برلين (زمان التركية)ـــ نشرت وكالة “دويتشه فيله” الألمانية، تقريرًا يرصد الوضع الاقتصادي، الذي يعيشه الموطنون في تركيا في ظل ارتفاع التضخم النقدي وتراجع قيمة الليرة، الامر الذي انعكس على ارتفاع الأسعار.
وقالت دويتشه فيليه في نسختها الإنجليزية: “على الأقل، يبدو أن أزمة البطاطس قد انتهت؛ لأن الأسعار تتراجع مرة أخرى، لكن سعر الكيلوجرام في الآونة الأخيرة يصل إلى سبع ليرات (1.25 يورو/1.50 دولار)، أي أربعة أضعاف ما كان عليه قبل عام، كما ارتفعت أسعار البصل والطماطم وغيرهما من السلع الأساسية بحدة”.
وأضاف التقرير: “التضخم الآن جزء من الحياة اليومية ويمكن الشعور به في كل مكان. يمكن رؤية آثاره أثناء التسوق، في محطة الوقود وفي زيادة الإيجارات”. بحسب ترجمة موقع (عاجل).
ونقل عن أحد الزبائن في سوق الفاكهة والخضار في منطقة سيسلي في إسطنبول: “كل شيء يزداد شيئًا فشيئًا. هناك أشياء كثيرة لا أستطيع تحملها بعد الآن، ناهيك عن قضاء عطلة”.
ونقلت عن آخر: “نحن ندفع الآن بشكل مضاعف مقابل العديد من الأطعمة. اللوم يقع على الحكومة ويجب أن تفعل في النهاية شيئًا”.
ومضى التقرير يقول: “نما الاقتصاد التركي في الآونة الأخيرة بنسبة 7.4%، وهو معدل أعلى من الاقتصاد الصيني. لكن في الوقت نفسه يرتفع عجز الحساب الجاري، وخسرت الليرة أكثر من خُمس قيمتها مقابل الدولار واليورو منذ بداية العام، ووصل التضخم مستوى قياسيًّا بلغ 15%”.
وأضاف: “لم يكن الوضع الاقتصادي بهذا السوء منذ سنوات. في الآونة الأخيرة، خفضت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني الجدارة الائتمانية لتركيا إلى منطقة غير مرغوب فيها، وهي BB مع نظرة سلبية. وهذا يضع تركيا على قدم المساواة مع دول مثل جواتيمالا أو كوستاريكا”.
وأردف: “لكن يبدو أن الرئيس رجب طيب أردوغان لا يشعر بالقلق من وكالات التصنيف. وبعد إعادة انتخابه في يونيو، أصبح الآن أقوى من أي وقت مضى. وهو الآن رئيس الدولة ورئيس حزبه ورئيس الحكومة.. كل ذلك في شخص واحد”.
ونقل عن الخبير الاقتصادي “أتيلا يسيلادا”، قوله: “أردوغان لا يسيطر على البنك المركزي فقط، بل كل المؤسسات والأفراد تحت سيطرة أردوغان. بمعنى أنه ليس لدينا أي حريات أو لا يمكننا حتى اتخاذ أبسط القرارات دون إذنه. إذا لم يسيطر أردوغان على البنك المركزي لكان رد فعله قبل سنتين على الأقل، عندما بدأ التضخم في الارتفاع، من خلال رفع أسعار الفائدة”.
تثبيت سعر الفائدة
وأشارت “دويتشه فيله” إلى أن معظم الاقتصاديين ينظرون إلى زيادة أسعار الفائدة كأداة مهمة لتحقيق الاستقرار في العملة، لكن وفقًا لنظرية أردوغان الاقتصادية الخاصة، فإن أسعار الفائدة الأعلى هي سبب كل الشرور وتعرض النمو الاقتصادي للخطر.
وأضاف التقرير: “لهذا السبب، يصر الرئيس بانتظام على عدم رفع أسعار الفائدة الأساسية. ومن المقرر اتخاذ قرار سعر الفائدة الرسمي التالي في 24 يوليو. ولا يزال من غير الواضح كيف سيكون رد فعل البنك المركزي هذه المرة”.
ولفت إلى أن ميل أردوغان إلى الاستيلاء على كل سلطة اتخاذ القرار تسبب في عدم استقرار الأسواق إلى حد كبير، وأشار إلى أن بيرات البيرق صهر أردوغان ووزير المالية والخزانة، يعتبر سياسيًّا قليل الخبرة.
والأسبوع الحالي أصدر البنك المركزي التركي قرارا بتثبت أسعار الفائدة في السياسات المالية الأسبوعية عند مستوى 17.75%، بعدما كانت كانت الأنظار تتجه نحو توقعات حول زيادة أسعار الفائدة، لكن قرار تثبيت أسعار الفائدة أدى إلى حدوث ارتفاع جنوني للدولار امام الليرة التركية.
فقد سجل سعر صرف العملات الاجنبية ارتفاعًا أمام الليرة التركية في مع بدء التداول الثلاثاء، حيث بلغ سعر الدولار 4.93 ليرة تركية، كما ارتفع اليورو بقيمة 4.2% ليسجل 5.78 ليرة تركية.
ونقلت الوكالة عن المحلل أتيلا ييسيلادا، قوله: “لسوء الحظ، هذه أوقات غير عادية. في وقت كهذا الأمر يحتاج إلى طيار متمرس قادر على التحليق بالطائرة”.
وتابع المحلل: “لا بد أن يحقق البيرق نتيجة، وإلا ستواجه تركيا انهيارًا ماليًّا. بحلول الربع الرابع من هذا العام، سيبدأ الاقتصاد في التقلص، وسوف ترتفع البطالة من 10 إلى 12%، والليرة التركية في أفضل السيناريوهات ستفقد 10% أخرى مقابل الدولار وستكون لدينا سلسلة من الإفلاس؛ ليس في الشركات الكبرى، بل في الشركات الصغيرة والمتوسطة”.
وأضاف ييسيلادا: “المرجح أن تطلب البلاد من صندوق النقد الدولي الحصول على مساعدة مالية”.
وأشار الموقع إلى أن هذا السيناريو لن يؤثر في تركيا نفسها فحسب، بل سيكون له عواقب على أوروبا؛ لأن العديد من الشركات التركية مدينة للغاية للمؤسسات المالية الأوروبية.