والمعنى: إذا رأى السراب من هو محتاجٌ إلى الماء، سيقصده ليشرب منه؛ لأنه على حد علمه ماء يشرب، فلما انتهى إليه (لم يجده شيئاً)، فكذلك الكفار، يعولون على ثواب أعمالهم، فإذا حاسبهم الله سبحانه وتعالى يوم القيامة عليها لم يجدوا منها شيئاً.
فالسراب كما فهمه السلف الصالح، وعلماء اللغة العربية أنه فيما لا حقيقة له. فالسراب في الحقيقة خدعة بصرية ، يحسبه الرائي ماء لا وجود له. وأكثر أنواع السراب شيوعاً هو سراب الواحة. فالمسافرين في الصحراء أحياناً يمرون بتجربة السراب حين يرون بركة ماء بعيدة تبدو وكأنها واحة، ولكن حين يصلون إلى الموقع لا يجدون سوى الرمال الجافة.
تعريف السراب:
السراب (بالإنجليزية: Mirage) هو نوع من الوهم البصري. فهو خدعة بصرية (ضوئية) تحدث نتيجة ظروف البيئة المحيطة من اشتداد درجة الحرارة، والأرض المستوية، واختلاف في معامل الانكسار، مما يجعلها في حالة توهج شديد حيث تبدو كالماء الذي يلتصق بالأرض ليعكس صورا وهمية للأجسام وكأنها منعكسة عن سطح مرآة كبيرة.
وقد سمي السراب سراباً لأنه يسرب (يجري) كالماء، أما التسمية الإنجليزية لهذه الظاهرة فتعود إلى كلمة mirage وتعني المرآة باللغة الفرنسية.
أسباب السراب:
الهواء البارد هو أكثر كثافة من الهواء الساخن، وبالتالي أزيد في معامل الإنكسار. وعندما يمر الضوء من الهواء البارد عبر حدود حادة إلى جو أكثر دفئا إلى حد كبير، تقوم أشعة الضوء بالانحناء بعيدا عن اتجاه الانحدار في درجة الحرارة. عندما تمر أشعة الضوء من سخونة إلى برودة، ينحني الضوء نحو اتجاه الانحدار. إذا كان الهواء الذي بالقرب من سطح الأرض أكثر دفئا من ذلك الأعلى في المستوى، ينحني شعاع الضوء في شكل مقعر، (مسار صاعد).
بمجرد أن يصل شعاع الضوء إلى عين المشاهد، تفسره القشرة البصرية كما لو كان قد سار في خط مستقيم تماما على طول “خط الأفق” إلى أن وصل إلى العين. لكن هذا الخط هو في الحقيقة ميل لمسار الأشعة يأخذ عند نقطة وصولها إلى العين. والنتيجة هي أن صورة “ُثانوية” من السماء تظهر على الأرض. المشاهد قد يفسر هذا المشهد الغير صحيح على أنه مياه تعكس صورة السماء، والذي هو أمر معقول وأكثر قربا إلى الدماغ.
في الحالة التي يكون فيها الهواء بالقرب من سطح الأرض هو الأكثر برودة من ذلك مستوى العلوي، تنحني أشعة الضوء إلى الأسفل، وتنتج صورة علوية (superior image).
الحالة الطبيعية للغلاف الجوي للأرض عنده انحدار أفقي نحو -1 درجة مئوية في ال 100 متر من العلو (قيمة سالبة لأنه يصبح أبرد كلما زاد الارتفاع). ولكي يحدث السراب يجب أن يكون التدرج في درجة الحرارة أكبر بكثير من ذلك. وفقا لحجم الانحدار يحتاج إلى ما لا يقل عن 2 درجة مئوية لكل متر، والسراب لا يقوى حتى تصل القيمة إلى 4 أو 5 درجة مئوية لكل متر. هذه الشروط تحدث عندما يكون هناك تدفئة قوية على مستوى سطح الأرض، على سبيل المثال عندما تسطع الشمس على الرمل أو الأسفلت تتكون الصورة الأدنى inferior image لهذا السبب.
تفسير السراب من الناحية العلمية:
يعتبر انتشار الضوء على هيئة خطوط مستقيمة، ومتوحدة الخواص إحدى المسلمات الأساسية في علم البصريات، حيث ينتشر الضوء بالوسط الشفاف والمتجانس، وموحد الخواص على هيئة خطوط مستقيمة طالما لم يعترضه عائق، ويتميز الوسط البصري بوجود معامل يطلق عليه معامل الانكسار الذي يقيس سرعة الضوء بهذا الوسط، فكلما زاد هذا المعامل كلما كانت سرعة انتشار الضوء بالوسط صغيرة.
ويتوقف معامل الانكسار للهواء على كثافته وبالتالي على درجة حرارته، فكلما زادت كثافة الهواء كلما انخفض معامل الانكسار، ويتكون السراب نتيجة لانكسار الضوء في الهواء. وهو يحدث عندما تكون طبقات الهواء القريبة من سطح الأرض أقل كثافة من طبقات الهواء الأعلى.
فعندما تسطع الشمس في أيام الصيف في الصحراء أو على الطرق المرصوفة ترتفع درجة حرارة سطح الأرض، وترتفع درجة حرارة طبقة الهواء الملامسة والقريبة من سطح الأرض فتتمدد، وتقل كثافتها وكذلك كثافتها الضوئية ومعامل انكسارها، وبذلك يزداد معامل انكسار الهواء تدريجيا كلما ارتفعنا إلى أعلى حيث يبرد الهواء.
أنواع السراب:
1- السراب الادنى أو المحدود وفي الإنجليزية (Inferior mirage):
كما يسمى أيضا السراب السفلي، ويسمى “الأدنى” لأن الصورة المُشاهدة تكون تحت الصورة الحقيقية. الصورة الحقيقية تكون صورة للسماء الزرقاء أو أي شيء آخر في الافق، وهذا يعني أننا نرى صورة لشيء لامع على الأرض على مد البصر. ومنه نوعان:
أ. السراب الصحراوي:
يحدث هذا النوع في الصحراء نتيجة الحرارة الشديدة التي تنعكس عن رمالها مما يجعلها في حالة توهج شديد، ليأخذ شكل سطح مائي أمام عين الناظر (المسافر) فيعكس صوراً عديدة وهمية تمثل انعكاساً للمسافة الممتدة أمامه، ويفسر ذلك بأن كثافة طبقة الهواء الساخنة القريبة من الأرض تكون أقل من الطبقات الأعلى منها مما يجعل الضوء المنعكس عن هذه المنطقة يصاب بدرجة من التقوس والانحناء، تجعله يرتد عنها إلى أعلى، فيبدو لعين الناظر وكأنه سطح مرآة ينعكس عليه صفحة الماء الهادئ، ويمتد أمامه إلى مالا نهاية بسبب شدة الحرارة بدليل أنه كلما اقترب منه ابتعد عنه.
ب. السراب في المدن:
يحدث هذا النوع من السراب في المدن، وخاصة على الطرق المعبدة بالأسفلت، التي تسخن بشدة تحت تأثير أشعة الشمس، وبفضل لونها الأسود يبدو سطح الطريق من بعيد وكأنه مغطى ببركة من المياه، وبذلك يدرك الناظر أن هذه الظاهرة خدعة بصرية؛ لأنه كلما اقترب منها ابتعدت عنه، وتبقى المسافة ثابتة بين البركة الخادعة وعينه.
2- السراب الأعلى أو الفائق وفي الإنجليزية (Superior mirage):
السراب الأعلى يحدث عندما يكون الهواء الذي تحت مستوى الرؤية أكثر برودة من الذي أعلاه. وهذا ما يسمى انقلاب درجة الحرارة temperature inversion، وهذا لأنه لا يمثل التوازن الطبيعي لدرجة الحرارة في الغلاف الجوي. لأن في هذه الحالة الضوء ينحني إلى أسفل وتظهر الصورة أعلى الشيء الحقيقي، ومن هنا جاءت تسميته الأعلىsuperior وهو بشكل عام أقل شيوعا من السراب الأدنى.
ولكن عندما يحدث السراب الأعلى فإنه يميل إلى أن يكون أكثر استقرارا، حيث أن الهواء البارد لا يوجد لديه ميل للانتقال إلى أعلى، وأيضا الهواء الدافئ ليس لديه ميل للانتقال إلى الأسفل. السراب الأعلى أكثر شيوعا في المنطقة القطبية، وخاصة فوق القطع الكبيرة من الجليد في درجات الحرارة المنخفضة. كما يحدث أيضا في مناطق خطوط العرض الأكثر اعتدالا، ولكن على الرغم من ذلك يكون اضعف وليس بنفس القوة.
3- سراب الآل أوالفاتا مورغانا وفي الإنجليزية (Fata Morgana):
ويسمى أيضا السراب القطبي، وهو ظاهرة مألوفة لسكان الشواطئ خاصة في المناطق الباردة، وفيه تبدو الأجسام الموجودة على سطح الأرض وكأنها مقلوبة ومعلقة في السماء. وتحدث هذه الظاهرة عندما تكون طبقات الهواء السفلي باردة، بينما تهب في الطبقات العليا تيارات ساخنة، وبذلك تقل كثافة طبقات الهواء بزيادة بعدها عن سطح الأرض، وبالتالي تقل معاملات انكسار طبقات الهواء المتتالية صعوداً.
لذلك إذا تتبعت شعاعاً ضوئياً صادراً من مركب شراعي تجده ينكسر في طبقات الهواء المتتالية بعداً عن العمود، ومتخذاً مساراً منحنياً حتى تصبح زاوية سقوطه في إحدى الطبقات أكبر من الزاوية الحرجة لهذه الطبقة بالنسبة للطبقة التي تعلوها، فينعكس انعكاساً كلياً ليتخذ مساراً منحنياً في الاتجاه المضاد ليصل إلى العين فيبدو المركب معلق في الهواء وهو مقلوب.
4- سراب الأجسام الفلكية (astronomical objects):
سراب الكائنات الفلكية وهي ظاهرة تحدث طبيعيا وبصريا، في ضوء الأشعة التي هي مصممة لإنتاج صور مشوهة أو متعددة من الاجسام الفلكية، سراب قد يكون لوحظ لأجسام فلكية مثل الشمس والقمر. والملاحظة الأكثر شيوعا هي سراب شروق الشمس وغروبها.