أنقرة (زمان التركية) – مع انتهاء الانتخابات التي شهدتها تركيا في 24 يونيو/ حزيران الجاري، بدأ الرأي العام التركي يناقش أداء حزب “الخير” الوليد ومرشحة الحزب المرأة الحديدية “ميرال أكشينار”؛ فالبعض علَّق على أداء الحزب على أنه “فشل” والبعض الآخر رأى أنه “نجاح” نظرا لكون الحزب حديث الولادة ولم يكن عمره إلا 8 أشهر فقط… ولكن ما الذي تكشف عنه تلك الأرقام؟
تم تأسيس حزب الخير أو كما يسميه البعض بـحزب “الجيد” أو “الصالح” في 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2017 على يد ميرال أكشينار التي انشقت عن حزب الحركة القومية في 8 سبتمبر/ أيلول 2016، عقب صعودها بقوة في منافسة دولت بهتشلي رئيس الحزب القومي. تشكل الحزب الوليد من أعضاء سابقين بحزب الحركة القومية. وبدأ أنصار التيار القومي التحرك في 81 مدينة و957 بلدة من أجل الضمّ إلى صفوفه من التيار القومي وضحايا ادعاءات الكيان الموازي.
كان الحزب الوليد يحاول ترتيب صفوفه اعتمادًا على التقويم الذي كان ينص على أن الانتخابات مقرر لها أن تعقد في نوفمبر/ تشرين الثاني من 2019؛ إلا أنه في يوم 18 أبريل/ نيسان 2018 فوجئ بتصريحات عقد انتخابات مبكرة. بعد أن كشف دولت بهتشلي الستار عن اقتراحه الخاص بعقد انتخابات مبكرة، ظهر أردوغان أمام الرأي العام وأعلن عقد انتخابات مبكرة مباغتة في 24 يونيو/ حزيران 2018.
وبهذه الخطوة أصبح حزب الخير أمام شبح عدم التمكن من خوض الانتخابات، وهنا جاء الدعم من حزب الشعب الجمهوري الذي انتقل 15 عضوًا برلمانيًا تابعين له إلى حزب الخير، بعدها أعلنت اللجنة العليا للانتخابات في 22 أبريل/ نيسان 2018 إمكانية خوض الحزب الوليد في الانتخابات المبكرة، وبهذا صارت أمام أكشينار مهلة شهرين من أجل ترتيب صفوفها استعدادًا للتوجه للصناديق الانتخابية.
بدأ أكشينار التحرك بسرعة نفاثة، دون أن تضيع المزيد من الوقت، ولكنها واجهت مشكلات عدة، من بينها نقص الإمكانيات المادية لكون حزبها حزبا جديدا، بالإضافة إلى الحظر الإعلامي من حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي استخدم وسائل الإعلام، بما فيها الرسمية، لصالحه فقط.
فقد أغلقت وكالة الأناضول للأنباء وهيئة الإذاعة والتليفزيونية التركية الحكوميتان أبوابهما في وجه أحزاب المعارضة، وفتحتها على مصراعيها أمام أردوغان وحزب العدالة والتنمية؛ أمَّا أكشينار وحزبها كان أكبر دعم لها من جريدة “يني تشاغ” القومية التي تحقق مبيعات لا تتخطي 50 ألف نسخة يوميًا، أما الصحف المستقلة مثل “سوزجو” و”جمهوريت” و”بيرجون” فقد تجنبت نشر صور “مبتسمة” لها. وكذلك القنوات التليفزيونية، باستثناء “فوكس تي في” و”خلق تي في”، كانت لا تترك لأكشينار متنفسًا للظهور على شاشاتها؛ لذلك لم يبق أمامها إلا وسائل التواصل الاجتماعي، مما جعل حزب الخير على رأس أفضل الأحزاب استخدامًا لمواقع التواصل الاجتماعي بصورة فعالة.
وقد تمكن حزب الخير رغم كل العراقيل من تحقيق الحد الأدنى للتمثيل البرلماني (10%) من الأصوات في الانتخابات التي خاضها وهو في شهره الثامن من الميلاد، تحت قيادة أكشنار التي دخلت تحت عباءة تحالف الأمة الذي تكون من حزب الشعب الجمهوري وحزب السعادة ومعهما الحزب الديمقراطي. وحصل حزب الخير على 4 ملايين و970 و122 صوتًا من الأصوات في جميع المدن التركية، وضمن لنفسه 45 مقعدًا داخل البرلمان، ليكون بذلك أكبر خامس حزب في البرلمان.