تقرير: ياوز أجار
بعد أن قدمنا لمتابعي “زمان التركية” أربع حلقات من التقرير الذي يتنال بالبحث والتحليل أهم وأبرز الأحداث التي شهدتها تركيا منذ الانقلاب الناعم في 1997 حتى الانقلاب الفاشل في 2016، نقدم اليوم الحلقة الخامسة التي ترصد المؤامرات التي حاكها أردوغان من أجل السيطرة على الجيش التركي بعد سيطرته الكاملة على أجهزة الأمن والقضاء من قبلُ بتوظيف المفتاح السحري المسمى “الكيان الموازي”.
خامسًا: السعي لهيكلة الجيش
لم يبق أمام طموحات أردوغان في تحقيق حلمه الرئاسي سوى السيطرة الكاملة على مؤسسة الجيش في إطار محاولاته امتلاك كل وسائل القوة في البلاد، وتوسيع صلاحياته التنفيذية والتشريعية والقضائية بشكل شبه مطلق، وقد نجح إلى حد كبير من خلال استخدام ذريعة “الكيان الموازي” في تطويع المؤسسة الأمنية، وتقليص صلاحيات القضاء، لكنه كان يحتاج إلى مجموعة من الخطوات تحقق له السيطرة الكاملة على القوات المسلحة وقد مرت خطته التي تستهدف المؤسسة العسكرية بالمراحل الآتية:
1ـ الابتعاد عن الحاضنة الأطلسية
بدأ أردوغان رحلته السياسية مواليًا للمعسكر الغربي، حتى إنه يعد أحد رؤساء “مشروع الشرق الأوسط الكبير” كما كان يردد ذلك في بعض خطاباته الجماهيرية. لكن بعد ثبوت اختراقه للعقوبات الأمريكية المفروضة على إيران، وظهور ذلك إلى العلن مع فضائح الفساد التي تكشفت في نهاية 2013، بدأ يبتعد عن هذا المعسكر رويدا رويدا وينفذ سياسات مستقلة حتى عام 2015. ومع ابتعاد أردوغان عن المعسكر الغربي بدأت نقاط الخلاف بين السلطة السياسية والمؤسسة العسكرية الموالية لحلف شمال الأطلسي (الناتو) تزداد يومًا بعد يوم.
وقد تواكبت تلك الفترة مع تنامي رغبة أردوغان في تأسيس “خلافة إسلامية” يسيطر من خلالها على كل العالم الإسلامي ويستغني بفضلها عن المعسكرين الغربي والشرقي معًا، وذلك بعد إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد عبر الاستعانة بفصائل المعارضة السورية والتنظيمات الجهادية المسلحة، وتأسيس دولة إسلامية تابعة له على الأراضي السورية، ومن ثم توظيف الجماعات الإسلامية في العالمين العربي والإسلامي في تلميع صورته باعتباره خليفة للمسلمين. وقد كانت هذه النية حاضرة عند أردوغان حتى قبل تأسيسه حزب العدالة والتنمية؛ فقد دعا رئيسَ حزب الاتحاد الكبير “محسن يازيجي أوغلو” للانضمام إلى حزبه وتنفيذ “مشروع الشرق الأوسط الكبير” الأمريكي، إلا أن محسن يازيجي رفض ذلك مؤكدًا “أنّه لا يمكنه ممارسة أي تحركات سياسية مدعومة من قبل الأمريكيين”. وأكد على ذلك بالقول: “إذا كنتَ ستزاول السياسة مستندًا إلى الشعب فأنا معك. وإلا فالأمريكيون لا يفعلون شيئا إلا لخدمة أنفسهم”. وعندما رد أردوغان عليه قائلاً: “ننفّذ مطالب أمريكا لفترة، ثمّ نقوم بخدمة شعبنا. وإذا ما حاولوا منعنا من ذلك ندفعهم بعيدًا عنا ونمضي في طريقنا”. ردَّ يازجي أوغلو على أردوغان هذه المرة بقوله: “إن أمريكا ليست تلك القوة التي يمكن دفعها والإفلات منها بهذه السهولة. ولا تنسَ أن مَن يدخل الحلبة مع الفيل يخرج منها مسحوقًا”(54).
2ـ انزعاج الجيش من التحول إلى الحاضنة الأوراسية
كان الجيش الأكثر انزعاجًا من تحول أردوغان من الحاضنة الأطلسية إلى الحاضنة الأوراسية باعتباره جيشًا أطلسيًّا يشارك في مهام مشتركة معه في عديد من دول العالم، بعد أن انضمت تركيا إلى هذا الحلف العسكري الأقوى في العالم في ستينات القرن الماضي، وذلك بالإضافة إلى انزعاجه الكبير من التطورات الأخيرة في قضايا الجنرالات المرتبطين بتنظيم أرجنكون الموالي للمعسكر الأوراسي وجواسيس تنظيم “السلام والتوحيد” الموالي لإيران وقيادات تنظيم حزب العمال الكردستاني. وذلك لأن الجيش بدأ يضع مسافة بينه وبين عناصره المتورطين في أنشطة غير قانونية، خاصة في عهد رئيسي الأركان “حلمي أوزكوك” الذي لم يخضع لضغوط أرجنكون للانقلاب على حكومة أردوغان و”نجدت أوزال” الذي خطف الأضواء نحوه بمواقفه الديمقراطية. وليس هذا فحسب، بل كان الجيش مستاءً من التصفيات والاعتقالات العشوائية بتهمة “الانتماء إلى الكيان الموازي” وضغوط أردوغان عليه في هذا الصدد. فقد أدلى المسئول والقائد الأعلى في الجيش رئيس الأركان “نجدت أوزل” بتصريحات صادمة للحكومة والرأي العام في سبتمبر/ أيلول 2014 إذ أكد قائلاً: “نحن لا علم لنا بخارطة الطريق للحكومة فيما يتعلق بمفاوضات السلام الكردي مع حزب العمال الكردستاني، لذا لا دور لنا في هذه العملية. لكن إذا تم تجاوز خطوطنا الحمراء فإننا لن نتردد في القيام بما يجب”(55). هذه التصريحات كانت تحذيرًا من جهة وتبرئة للجيش من الأخطاء التي ترتكبها حكومة أردوغان فيما سمته بمفاوضات السلام الكردية من جهة أخرى. أما بشأن ضغوط أردوغان عليه فيما يتعلق بتصفية أعضاء الكيان الموازي في الجيش، فقال أوزال: “القوات المسلحة لا تتحرك إلا في إطار الأدلة والوثائق. لقد طالبنا كلاًّ من الأمن والاستخبارات بتزويدنا بمعلومات في هذا الموضوع، غير أنه لم تصلْنَا أية معلومات عنهما، فلا يمكننا إطلاق عمليات بناءً على بلاغات غير موقعة. نحن نقوم بما يلزم في إطار القوانين”(56). وهذا يدل على أن الجيش كان يرى أن عمليات الكيان الموازي سياسيّة غير قانونية، وكان على دراية بنية أردوغان إجراء التصفيات عينها في صفوف الجيش بالحجة ذاتها، كما كان لا يخفي انزعاجه في الوقت ذاته من تصفية أعضاء القضاء والأمن الناجحين في مكافحة عناصر أرجنكون واتحاد المجتمعات الكردستانية والسلام والتوحيد بحجة “الانتماء إلى الكيان الموازي”.
رئيس الأركان العامة نجدت أوزل لحكومة أردوغان:
إذا تم تجاوز خطوطنا الحمراء في مسألة مفاوضات السلام الكردية فإننا لن نتردد في القيام بما يجب!
3ـ مجلس الأمن القومي يرفض عبارة “الكيان الموازي”
لم ييأس أردوغان واستمر في البحث عن طرق لإقناع الجيش أو إجباره على اتخاذ موقف صارم من الكيان الموازي. ففي الأيام التي سبقت اجتماع أعضاء مجلس الأمن القومي 31 نوفمبر/ تشرين الثاني 2014، كان أردوغان يردد أنه سيتم النظر في أولويات وتهديدات الأمن القومي وتحديدها من جديد، وأن الكيان الموازي، سيتم ضمّه إلى “قائمة المنظمات المهددة للأمن القومي”، وذلك تمهيدًا لإعلانه تنظيمًا إرهابيًّا في وقت لاحق. لكن عندما نُشر البيان الختامي لاجتماع الأمن القومي الذي يتكون معظم أعضائه من العسكريين تحطمت آمال أردوغان، إذ لم يتضمن البيان أي إشارة إلى “حركة الخدمة” أو “الكيان الموازي”، كما اعترف بذلك ممثل صحيفة “يني شفق” في أنقرة “عبد القادر سلفي” المعروف بعلاقاته الوطيدة مع المخابرات، وإنما ورد فيه عبارة “كيانات غير شرعية تحت غطاء شرعي”. وهذه العبارة كانت تشير حينها عامة إلى اتحاد المجتمعات الكردستاني (KCK)، والهيئة الإدارية العليا لحزب العمال الكردستاني، الذي عمل على تشكيل كيانات موازية للدولة في المدن الشرقية والجنوبية الشرقية من خلال تأسيس محاكم خاصة به وإجراء محاكمات بعيدًا عن المحاكم الرسمية. فرغم إطلاق أردوغان مصطلح الكيان الموازي على حركة الخدمة بعد أن وصف به هذا الاتحاد من قبل، لكنه لم يستخدمه بصورة الجمع (الكيانات) في أي وقت، بل اعتاد على استخدامه في صورته المفردة (الكيان) دائما، أما عبارة “الكيانات الموازية” فكانت من اختراع أحمد داود أوغلو. فرغم تسليم أردوغان منصب رئاسة الوزراء ورئاسة حزب العدالة والتنمية إلى داود أوغلو مشيدًا بـ”عزمه على مكافحة الكيان الموازي”، إلا أن داود أوغلو، دأب منذ تحقيقات الفساد على الحديث عن “الكيانات الموازية” مستخدما عبارة “كل كيان موازٍ” بدلاً من “الكيان الموازي”. لذلك فقد فضَّل داود أوغلو وأعضاء مجلس الأمن القومي العسكريون عبارة “الكيانات الموازية” رافضين عبارتي “الكيان الموازي” أو “حركة الخدمة” اللتين كان يصر أردوغان على ذكر أحدهما على الأقل في البيان، مما يدل على تباين في الآراء بين أردوغان وداود أوغلو من جانب، وبين أردوغان والجيش من جانب آخر(57). وهذا هو سبب إقالة أردوغان لداود أوغلو في مايو/ أيار 2016 رغم حصول الأخير على نصف تأييد الشعب التركي في انتخابات نوفمبر / تشرين الثاني 2015.
الأعضاء العسكريون في مجلس الأمن القومي يرفضون إجراء تصفيات بذريعة الكيان الموازي
4ـ المخابرات العامة تورط المؤسسة العسكرية في “حادثة أولو دره”
كان أردوغان يريد أن يدخل التاريخ من أوسع أبوابه من خلال تسوية القضية الكردية المزمنة، لكنه في الوقت ذاته كان يراها أداة يمكن استخدامها في تلميع صورته وتأسيس نظامه الذي يرنو إليه. فسعى في البداية إلى تحقيق ذلك عبر التحقيق القضائي مع الجناح المدني لحزب العمال الكردستاني أو ما يسمى “اتحاد المجتمعات الكردستاني” (KCK) من جانبٍ والعمليات الأمنية والعسكرية ضد جناحه المسلح حزب العمال الكردستاني من جانب آخر. وفي الوقت الذي كانت قوات الأمن والقوات المسلحة تكافحان العناصر المسلحة بشكل محترف وناجح لأول مرة في تاريخهما في عهد وزير الداخلية إدريس نعيم شاهين (2010-2011) بدأ أردوغان مفاوضاته مع العمال الكردستاني من أجل السلام برعاية بريطانية، وكانت هذه النقطة مثار خلاف بين أردوغان والمؤسسة العسكرية، كما تبين من خلال تصريحات رئيس الأركان السابق ذكرها. لذلك كان أردوغان بحاجة إلى ذريعة لوقف تحقيقات اتحاد المجتمعات الكردستاني والعمليات الأمنية والعسكرية ضد عناصره المسلحة.
وفي عام 2011 تعرض الجيش التركي لمؤامرة خبيثة مدروسة جيدا تسبّبت في وقوع ما يسمى بـ”حادثة أولو دره”، التي أسفرت عن مقتل 34 كرديًّا مدنيًّا يهربون بضائع على الحدود العراقية – التركية في وقت كان العمال الكردستاني يعيش أصعب أيامه. وقد حمّلت رئاسة هيئة الأركان العامة جهاز المخابرات (MIT) برئاسة هاكان فيدان، الذي يصفه أردوغان بـ”كاتم أسراره”، مسؤولية الغارة الجوية “الخاطئة” بسبب تقرير أرسله إليها حول استعداد “فهمان حسين”؛ أحد زعماء العمال الكردستاني، لهجوم إرهابي في المنطقة المذكورة(58). كما اتهم وزير الداخلية الأسبق إدريس نعيم شاهين جهاز المخابرات ووصف الحادثة بـ”مؤامرة مدبرة من قبل جهاز المخابرات ضد الجيش”، حيث أكد أن “مسؤولاً رفيع المستوى من جهاز المخابرات” أعطى معلومات للقوات المسلحة تفيد بأن “باهوز أردال” أحد قياديي العمال الكردستاني البارزين يعبر الحدود، وبناء على هذه المعلومة قصفت المقاتلات الجوية مجموعة من المهرّبين على أنهم مجموعة إرهابية”(59).
إدريس نعيم شاهين؛ وزير الداخلية الأسبق وزميل أردوغان:
جهاز المخابرات دبر مؤامرة ضد الجيش من خلال حادثة أولو دره
ثم أعلن أردوغان في 29 ديسمبر / كانون الأول 2012 أمره بوقف العمليات الأمنية والعسكرية ضد المليشيات المسلحة من جانب، ومن جانب آخر أمر رئيس مخابراته فيدان بالبدء في إجراء مفاوضات مع زعيم العمال الكردستاني في محبسه لبدء مفاوضات السلام الكردية، وتبع ذلك إقالة وزير الداخلية “شاهين” الناجح في مكافحة الذراعين المدني والمسلح للعمال الكردستاني، بـ”رجاء” من أوجلان، على حد تعبير الوزير ذاته(60).
وبهذه الخطوات تم تكبيل أيدي القوات الأمنية والعسكرية التي كانت على وشك الإجهاز على العناصر الإرهابية المسلحة، وأرسلت أطواق النجاة التي أنقذت العمال الكردستاني من التمزق والانحلال حيث أضفت الشرعية على هذا الحزب المسلح وجعلته طرفًا شرعيًّا يتفاوض رسميًّا مع الحكومة نيابة عن الأكراد، بينما كان الأولى أن يتم التواصل مع الشعب الكردي الذي هو الضحية الحقيقية لإرهاب أرجنكون بقسميه الكردي والتركي.
5ـ صفقة سرية مع أوجلان
وجه أردوغان رئيس مخابراته “فيدان” بنشر عناصر مخابراتية سرية في صفوف “اتحاد المجتمعات الكردستاني”، في محاولة للسيطرة من خلالها على حزب العمال الكردستاني، وتلميع صورة أردوغان وأوجلان باعتبارهما زعيمين قوميين للأتراك والأكراد يتفقان على نبذ العنف والسلاح لبناء تركيا الجديدة على كواهل شعبين شقيقين. لكن المعارضة التركية أبدت تخوفها واستياءها من التقارب والتداخل بين المخابرات واتحاد المجتمعات الكردستاني، إذ اتهم حزب الشعب الجمهوري المخابرات بتأسيس وإدارة هذا الاتحاد(61)، كما اتهم زعيم حزب الحركة القومية دولت بهتشالي أردوغان بـ”الخضوع لمشاريع رأس المنظمة الإرهابية عبد الله أوجلان”.
صحيفة مليت تحذف رابط خبره الخاص باتفاقية أردوغان مع أوجلان بعد سنوات
إلا أن نص الخبر لا يزال موجودا في عشرات المواقع الإخبارية
لكن المشكلة أن أردوغان كان يجري مفاوضات سرية بعيدًا عن رقابة البرلمان، التي كانت المعارضة تطالب بها تفاديًا لأي استغلال سياسي لقضية كبيرة مثل القضية الكردية. وقد تم اكتشاف ذلك من خلال تسريبات نشرتها جريدة “ملّيَتْ”، وردت إليها من “جهات مجهولة” في 28 فبراير/ شباط 2013 لمحاضر المحادثات التي دارت بين وفد حزب الشعوب الديمقراطي الكردي وعبد الله أوجلان في محبسه بحضور مسئولين من المخابرات في إطار “مفاوضات السلام الكردية”، وقد انزعج أردوغان من هذه التسريبات إلى حد كبير، لأنها كشفت عن “الوعود” التي تعهد بها لحزب العمال الكردستاني وزعيمه أوجلان أو بعبارة أصح “الاتفاقية السرية” بين الطرفين.
وفي أحد هذه المحاضر قال النائب الكردي “سري ثريا أوندر” لأوجلان: “هناك قضية انتقال تركيا إلى النظام الرئاسي. الرأي العام حساس جدًّا حيال هذا الموضوع”. فرد عليه أوجلان: “من الممكن أن نفكر في النظام الرئاسي ونتبناه، فنحن ندعم رئاسة السيد رجب طيب أردوغان. لذلك يمكننا الاتفاق معه على أساس هذا النظام الرئاسي”. وعندما تساءل أوندر: “ولكن كيف سيكون حينها وضعكم وموقعكم؟”، أجاب أوجلان: “عندها لن يكون هناك حبس، ولا إقامة جبرية، ولا عفو. لن يبقى هناك أي داعٍ لمثل هذه الأمور؛ لأننا سنصبح أحرارًا جميعًا”(62). ويفسر هذا التسريب أن المفاوضات كانت تجرى على أساس أن يكون النظام الرئاسي مقابل حرية أوجلان ومنحه حكمًا ذاتيًّا في المناطق الكردية.
دولت بهتشالي حليف أردوغان الحالي كان يتهمه من قبل بالاتفاق مع حزب العمال الكردستاني
على أساس “النظام الرئاسي والحكم الذاتي”
وفي إطار تحالفها مع العمال الكردستاني استضافت حكومة أردوغان زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري “صالح مسلم” في العاصمة أنقرة أكثر من مرة، بل إن جهاز المخابرات ساعده عبر اتحاد المجتمعات الكردستاني في إنشاء مناطق ذاتية الحكم في الشمال السوري.
قطع أردوغان أشواطًا عريضة نحو نظامه الشخصي بفضل تحالفاته المثيرة والمتناقضة، فقد تحالف من جانب مع العمال الكردستاني وامتداده السوري على أساس مصالح مشتركة يحققها كل طرف، وتحالف من جانب آخر مع تنظيم داعش وأمثاله من التنظيمات الجهادية المقاتلة في سوريا لإسقاط الأسد.
وتحالف أردوغان مع المجموعات والتنظيمات الجهادية، كان يصبّ في مصلحة حليفه “أرجنكون” الذي كان يخطط لإقحام الجيش في حرب انتقامًا من قياداته التي دعمت عمليات التحقيق مع جنرالات أرجنكون، ورغبة في إثارة الفوضى في المؤسسة العسكرية لتسقط في يده في نهاية المطاف، وينجح في تحويل وجهتها من المعسكر الغربي إلى الأوراسي الذي يدعمه، كما كانت تصبّ في مصلحة حليفه الآخر “الإسلاميين” الموالين لإيران حيث كانت تسعى لتقديم الرئيس السوري بشار الأسد للمجتمع الغربي كزعيم علماني يناضل ضد التنظيمات الجهادية التي تعتبر البديل الوحيد حال رحيله.