القاهرة (زمان التركية)ــ أجرت صحيفة (الوطن) المصرية، عشية الانتخابات التركية، حوارًا صحفيًا مع القيادى فى المعارضة التركية محمد على أصلان البرلماني عن حزب الشعوب الديموقراطي “الكردي” المعارض، أكد فيه على أن فوز المعارضة فى الانتخابات الحالية “سيفتح صفحة جديدة مع الداخل والخارج بما فى ذلك الشرق الأوسط”، متوقعا أن يحقق حزب الشعوب “مفاجأة” من خلال الانتخابات التي انطلقت اليوم الأحد.
وحول تعامل الحزب الحاكم مع الأكراد في تركيا قال «أصلان» فى حواره مع «الوطن»، إن الشعب التركى لم يعد يتحمل ما يحدث فى البلاد من استمرار حالة الطوارئ والصدام بين أطيافه، مشيراً إلى أنه إذا كانت هناك مفاجأة فستكون من خلال حزب “الشعوب”.
وجاء الحوار الذي أجراه الصحفي محمد حسن عامر لصالح صحيفة (الوطن) كالتالي:
لماذا ترشح صلاح الدين دميرتاش وهو سجين؟ وهل هناك فرص ليحصل على أصوات؟
– ليس هناك حكم أو قرار صدر بحق صلاح الدين دميرتاش، وإنما محاكمته مستمرة بعد اعتقاله بشكل غير قانونى أيضاً وكل تصريحاته المتهم فيها أدلى بها تحت سقف البرلمان التركى وهذه التصريحات تتمتع بحصانة قانونية لا يمكن محاكمته بسببها، لكن السلطات القضائية تحاكم «دميرتاش» معتقلاً بسبب هذه التصريحات والسبب فى ذلك أن «دميرتاش» هو الزعيم السياسى الكاريزمى الشاب الخبير الوحيد الذى يمارس المعارضة الحقيقية ضد الحكومة، وبما أنه لم يحكم عليه ولم يصدر ضده أى عقوبة فإنه يتمتع بحق الترشح للرئاسة، تماماً مثل نيلسون مانديلا الذى دخل السجن وهو فى السادسة والأربعين من عمره، ويا له من توافق لأن دميرتاش هو ابن الـ45 عاماً ومانديلا كان محامياً وكذلك دميرتاش، ومانديلا ترشح وهو سجين ثم أصبح رئيساً للبلاد.
هل هناك أجواء ديمقراطية فى الانتخابات كما يدعى «أردوغان»؟
– أجواء الانتخابات بحسب مشاهدتى تتمثل فى أن الأكراد وحدهم من يعيشون أجواء الانتخابات ويشعرون بالحماس تجاهها، لكن لا نرى هذه الأجواء والحماس عند حزب العدالة والتنمية ومؤيديه، لأنهم سئموا من الانتخابات، وإذا أضفنا الانتخابات الأخيرة فإن تركيا ستكون قد شهدت 4 انتخابات منذ عام 2015، وكان وعد الحزب الحاكم فى كل مرة هو تحقيق الاستقرار والازدهار الاقتصادى والسعادة والأمن للمواطنين، ووقف سفك الدماء وزيادة الرواتب، ولم يحقق أياً من هذه الوعود، فضلاً عن أن الأزمة الاقتصادية تفاقمت وارتفع عدد من سقطوا شهداء فى الداخل والخارج. لذلك لا نشاهد عند أنصار الحزب الحاكم حماساً وإقبالاً واندفاعاً إلى الانتخابات لأنهم أصيبوا بخيبة أمل ولم يعودوا مقتنعين بوعود الحكومة. فالحزب الحاكم يطالب قاعدته الشعبية بدعمه لكى يحصل على ولاية جديدة ويقوم بخفض سعر الدولار أمام الليرة، رغم أنه من يحكم فى تركيا منذ 17 عاماً إلا أن قاعدته بدأت تقول له: لماذا لا تحققون ذلك منذ الآن وأنتم الحكومة؟ وهو ما يدل على أن الحزب الحاكم فقد مصداقيته حتى لدى قاعدته. والحقيقة أنه ليس هناك مناخ ديمقراطى، لأن اللقاءات الجماهيرية لحزب الشعوب الديمقراطية تشهد دوماً احتجازات واعتقالات وضغوطات، مع أن الأحزاب الأخرى لا تتعرض لمثل هذه الممارسات حيث ينطلق الحزب الحاكم من أن الأكراد ليس لهم أى حامٍ يحميهم فيقدمون على ارتكاب هذه الجرائم بحق الأكراد.
تركيا تعانى من عدم الاستقرار.. وهناك تراجع فى كل المجالات.. وسمعتنا الخارجية سيئة للغاية.. والشعب لم يعد يتحمل العيش فى حالة الطوارئ والصدام بين أطيافه
ما السياسات التى قد يقدم عليها الرئيس التركى فى حال فوزه بالانتخابات؟
– فى الحقيقة، تركيا شهدت فى الثلاث سنوات الأخيرة أعمالاً تدميرية، لم تكن تخطر على بالنا، لقد تبنت السلطة الحاكمة وكل الأجهزة والمؤسسات الرسمية فى هذه الفترة لغة تمارس على الجميع الشيطنة والتهميش والإقصاء والتشويه والاستقطاب، وتعامل الحزب الحاكم مع كل الأحزاب المعارضة وكأنها أعداء وطبق عليهم القانون الذى يطبق على الأعداء، وكما قال صلاح الدين دميرتاش على قناة «تى آر تى» الرسمية مؤخراً فإننا شهدنا خلال 3 سنوات ماضية فيلماً سيئاً للغاية، وإذا ما استمرت حلقات هذا الفيلم فى الأيام المقبلة على هذا المنوال فإن تركيا ستشهد أياماً أسوأ من الحالية بكل معنى الكلمة فى كل المجالات، الاقتصاد والقانون والسياسة والأمن والتعليم، لأن كل أنحاء تركيا تعانى من عدم استقرار وعدم الاطمئنان، وهناك تراجع فى كل المجالات، بسبب ممارسات السلطة السياسية الحالية، فسمعة تركيا فى السياسة الخارجية سيئة للغاية، وتسود فى السياسة الداخلية أزمات وتوترات مستمرة بسبب تبنى لغة عدائية هجومية مشيطنة، ولذا يقول 80 مليون ناخب فى تركيا لهذه الممارسات: «كفى»، وإذا استمر الحزب الحاكم بهذه العقلية فإن تركيا لا تنتظرها أيام مشرقة.
هل يمكن أن يحقق حزب «الشعب الجمهورى» المفاجأة فى هذه الانتخابات؟
– أنا لا أعتقد أن حزب الشعب الجمهورى سيحقق مفاجأة، وإن أمكن الحديث عن مفاجأة فى الانتخابات فإن حزب الشعب الديمقراطى هو الذى سيحقق هذه المفاجأة فى رأيى، حيث يبدو أنه سيحصل على 13% من الأصوات.. أى أكثر مما حصل عليه فى انتخابات 7 يونيو 2015 البرلمانية.. وسيحصل على ما بين 80 و100 مقعد فى البرلمان بحسب تقديراتى، ما يجعل الحزب محورياً فى هذه الانتخابات.
ومن المؤكد أن الأكراد سيلعبون الدور الحاسم فى هذه الانتخابات، ولا شك أن حسم الرئاسة إذا ما تأجل إلى الجولة الثانية فإن الأكراد من سيختارون الرئيس الجديد للبلاد كما أنهم هم من سيحددون مصير البرلمان التركى فى الجولة الأولى، وحزبنا لا يعانى من مشكلة فى تجاوز العتبة الانتخابية لدخول البرلمان، وإذا جرت الانتخابات دون تزوير وتدخل وتلاعب فإن أحزاب المعارضة ستحصل على 350 مقعداً من أصل 600 مقعد فى البرلمان، وبهذا سيفقد حزب العدالة والتنمية أغلبيته البرلمانية ورئاسة البرلمان واللجان البرلمانية.
احتمالية فوز «أردوغان» وانتقال الأغلبية البرلمانية إلى المعارضة فى الجولة الأولى سيؤدى إلى أزمات ستسفر عن ارتفاع سعر الدولار وزيادة سعر البنزين والسولار، فالحزب الحاكم يكافح ضد المعارضة بالطرق غير الديمقراطية وغير القانونية اعتماداً على أغلبيته البرلمانية حتى اليوم، إلا أنه فى حال فقده هذه الأغلبية فإنه لن يستطيع أن يمشى على نهجه القديم. والمعارضة أعلنت أنها لن تخضع لمطالب القصر الرئاسى وستعيد تركيا إلى النظام البرلمانى مجدداً، وهناك العديد من السيناريوهات فى هذه الحالة، ويمكن إعادة الانتخابات البرلمانية.
وماذا لو لم يفز «أردوغان» من الجولة الأولى؟
– هذا سيعنى أن الأغلبية البرلمانية انتقلت إلى المعارضة، وأن مرشح المعارضة هو من سيفوز حتماً فى الجولة الثانية، لأن الشعب سيدعم مرشح المعارضة لكى يعمل الرئيس الجديد بالتوافق والانسجام مع البرلمان فى ظل أغلبية المعارضة، وإذا تحقق ذلك فإن تركيا ستفتح صفحة جديدة وستتغير الموازين فى الداخل والخارج ومنطقة الشرق الأوسط وهذه المعادلة الجديدة ستؤثر إيجابياً قبل كل شىء فى سوريا والعراق وعلاقات تركيا مع جيرانها بعد أن تدهورت بسبب السياسات الخاطئة.
كيف تعامل «أردوغان» مع معارضيه خلال الانتخابات الحالية؟
– اللغة التى يستخدمها «أردوغان» تجاه منافسيه فى الرئاسة لا تليق برئيس بلاد، حيث يتحدث عن إعدام «دميرتاش» ويهاجم المرشحين الآخرين بأساليب لا يمكن قبولها، وهذا الأسلوب العدائى لا ينسجم مع القانون والديمقراطية ولن تقبله أى دولة فى العالم، فنحن نخوض انتخابات وليس حرباً، و«أردوغان» يظهر فى خطابات وكأنه يخوض حرباً، لقد كانت هناك ثقافة ديمقراطية فى تركيا قبل 20 عاماً وبتنا اليوم نتطلع إليها، فالمرشحون للرئاسة كانوا يناقشون القضايا فى اللقاءات والشاشات التليفزيونية بكل حرية وضمن معايير الأدب والأخلاق دون توجيه الإساءات والإهانات واتهام بالخيانة للوطن.