أدرنة (زمان التركية) – اعتقلت قوات الأمن التركية مواطنًا تركيًا وزوجته وطفلتهما الصغيرة خلال مداهمة منزلهم بمدينة أدرنة في شمال تركيا، بعدما صدر بحقهم قرار اعتقال بتهمة دعم الإرهاب والمشاركة في انقلاب عام 2016، فيما كان دليل الإدانة عبارة عن أحد التطبيقات الهاتفية للمحادثات الفورية.
وتشير المعلومات الواردة إلى أن فرق مكافحة الإرهاب التابعة لمديرية أمن أدرنة اعتقلت الأسبوع الماضي في إطار تحقيقات المحاولة الانقلابية، خليل إ.ي وزوجته ف.ي بعد أن أصدرت نيابة إسطنبول قرارًا بالقبض عليهما وطفلتهما الصغيرة.
وكشفت المعلومات التي حصلت عليها صحيفة (زمان) التركية أن خليل إ.ي تخرج من جامعة الأزهر من قسم أصول الدين في عام 2009 وكان يعمل في تركيا في المجال الديني أيضًا.
وعقب الحصول على إفادتهم في مديرية أمن أدرنة، نقل خليل إلى سجن أدرنة، بينما نقلت الزوجة وطفلتها الصغيرة إلى سجن بكركوي.
واستندت النيابة في قرار السجن إلى استخدام المشتبه بهم لتطبيق بايلوك المزعوم استخدامه من قبل مدبري انقلاب عام 2016 الفاشل.
جدير بالذكر أن السلطات التركية سبق أن سجنت إمرة أ. وأحمد ك، خريجي الأزهر أيضًا، بالتهمة نفسها ليتم لاحقا إخلاء سبيلهما مع إخضاعهما للرقابة القضائية.
تقرير المخابرت التركية حول بايلوك
على الرغم من أن الرئيس رجب طيب أردوغان زعم أن تطبيق بايلوك كان “الوسيلة السرية لتواصل الانقلابيين”، و”لا يستخدمه إلا المنتمون إلى حركة الخدمة”، و”لا يمكن تحميله إلا من خلال واصلة أو بولوتوث”، وكل عمليات الاعتقال والفصل تجري بتهمة استخدام هذا التطبيق وإن لم تكن مشاركة فعلية في محاولة الانقلاب، إلا أن صحيفة “حريت” التركية نشرت في شهر أكتوبر / تشرين الأول الماضي حوارا في افتتاحيتها أجرته مع ديفيد كينز؛ صاحب برنامج وتطبيق بايلوك، حيث أكد أن التطبيق توقف تداوله وطرحه في كل من Google Play وAppstore منذ شهر يناير / كانون الثاني من عام 2016، أي قبل ستة أشهر من وقوع الانقلاب الفاشل، وأن التطبيق نزله حوالي 600 ألف شخص، وهو مفتوح للجميع، وليس مقتصرا على المنتمين إلى حركة الخدمة، كما زعم أردوغان.
ولما جاء يوم 17 من شهر يناير المنصرم نشرت معظم الصحف التركية تقريرا أعدته المخابرات التركية يتناقض مع أطروحات أردوغان حول تطبيق بايلوك. ومع أن التقرير أعد أصلا من أجل الدعاية السوداء ضد الخدمة، وتقديم أدلة جديدة تساند نظرية وقوفها وراء الانقلاب الفاشل، إلا أن “قراءة ما بين السطور” تكشف أن المخابرات التركية تعترف بشكل صارخ بأن التطبيق يمكن أن يحمله أي شخص من Google Play المفتوح للجميع.
بمعنى أنها نفت مزاعمها السابقة التي ادعت فيها أنه لا يمكن تحميله إلا من خلال واصلة أو بولوتوث، وأنه خاص بأفراد حركة الخدمة، كما أقرت بأن هذا التطبيق قد بدأ عرضه على المستخدمين عبر Google Play منذ بداية عام 2014 حتى مطلع عام 2016، أي انتهى عرضه قبل 6 أشهر من الانقلاب الفاشل، التقرير الذي أيد تصريحات صاحب التطبيق وأسقط مزاعم أردوغان.
انهيار أسطورة تطبيق بايلوك!
وتبين أن جهاز الاستخبارات أرسل لوزارة العدل خطابًا في 27/05/2017 يحمل عنوان “استخدام تطبيق بايلوك”، الذي تزعم الحكومة أنه كان وسيلة تواصل الانقلابيين فيما بينهم، وتجري على أساسه اعتقلات جماعية تستهدف المدنيين أكثر من العسكريين، يعترف فيه بحدوث خطإ كبير في البيانات الخاصة بمستخدمي هذا التطبيق. إذ يحذر جهاز الاستخبارات من أن القائمة الخاصة بمستخدمي التطبيق قد تكون غير دقيقة، بسبب إمكانية مشاركة الإنترنت مع الآخرين عن طريق الشبكات اللاسلكية “واي فاي”.
ومع أنّ المطلوب من وزارة العدل أن تقوم بالواجب، وتصحح الأخطاء الواردة في هذا الصدد بشكل دقيق، وإزالة المظالم التي تعرض لها عشرات الآلاف من المواطنين، أغلبهم من حركة الخدمة، بحجة استخدامهم هذا التطبيق، ومن ثم القيام بتعويضهم، إلا أنها اكتفت بإرسال نسخة من هذا الخطاب إلى محاكم الجنايات المختصة في تاريخ 13/07/2017 فقط.
وإذا أخذنا في الاعتبار أن السلطات تعتقل يوميًّا كل من نزل تطبيق بايلوك (ByLock) من جوجل بلاي أو آب ستور على هاتفه الشخصي يتبين حجم المظالم التي تسبب فيها هذا الخطأ إن لم يكن متعمدًا!
وبعد ظهور هذا “الخطأ” أقبلت المحاكم المشرفة على قضايا الانقلاب الفاشل على إصدار قرارات الإفراج عن آلاف المعتقلين والمعتقلات بتهمة استخدام هذا التطبيق، وأوضحت السلطات أن هناك حوالي 12 ألف شخص تم اعتقالهم بالخطأ!
لكن الطامة الكبرى هي أن عمليات الاعتقال والفصل بتهمة “استخدام بايلوك” لا تزال تستمر حاليا على قدم وساق فى تركيا، وسط مزاعم استخدامه من قبل 125 برلمانيًّا من أحزاب مختلفة، بل حتى هناك وزراء يستخدمون هذا التطبيق!
على كل حال، فإن جميع عمليات الاعتقال بتهمة «استخدام تطبيق بايلوك» تعسفية وغير قانونية، حتى لو كانت المزاعم الواردة حوله صحيحة، ذلك أن هذه المزاعم مصدرها المخابرات التركية التى سبق أن أعلنت بشكل رسمى “أن الوثائق والمعلومات الاستخباراتية التى تقدم للمؤسسات المعنية، التى تعد بعد تقييم وتفسير الوثائق والمعلومات التى تأتى إلى جهازنا من مصادر مختلفة لا يمكن استخدامها كأدلة قانونية”.
من جانب آخر، أثبت المحامي الشهير “مراد آكّوتش” مبادرة جهاز المخابرات إلى إخراج 278 ألف شخص من قائمة مستخدمي “بايلوك” البالغ عددهم 493 ألف و512 شخصا وفق قائمة المخابرات دون اتباع أي معيار موضوعي، الأمر الذي يكشف أن الأسماء الواجب اعتقالهم أو فصلهم من مؤسسات الدولة تم تحديدهم من قبلُ طبقًا لقوائم التصنيفات الأيديولوجية المعدة مسبقًا على نحو لا يشمل الوزراء ونواب وأنصار الحزب الحاكم.