القاهرة (زمان التركية)ــ شبه الكاتب في صحيفة (الأهرام) المصرية محمد أمين المصري، في مقال له كتابات المفكر الإسلامي التركي فتح الله كولن ملهم “حركة الخدمة” بالمؤرخ ابن خلدون، وقال إن “كلاهما سبقا بفكرهما الزمن الذى نعيشه”.
وجاء في المقال: الأستاذ هو فتح الله كولن مؤسس حركة الخدمة التركية، وهذا اللقب أسبغه عليه مريدوه وأنصاره الذين يكابدون ويحيون أغرابا فى بلادهم فى الوقت الراهن بسبب القمع الذى يتعرضون له على أيدى النظام التركى الذى يعتقل الآلاف منهم بلا سند قانونى، فكل قضيتهم هى مناصرتهم للحق وتأييدهم للأستاذ الفيلسوف والمفكر، فهو يقترب بشدة من قضايا المجتمع التركى، ليس هذا فحسب، وإنما تحسبه عالم اجتماع للأمة الإسلامية جمعاء.
وربما يعتقد البعض أن الخدمة حركة إسلامية وفى هذا خطأ بالغ فى حق الحركة التى تنتشر فى دول عديدة بالعالم، فرسالة مؤسسها الأستاذ كولن هى التعليم فقط، فالعلم يصنع الأخلاق والفضيلة، وكلاهما إذا توافرا فى أى مجتمع قاداه الى تأسيس حضارة دائمة. ومن هنا كان اهتمام الأستاذ الذى يعيش فى مهجره القسرى بالولايات المتحدة الأمريكية بأهمية إنشاء المدارس لنشر رسالته بتعليم المجتمع وتثقيفه. ولعلى هنا أقدم كتاب الغرباء وهو مجموعة من المقالات التى كتبها كولن منذ ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضى، وتستغرب أنك تشعر وكأنه يكتب عن حالنا اليوم، مثلما كان ابن خلدون عالما بأسرارنا حاليا رغم غيابه عنا منذ 6 قرون تقريبا، وكلاهما كولن وابن خلدون سبقا بفكرهما الزمن الذى نعيشه.
من فضائل القراءة على أى إنسان أنها توسع مداركه، فما بالنا إذا كانت مقالات الأستاذ كولن تحلق بنا الى فضاءات فسيحة لتجود علينا بعلم غزير وأفكار خلاقة لما يجب أن يكون عليه أى مجتمع راق ومتحضر، إذ تستشعر فيها بالفلسفة ومضامين الصوفية الحقة وليست الزائفة التى تنتشر فى موالد بلادنا الكثيرة التى لم تترك قرية إلا وأفسدتها. عندما تقرأ مقالات كتاب الغرباء تسترجع بلغتها الراقية كتابات زكى نجيب محمود وأحمد بهاء الدين ولويس عوض وعبد الرحمن الشرقاوى وغيرهم من عمالقة الفكر والثقافة والأدب والسياسة فى مصر خلال مرحلة سابقة كانت ثرية علما وفكرا. والغرباء هم ثلة من أبطال القلوب وفدائيى المحبة وعشاق حقيقة سامية وناشرو رسالة نبيلة، تلفحهم عشرات المخاطر كل يوم، وتتهددهم إنذارات الموت كل لحظة.. هكذا هى حياة غرباء كولن.