القاهرة (زمان التركية)ــ نشر موقع صحيفة (الفجر) المصرية تقريرًا حول يوم عرفة وفضائله الكثيرة، بينما يستعد الحجاج للوقوف على جبل عرفات يوم الإثنين القادم خلال أداء شعيرة الحج.
وجاء في التقرير: “عرفة”.. اسم جبلٍ يقع شرقي مكة المكرمة على بعد حوالي عشرين كيلو متراً منها، وتُقام عليه أحد أركان الحج وهو الوقوف على صعيد عرفة أو عرفات وبدونه لا يصح الحج، ويتجلى فيه الله على عبادة بالعطاء، فوعدهم سبحانه بمغفرة الذنوب والسيئات، يوم يتضرع فيه الحجاج إلى ربهم، رافعين أيديهم إلى السماء، تبكي أعينهم، يسألونه مغفرة ذنوبهم، وليس الحجاج وحدهم هم من ينتفعون بهذا اليوم، وإنما وهبه الله لجميع عبادة.
من المعروف أنّ يوم عرفة من خير الأيّام التي طلعت فيها الشّمس، وهو يومٌ يقف فيه الحجيج بين يديّ ربّهم في ثيابٍ لا تفريق فيها بين الفقير والغنيّ، وبين الملوك والأتباع، فكلّهم سواسية في مشهد يتذكّر فيه المؤمنون لقاءَ ربّهم يومَ الحشر، وموقف كهذا لهُ من الأمر ما ليس لبقيّّة المواقف، لذا فإنّ للدّعاء فيه فضائل عظيمة تتناسب وهَيبة الموقف.
إن الدّعاء يوم عرفة مع إخلاص التوجّه إلى الله، والصّدق في الطّلب، والتّوكّل عليه وحده، يجعل الدّعاءُ مُستجاباً بإذن الله تعالى، وهذا من أعظم فوائده في يوم عرفة؛ إذ يستجيب الله لكَ دعاء هذا اليوم، وإن لم يتحقّق كما أردت فكُن علي يقين بأنّ الله قد اختار لكَ أمراً أفضل أو دفعَ عنكَ مكروهًا قد أحاط بك وأنت لا تَعلم عنه شيئاً، وقد وصفَ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في الحديث الذي رواه التّرمذيّ بأنّ خير الدّعاء دُعاء يوم عرفة ونصّ الحديث :(خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْم عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
فضل صيام يوم عرفة
أجمع العلماء على أن صيام يوم عرفة أفضل الصيام في الأيام جميعها بعد صيام رمضان، فهو رفعة في درجات العباد عند الله سبحانه وتعالى، وباب لتكثير حسناتهم، وصيامه يُكفِر ذنوب سنة قبله وذنوب سنةٍ بعده، ويُقصد بذلك تكفير الصغائر من الأعمال السيئة دون الكبائر من الذنوب، وذلك التكفير مشروطٌ بترك الكبائر.
ومن أهم مميزات يوم عرفة هو وعد الله الصادق لعباده، بعتقهم من النار، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة)، كما أن له فضل كبير، بجعله أحد أيام أشهر الحج قال الله – عز وجل- (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ) وأشهر الحج هي: شوال، ذو القعدة ، ذو الحجة.
وهو أيضا أحد الأيام العشرة المفضلة في أعمالها على غيرها، من أيام السنة: يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : “ما من عمل أزكى عند الله – عز وجل- ولا أعظم أجرا من خير يعمله في عشر الأضحى قيل: ولا الجهاد في سبيل الله – عز وجل- ؟ قال ولا الجهاد في سبيل الله – عز وجل- إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء”.
ومن المعلوم أن الله سبحانه وتعالى لا يقسم إلا على أمور لها فضل كبير وعظيم، ويوم عرفة أحد الأيام العشر التي أقسم الله بها منبها على عظم فضلها، وعلو قدرها قال الله – عز وجل- : (وَلَيَالٍ عَشْرٍ )، ومن المعلوم عنه أنه أيضًا أنه يوم أكمل الله فيه الملة، وأتم به النعمة، قال عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- : إن رجلا من اليهود قال : يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرؤونها، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا. قال : أي آية؟ قال:” الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا” قال عمر – رضي الله عنه- : قد عرفنا ذلك اليوم الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم بعرفة يوم الجمعة.
كما أن يوم عرفة أحد الأيام المعلومات، والأيام المعلومات هي من الأيام التي أثنى الله عليها في كتابه، حيث يقول : (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ) قال ابن عباس –رضي الله عنهما : الأيام المعلومات: عشر ذي الحجة، فضلاً عن أن الله سبحانه وتعالى لا يقسم إلا على أمور لها فضل كبير وعظيم، ويوم عرفة أحد الأيام العشر التي أقسم الله بها منبها على عظم فضلها.
صوم يوم عرفة للحاج
لا ينبغي للحاج في يوم عرفة الصيام، بل عليه أن يتفرّغ لعبادة الله بسائر الأعمال غير الصيام كالدعاء والذكر وقراءة القرآن، فعن ابن عباس رضي الله عنه قال: (نَهى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن صومِ يومِ عرَفَةَ بعرَفَةَ)، وعن لبابة بنت الحارث رضي الله عنها قالت: (أنهُم شَكُّوا في صَوْم النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يومَ عَرَفَة، فبُعِثَ إليهِ بقَدحٍ مِن لَبنٍ فَشَرِبَهُ).
تسميته
“عرفة”.. سُمي بهذا الإسم، لأن الناس يتعارفون به، وقيل: سُمي بذلك؛ لأن جبريل طاف بإبراهيم- عليه السلام- كان يريه المشاهد فيقول له: أغرقت؟ أغرقت؟ فيقول إبراهيم: عرفت، عرفت.
وقيل: لأن آدم-عليه السلام- لما هبط من الجنة وكان من فراقه حواء ما كان فلقيها في ذلك الموضع؛ فعرفها وعرفته، وعرف كذلك باسم عرفات، كما قال تعالى: “فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام”.
مسجد نمرة
عندما يقف الحجاج في عرفات ينتصب أمامهم مسجدة “نَمرة”.. و”نمرة” هو جبل نزل به النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة في خيمة، ثم خطب في وادي عرنة بعد زوال الشمس، وصلى الظهر والعصر قصراً وجمعاً، جمع تقديم، وبعد غروب الشمس تحرك منها إلى مزدلفة.
ويأتي الحجاج يوم عرفة إلى مسجد “نمرة” ليستمعوا إلى خطبة خطيب المسجد، ثم يصلوا الظهر والعصر بأذان وإقامتين، ثم يشرعوا بالدعاء والتضرع ومسألة الله تعالى حتى غروب الشمس.
وادي “عرنة”
أما وادي “عرنة”، فهو من أودية مكة المكرمة والجزء المقدم من مسجد “نمرة” يقع في هذا الوادي وهو خارج عن عرفات وداخل في الحل وليس بمشعر، وهو حد فاصل بين الحل والحرم.
مسجد الصخرات
وفي عرفات مسجد “الصخرات”، وهو أسفل جبل “الرحمة” عـلى يمين الصاعد إليه، وهو مرتفع قليلاً عن الأرض يحيط به جدار قصير وفيه صخرات كبار وقف عندها رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية عرفة وهو على ناقته، أحيط هذا الموقف بجدار طوله من جهة القبلة 13.3 متر، والجدار الذي على يمينه ويساره 8 أمتار، أما الجدار المقابل للقبلة فدائري غير مستقيم.