واشنطن (زمان التركية)ــ تسبب اعتقال السلطات التركية للقس الأمريكي من الطائفة الإنجيلية أندرو برونسون في توتر في العلاقات التركية الأمريكية في الفترة الأخيرة، وترتب عليه تدخل الرئيس الأمريكي ترامب لمحاولة حل الأزمة والإفراج عنه، مما أدى إلى إثارة المزيد من الجدل حول تأثير الجماعات الإنجيلية الفعالة في الولايات المتحدة الأمريكية والمؤثرة في سياستها الخارجية.
وتعتبر الجماعات الإنجيلية في الولايات المتحدة الأمريكية من العناصر المؤثرة في السياسات الأمريكية، ولكنها أثارت المزيد من الجدل في الفترة الأخيرة، خاصة مع دورهم في اتخاذ قرار نقل السفارة الأمريكية لدى إسرائيل إلى القدس والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وأخيرًا الأزمة المتصاعدة بين أنقرة وواشنطن بسبب استمرار اعتقال السلطات التركية للقس الأمريكي برونسون.
ومن الموضوعات الأكثر إثارة وجدلًا في الشارع الأمريكي في الفترة الأخيرة هي مدى دور الجماعات الإنجيلية وتأثيرها في السياسات الأمريكية في عدد من الموضوعات والملفات مثل تصويتهم لصالح الرئيس دونالد ترامب، وكذلك تعيينه نائبًا مسيحيًا من الطائفة الإنجيلية، ودوره في البيت الأبيض، واقتراب الانتخابات الفرعية للكونجرس الأمريكي.
ويبلغ تعداد المسيحيين الإنجيليين نحو 25% من التعداد السكاني لأمريكا، أي ما يعادل 80 مليون نسمة، ويعرفون بأنهم المسيحيون الصهاينة.
وفي الفترة الأخيرة قامت بعض الجماعات الإنجيلية الداعمة لحزب الجمهوريين المعروف أنهم أكثر تدينًا، بدعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الانتخابات الأخيرة.
قدَّموا الدعم لترامب بنسبة 81%
في انتخابات 2004 قدمت الجماعات الإنجيلية الدعم للرئيس جورج بوش في الانتخابات الرئاسية بنسبة 78%، وفي انتخابات 2008 قدموا الدعم لجون ماكين بنسبة 74%، وفي انتخابات 2012 قدموا الدعم لميت رومني بنسبة 78%، أما في عام 2016 فقد قدموا الدعم للرئيس دونالد ترامب بنسبة 81%.
في الولايات المتحدة الأمريكية يعرف الجمهوريون بأنهم أكثر تدينًا من منافسيهم الديمقراطيين، ولذلك كان من المثير للانتباه تقديم الإنجيليين الدعم لترامب أكثر من دعمهم لأي سياسي من قبل، بالرغم من أنه يقال عنه إنه لا يعرف ولو آية واحدة من الإنجيل.
جدل أخلاقي حول دعم الإنجيليين لترامب
وبالرغم من الادعاءات التي تتحدث عن أن ترامب ذلك المرشح الجمهوري غير الاعتيادي، يقوم بأفعال غير أخلاقية ويكذب ويدفع الرشاوي، إلا أنه نجح في الحصول على دعم الإنجيليين الذين يتبعون الإنجيل في حياتهم بشكل رئيسي. مما تسبب في حالة من الجدل الأخلاقي داخل المجتمع الأمريكي.
وقال القس قائد الطائفة الإنجيلية في الولايات المتحدة الأمريكية جيم واليس، في مقاله النقدي لموضوع دعم ترامب: “إن دعم ترامب هو كفاح أخلاقي بالنسبة للمسيحيين. ولكنني لم أدعم ترامب كي يقوم بأفعال غير أخلاقية”.
وقال بعض القساوسة الإنجيليين عن الادعاءات التي ظهرت حول ترامب: “تم مسامحة الرئيس”. وقال القس جيري فالويل في تصريحات مع قناة سي إن إن الأمريكية، مخاطبًا المسيحيين الأمريكان: “سامحوا الرئيس، هذه الادعاءات تعود إلى سنوات سابقة”. وقال القس توني باركينس في تصريحات مع مجلة “Politico”: “يجب منح الرئيس فرصة ثانية. لأنه يقوم بأجندة أعمال الإنجيليين”.
موقف الإنجيليين من إسرائيل والقدس
من ناحية أخرى يتم تقييم الوضع على أن الإنجيليين كان لهم دور وتأثير في قرار اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارتها لدى إسرائيل إلى المدينة المقدسة.
ومن جانيه أوضح وزير السياحة الإسرائيلي ياريف لافين في تصريحات له في أبريل/ نيسان 2018، أن السياحة الإسرائيلية سجلت رقمًا قياسيًا خلال عام 2017، وأن عدد السائحين وصل 3 ملايين و600 ألف سائحًا؛ وحسب الصحف والإعلام الأمريكي فقد بلغ عدد السياح الأمريكيين إلى إسرائيل خلال عام 2017 نحو 800 ألف سائح وأن أغلبهم من الإنجيليين.
المرجع اللاهوتي للإنجيليين
يؤمن الإنجيليون أن إسرائيل التي تأسست باحتلال الأراضي الفلسطينية في عام 1948، في ضوء تعاليم الإنجيل، وأن المسيح عليه السلام سيعود للحياة مرة أخرى على هذه الأرض، وستكون عودته بداية لنهاية العالم.
يستند الإنجيليون إلى هذا السبب اللاهوتي في معتقداتهم، لذلك يعتبرون أحد أهم العناصر السياسية في السياسات “الحادة” التي يتبعها الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب، فيما يتعلق بملف إسرائيل والقدس.
وفي أعقاب نقل السفارة الأمريكية لدى إسرائيل إلى القدس، تم تنظيم حفل، وشارك فيه القس الإنجيلي روبيرت جيفريس الذي رفع الدعاء في الاحتفال، وكان قد قال في تصريحات سابقة له مع قناة سي إن إن الأمريكية: “إن القدس هدف اليهود والمسيحيين على مر التاريخ”.
وخلال حملته الانتخابية قبيل الانتخابات الرئاسية الأمريكية أعلن الرئيس دونالد ترامب أنه سيعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وبالفعل أوفى بوعده الذي قدمه للإنجيليين الذي قدموا له وعودًا بالدعم في الانتخابات.
وقالت البروفيسورة أليزابيث أولد ميكسون من جامعة شمال تكساس في تصريحات صحفية: “إن قرار ترامب نقل السفارة الأمريكية لدى إسرائيل إلى القدس ليس سياسيًا، وإنما أحد المطالب الدينية للطائفة الإنجيلية”.
وأضافت: “في معتقدات الصهاينة المسيحيين (الإنجيليين) يعتقد أن الإله وعد هذه الأرض المقدسة لليهود أبديًا”. وقالت أيضًا: “إن تلك الأرض التي يرونها الأرض الموعودة من قبل الإله، هي الأراضي الباقية على طرفي نهر الأردن. أي أن سياسات التوسع الإسرائيلية هي أساس عقدي للإنجيليين”.
تأثير مايك بينس
وتتجه بعض أصابع إلى نائب الرئيس مايك بينس، وأن له دور مباشر في التأثير على السياسات الأمريكية وتطبيق سياسات الإنجيليين.
ولكن في الحقيقة كان اختيار ترامب لمايك بينس المعروف بانتمائه للطائفة الإنجيلية، خلال بدء حملته الانتخابية، مهمة من حيث إظهار تأثير هذه الطائفة في البلد.
كان بينس في السابق واليًا لمدينة إنديانا، ويصف نفسه على أنه “كاثوليكي إنجيلي”، بعد ذلك بدأ يعرف نفسه للمجتمع الأمريكي على أنه “مسيحي جمهوري محافظ” حتى يتمكن من الوصول إلى أكبر قاعدة جماهيرية في الشارع الأمريكي.
ويعرف بينس في الشارع الأمريكي وفي نظر الرأي العام الأمريكي بأنه “متدين”، و”أحد أكثر معارضي الإجهاض تطرفًا في البلاد”، و”أنه غير محب للبقاء وحيدًا مع نساء أخريات”، و”يكره المثلية الجنسية”.
لذلك، فإن كون هذه الشخصية نائبًا لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية، قد أسعد أكثر الجماعات المسيحية تأثيرًا وانتشارًا في المجتمع الأمريكي. وعلق مدير مدرسة القساوسة الإنجيليين الجنوبية وفي الوقت نفسه أحد مستشاري الرئيس ريشتارد لاند: “إن مايك بينس هو نموذج بمثابة الذهب الخالص (24 عيار أو قيراط) بسبب اتصافه بجميع الصفات التي نرغب في رؤيتها على سياسي إنجيلي”.