(زمان التركية)ــ وافت المنية البروفيسور فؤاد سيزكين الباحث في تاريخ العلوم الإسلامية التركية عن عمر يناهز 94 عامًا.
وكان البروفيسور سيزكين حصل على جائزة الجهورية التركية الكبيرة في مجال الثقافة والفنون، كما أنه كان عضوا في كثير من الأكاديميات الدولية وحاز الكثير من الجوائز والأوسمة المهمة.
من هو فؤاد سزكين؟
وُلِد البروفيسور فؤاد سزكين في إسطنبول بتركيا 1924، وحصل على درجة الماجستير 1947 في أقسام الشرقيات والرياضيات والدراسات الرومانية بجامعة إسطنبول. كما تعلَّم العربية وأجادها. ثم حصل على درجة الدكتوراه في العلوم الإسلامية والدراسات الإيرانية والفلسفة عام 1950.
وعمل البروفيسور سزكين بالتدريس في معهد الدراسات الإسلامية بجامعة إسطنبول. ثم انتقل إلى ألمانيا 1960 واتخذها موطناً له. وأصبح، بعد سنوات قليلة، أستاذاً لتاريخ العلوم الطبيعية في جامعة فرانكفورت، وظلَّ فيها حتى عام 1990 يُدرِّس تاريخ العلوم الطبيعية العربية الإسلامية بجانب تواريخ العلوم للبيئات الأخرى. وقد أسس الراحل معهد تاريخ العلوم العربية والإسلامية في جامعة فرانكفورت 1981م، وأصبح مديره الفخري منذ ذلك الوقت.
بدأ اهتمام البروفيسور سزكين بجمع تاريخ العلوم الإسلامية وإعادة نشره منذ وقت مبكِّر، وأصدر كتباً عظيمة حول هذا الموضوع أهمها وأشهرها: تاريخ التراث العربي الإسلامي باللغة الألمانية، الذي بدأ بجمع مواده عام 1947، وكان يريده في البداية ذيلاً لتاريخ الأدب العربي لكارل بروكلمـان.
ثم قام بتجديده وتطويره مرَّات عدّة حتى جعله مرجعاً رفيعاً وتاريخاً للعلوم العربية الإسلامية. وواصل جهوده حتى خرج كتـابه القيِّم إلى النور في اثني عشر جزءاً؛ شاملاً للتراث العربي الإسلامي في مختلف العلوم والمعارف والفنون. وقد جعل الجزء الأخير من الكتاب مدخلاً إلى العلوم العربية الإسلامية، فعالج نشأة تلك العلوم وتطوُّرها ومكانتها في تاريخ العلوم العامة، وتناول النقد والأمانة والتطوُّر والإنصاف عند العلماء المسلمين، وقارن بينهم وبين الإغريق واللاتين في تلك المبادئ، كما تناول أثر العلوم الإسلامية على العلوم في أوروبا من جميع النواحي. وإضافة إلى ذلك فهو ناشر مجلة العلوم العربية الإسلامية، وسلاسل منشورات معهد تاريخ العلوم العربية والإسلامية التي صدر منها الآن ما يزيد عن ألف مجلد. كما أنه أول من أعاد تصنيع الآلات التي ابتكرها المسلمون وذلك على أساس المعلومات التي حصل عليها من المخطوطات القديمة.
حصل البروفيسور سزكين على وسام الشرف من الدرجة الأولى، ووسام الشرف التقديري الكبير من جمهورية ألمانيا الاتحادية وميدالية غوته من مدينة فرانكفورت، إضافة إلى أنه أول فائز بجائزة الملك فيصل العالمية في الدراسات الإسلامية.
مُنِح البروفيسور فؤاد سزكين الجائزة؛ وذلك تقديراً لجهوده العلمية في تأليف كتابه الموسوعي الضخم “تاريخ التراث العربي” الذي أبرز فيه جهود العلماء المسلمين في مجالات الحضارة الإسلامية المختلفة وخاصة في الأجزاء الثالث والرابع والخامس التي خصصها لبحث تراث العلماء المسلمين في الطب والصيدلة والبيطرة وعلم الحيوان والكيمياء والزراعة والنبات والرياضيات.
بروفسور سزكين هو أول من أعاد صنع الآلات العربية القديمة، وكان هو نفسه من عثر على كثير منها في المخطوطات القديمة. غير أن المخطوطات القديمة كان بها نقص، حيث إنها غالباً ما تصف الآلات فقط دون أن رسمها. وفي سنة 1983 تم التغلب على هذا العائق وصنعت الآلة الأولى على أساس المخطوطات القديمة. وتبعها بعد ذلك العديد والعديد من الآلات، ولا يقتصر صنع الآلات على العمل داخل ورشة المعهد، بل تصنع للمعهد آلات في القاهرة وإسطنبول وسويسرا وإسبانيا.
دافع سزكين بشدة عن مبدأ وحدة العلوم، ويعتبرها تراث البشرية العلمي الذي ينمو على دفعات متواصلة. وهو يرى مهمته في أن يبين مساهمة العرب في تاريخ العلوم العام. يبين ذلك للمسلمين أنفسهم فيعطي المسلمين بذلك ثقة بالنفس، ويبينه كذلك للغربيين فيدركون أن ازدهار العالم الحديث يرجع الفضل فيه -إلى حد كبير- للإنجازات العلمية للبيئة الثقافية العربية الإسلامية.
بحث سزكين في تاريخ العلوم العربية والإسلامية منذ نصف قرن من الزمان، يريد بها إيقاظ المسلمين من سباتهم بوصف الدواء الناجع لهم ولمجتمعاتهم الذي أسماه “ترياق الحياة” وهو معرفة مساهمة العلوم العربية والإسلامية في تاريخ العلوم العالمي. ذلك في رأيه أهم ما يمكن أن يعطى لهم لتحريرهم من عقدة النقص وإعطائهم دفعة تحركهم لتقليص الفجوة بينهم وبين الغرب.
لقراءة الخبر باللغة التركية اضغط الرابط التالى :