القاهرة- محمد أبو سبحة (زمان التركية) ــ ألقت البروفيسورة صوفيا بانديا؛ رئيسة قسم مقارنة الأديان بجامعة كاليفورنيا الأمريكية محاضرة بالعاصمة المصرية القاهرة، تتناول النظرة الخاطئة لحركة الخدمة التركية، ونتائج انقلاب عام 2016، وحالة الشعبوية التي يتمتع بها أردوغان رغم عدم تبنيه مبادئ حقوق الإنسان والديموقراطية.
وبدأت صوفيا بانديا ذات الأصول التركية محاضرتها في أحد صالونات القاهرة الثقافية السبت بالتعريف بحركة الخدمة، التي تشتهر في العالم كحركة إنسانية تعمل على التعليم، وقالت إن الخدمة “لديها أكثر من 2000 مدرسة حول العالم، وفي الولايات المتحدة فقط لديها 200 مدرسة، هكذا ينظر العالم إلى حركة الخدمة بينما في تركيا الأمر مختلف”.
الخدمة ذريعة أردوغان للسيطرة على كل الأمور
وأوضحت عضوة هيئة التدريس بجامعة كاليفورنيا، أنه يوجد في تركيا فهم خاطئ لحركة الخدمة، وهي حركة تهتم كثيرًا بالجانب الروحي للإسلام في وقت تعرض ذلك الجانب لضمور غير مسبوق، مشيرة إلى أن بعض الحركات الإسلامية في تركيا تم منعها في فترة حكم كمال أتاتورك في محاولة لعلمنة الدولة وتخوفًا من دورها القوي.
وذكرت أن امتلاك “الخدمة” جامعات ومدارس ومستشفيات وبها الكثير من العاملين ومرتبط بها نحو 10 ملايين مواطن دفع السلطة الحاكمة في تركيا إلى اتهامها بتشكيل “كيان موازٍ” داخل الدولة عندما احتاج إلى مثل هذا الكيان ليقدمه للرأي العام كفزاعة من أجل التخلص من ملفات الفساد والرشوة في 2013 وتنفيذ مشاريعها في الداخل التركي وعموم المنطقة.
وقالت بانديا إن ما حدث في ظل حالة الطوارئ المعلنة بحجة التصدي للانقلاب لا يمكن الدفاع عنه، فالكثير من الصحفيين ربما يتجاور عددهم عدد الصحفيين المسجونين فى العالم كله تم سجنهم فى تركيا وأغلقت نحو 3000 مؤسسة تعليمية من مدارس وجامعات ومستشفيات، مشيرة إلى أن أورهان باموك الكاتب الروائى التركى الحاصل على جائزة نوبل فى الأدب قال إن ما جرى بعد محاولة الانقلاب هو “دولة الإرهاب”.
استغلال الخطاب القومي والدينى ونظرية المؤامرة لكسب شعبية
وحول حالة الشعبوية التي يتمتع بها أردوغان محليا وإقليميًا، قالت إن الجميع يعرف أن أردوغان حصل على تأييد شعبي كبير بسبب ما بدا أنه يتبني ويؤيد القضية الفلسطينية، بينما في مسألة سفينة (مرمرة) -لفك الحصار عن غزة عام 2010- تناولها فتح الله كولن من جانب آخر؛ لأنه كان من المعلوم أن السفينة ومن عليها سيواجهون الخطر ومع ذلك سُمح لها بمواجهة الخطر.. كولن كان يعترض على إرسال السفينة إلى غزة وكأنها سفينة حرب وأن تركيا تعلن الحرب على إسرائيل. لكن تم الترويج للموقف على أن فتح الله كولن لا يتبنى القضية الفلسطينية، وبالتالي كان هناك حالة من “التشوش” تجاه الموقف من حركة الخدمة، رغم ما قدمته جمعيات مقربة منه من مساعدات كثيرة إلى الشعب الفلسطيني من دون إثارة أي مشاكل. وفي نهاية المطاف تصالحت حكومة أردوغان مع إسرائيل في قضية مرمرة التي سقط فيها 9 قتلى، ووقعت في عام 2016 اتفاقية تطبيع مع إسرائيل.
وقالت، الآن السؤال لماذا كل هذه الشعبية التي يتمتع بها أردوغان بينما لا يتبنى الديموقراطية أو حقوق الإنسان؟ وفي الحقيقة فإن شعبيته أردوغان في الشرق الأوسط فقط، وليس في الغرب أي شعبية له، والسبب في ذلك أنك تجده يظهر كأنه يتبنى إسلاما وسطيا ويتبني قضايا إنسانية مثل القضية السورية كذلك مسالة القومية خاصة في تركيا وحديثه عن “العثمانية” يكسبه الكثير من الشعبوية في تركيا والشرق الأوسط، فهو يتبنى خطابًا شعبويا يمنحه كل هذا التأيد.
ولفتت الباحثة إلى أن أردوغان يتبنى خطابا شعبويًا، والنظام الشعبوى دائما يجب أن يقدم قرابين، واعتبرت أن أردوغان يجعل من الأكراد وأعضاء حركة الخدمة قرابين لأفعاله التعسفية المخافة للقانون والدستور، وأكدت على أن أردوغان يستخدم “الخطاب الدينى” للتأثير على الأغلبية، وقالت إن كل المؤشرات تقول إن هذا النظام سيؤدى إلى صعود العنف الجماعى داخل المجتمع، معتبرة أن ذلك سيؤثر على حقوق المرأة وسيرفع العنف ضدها وهو ما يحدث بصورة كبيرة داخل تركيا، بحسب دراسة أجريت فى جامعة ستانفورد.
واعتبرت الباحثة الأمريكية أن الرئيس رجب طيب أردوغان هو من دبر محاولة الإطاحة بنظامه والتى قامت فى 15 يوليو 2016، ونشر فكرة المؤامرة فى المجتمع ليتمكن من السيطرة الكاملة على السلطة.
أردوغان المستفيد الأكبر من “نعمة” الانقلاب
ورأت الباحثة الأمريكية أن أردوغان من دبر عملية الانقلاب على ذاته في يوليو 2016، وذكرت أدلة على ذلك، منها تمكن أردوغان من التنقل والحديث إلى وسائل الإعلام بكل حرية ودون أي خوف في الوقت الذي كانت أحداث الانقلاب في أوجها، وقوائم الاعتقال المعدة مسبقا والتى ظهرت مباشرة فى اليوم التالى، وقوله: “إن الانقلاب هو نعمة من الله”. كما أكدت أنه المستفيد الأكبر من محاولة الانقلاب، حيث نشر حالة من الخوف والرعب في عموم البلاد واستطاع أن يقمع الجيش ويجعله خاضعا لمشاريعه في سوريا خاصة بعد أن كان الجيش يرفض الإقدام على التدخل العسكري في الأزمة السورية.
وشددت بانديا على أنه أكثر ما يؤلم هو وجود 16 إلى 20 ألف امرأة داخل السجون التركىة، وبينت أن كثيرا منهن لسن مسجونات لانتمائهن إلى حركة الخدمة بل لأن أزواجهن فى الحركة ويتم القبض عليهن، وهناك نساء أزواجهن متعاطفون مع الخدمة وهربوا إلى خارج تركيا لغياب إمكانية محاكمة عادلة، لذلك يتم أخذهن كرهينات حتى عودة أزواجهن، على حد تعبيرها.