم انتزاعها منهم.
وغني عن البيان أن إمكانية فتح أو امتلاك هذا النوع من المدارس لا تقتصر على مجموعة دون أخرى، فكل مجموعة تتوافر فيها الشروط المبينة في القوانين يحق لها فتح أو امتلاك تلك المدارس، بغض النظر عن انتماءات أو أعراق أو جنسيات أو أفكار تلك المجموعة.
تضليل الرأي العام
لذلك اعتبر محللون أن مزاعم أردوغان الخاصة بإرهابية حركة الخدمة وتمويلها من قبل الولايات المتحدة، بحجة امتلاكها مدارس مستقلة في أمريكا، ليست إلا مغالطة تهدف إلى تضليل الرأي العام التركي والدولي، فضلاً عن أن التنظيمات الإرهابية في العالم لا تشتغل بالتعليم وفتح مدارس وجامعات، بل هي أكثر من يكنّ الكراهية والعداء لأي مؤسسة تعليمية، وأكثر استهدافًا للمعلمين واستغلالاً لغير المتعلمين في أنشطتها الإرهابية.
وكان أردوغان أعلن حربًا شاملة على كل من زعم انتمائه إلى حركة الخدمة داخل وخارج تركيا، بعد تحقيقات الفساد والرشوة في عام 2013، وبعد الانقلاب الفاشل في 2016 على وجه الخصوص، وطلب من الدول إغلاق المدارس والمؤسسات التابعة للحركة واعتقال وتسليم المعلمين ورجال الأعمال وأقربائهم الذين يتعاطفون معها.
ونتيجة للمطاردة العالمية ضد الحركة، قامت المخابرات التركية بإعادة أكثر من 100 من الأتراك المرتبطين بالحركة إلى تركيا، بالتواطؤ مع بؤر معينة داخل أجهزة تلك الدول، كما حدث في كوسوفو وقطر وأذربيجان وماليزيا والغابون وميانمار وغيرها من الدول الضعيفة من الناحية الديمقراطية وحقوق الإنسان.
وكانت الحكومة التركية أنشأت وقف “المعارف” الذي يشرف عليه مجلس الوزراء قبل عامين، وقد استولى الوقف على عدد من مدارس حركة الخدمة خارج البلاد بشكل غير قانوني، وتقدمه الحكومة للعالم كبديل عن مؤسسات الخدمة التعليمية.
وطالب أردوغان أكثر من مرة الولايات المتحدة بتسليم المفكر الإسلامي فتح الله كولن إلى تركيا، لكنها لا تزال ترفض هذا الطلب بسبب عجز الجانب التركي من تقديم أدلة ملموسة تثبت تورطه في محاولة الانقلاب الفاشلة التي تصفها المعارضة التركية بـ”الانقلاب المدبر” وترى أن أردوغان من دبرها من أجل تأسيس نظام جديد تحت مسمى النظام الرئاسي.