إدلب (زمان التركية) إذا انتزعت سيطرة مدينة إدلب السورية من قبضة المعارضة السورية، من خلال العملية المرتقبة التي تستعد لها قوات الجيش السوري بالتعاون مع القوات الروسية، لن يصبح في سوريا أي مدينة تحت سيطرة المعارضة؛ مما يعني أنه سيكون انتصارًا نهائيًا لنام الرئيس السوري بشار الأسد، في الحرب الدموية المستمرة منذ 7 سنوات.
وكذلك مع استعادة إدلب ستكون قوات الجيش السوري قد أمنت حلب وحماه واللاذقية، ما سيترتب عليه عودة ملايين من اللاجئين السوريين إلى بلادهم.
وكانت مدينة إدلب التي تتمتع بموقع استراتيجي على الحدود السورية في الجزء الشمالي الغربي من سوريا، قد سقطت في يد تنظيم جيش الفتح الذي قادة كل من أحرار الشام وجبهة النصرة الأذرع المسلحة لتنظيم القاعدة في سوريا في مارس/ أذار 2015.
ومع اشتعال الحرب السورية في 2011، كانت إدلب أول المدن السورية التي خرجت منها أولى موجات النزوح واللجوء إلى تركيا، وفي الوقت نفسه كانت أول قبلة للمقاتلين الأجانب الذي وصلوا سوريا عبر الأراضي التركية.
وتعتبر مدينة إدلب المدينة الوحيدة المتبقية في أيادي التنظيمات الإرهابي، حيث تصفها القوات الروسية بمعقل وقاعدة التنظيمات الإرهابية، إذ كانت تضم تنظيمات إرهابية مثل النصرة وحزب شرق تركستان، وأحرار الشام.
وفي يوليو/ تموز 2017 طارد تنظيم النصرة أحرار الشام إلى أن أصبح يسيطر على المدينة بأكملها بمقرده.
كما توجد جبهة الإنقاذ الوطنية السورية المدعومة من أنقرة، في جزء من مدينة إدلب الذي يسيطر عليه تحالف هيئة تحرير الشام الذي يقوده تنظيم النصرة.
وبحسب هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، فإن 60% من المنطقة تقع تحت سيطرة هيئة تحرير الشام، ويبلغ عدد المجاهدين بها نحو 100 ألف مقاتل؛ كما أن هناك تواجد لتنظيمات النصرة وحزب شرق تركستان في مناطق خان شيخون وجسر الشغور وجيرون الموجودة في المناطق الريفية من إدلب، وبالإضافة إلى تنظيم داعش الذي يحارب مع المجاهدين الآخرين.
وقد نجحت قوات النظام السوري في إخراج التنظيمات الإرهابية من مناطق سيطرتهم، بفضل اتفاقيات الخروج الآمن اتي عقدتها معهم؛ إلا أن هذا أدى إلى تدفق الآلاف منهم إلى مدينة إدلب. وكذلك تم نقل مجاهدي درعا وحماه والقنيطرة وحمص، إلى مدينة إدلب، التي تحولت إلى معسكر لتجميع الفصائل المعارضة.
كما تعتبر إدلب واحدة من المناطق الأربعة لتقليل التوتر التي تم تأسيسها في ضوء الاتفاف الذي تم التوصل إليه ضمن مفاوضات أستانة التي تمت بين كل من تركيا وإيران وروسيا.
أما تركيا فتقوم حاليا بتدعيم نقاط المراقبة الإثنى عشر التي أقامتها في إدلب في إطار اتفاق أستانا عبر تعزيزات عسكرية بالجند والعتاد.
فضلًا عن أن أدلب تمثل تهديدًا خطيرًا بالنسبة لروسيا، إذ أنها أصبحت مكان لتجمع جميع المقاتلين ذوي الصلة بشمال القوقاز، وكذلك يتم توجيه الطائرات بدون طيار التي تشن الهجوم المسلح على قاعدة حميميم الجوية التابعة للقوات الروسية في اللاذقية من قلب إدلب.
وفي حالة تنفيذ العملية العسكرية التي تعارضها تركيا، وعودة إدلب لسيطرة النظام، فإن هذا يعني تحقيق رئيس النظام السوري بشار الأسد انتصارًا غاليًا في الحرب التي استمرت منذ 7 سنوات؛ وبهذا ستكون آخر مدينة تحت سيطرة التنظيمات المعارضة قد سقطت، وأصبحت المدن المجاورة مثل حماه واللالذقية وحلب في أمان، إذ أنها كانت تتعرض لهجوم بصواريخ جراد التي تطلقها التنظيمات الإرهابية، حيث تبعد حلب نحو 60 كيلومترًا، واللاذقية بنحو 40 كيلومترًا، وحماه بنحو 40 كيلومترًا عن إدلب.
وبحسب الخبراء والمحللون فإن هذه الخطوة إن نجحت في إدلب الحدودية بين تركيا وسوريا، تعتبر تمهيدًا لطريق العودة لملايين من اللاجئين الفارين خارج سوريا.
لماذا إدلب مهمة لتركيا؟
تسعى أنقرة جاهدة لمنع تكوين شريط من الحدود العراقية وحتى ساحل البحر المتوسط مرورًا بإدلب، تحت سيطرة تنظيم وحدات حماية الشعب الكردي الذراع المسلح لحزب العمال الكردستاني في شمال سوريا، لذلك تسعى جاهدة أيضًا لإقناع الجميع بأن المنطقة العسكرية التي ستقيمها في المنطقة ستكون عائقًا أمام انتشار وحدات حماية الشعب الكردية في إدلب. وكذلك تؤكد أنها ستقوم بتكوين منطقة آمنة للمدنيين، من أجل قطع الطريق أمام تدفق موجات جديدة من الهجرة واللاجئين إلى الأراضي السورية.
وتضع أنقرة في حساباتها تنظيم عمليات عسكرية جديدة بالتعاون مع الجيش السوري الحر، ضد وحدات حماية الشعب الكردي، معربة عن تخوفها من اختلاط عناصر جهادية وسط المدنيين ومن ثم الانتقال وسط اللاجئين للدخول إلى تركيا، في حال تحرير المدينة بواسطة قوات الجيش السوري.