أنقرة (زمان التركية) – في الوقت الذي تتجه فيه تركيا صوب المنعطف الأخير لانتخابات الرابع والعشرين من الشهر الجاري يتشكل نبض الشارع التركي وفقا للتطورات الاقتصادية، كما تبرز الوعود الاقتصادية في أجندة المرشحين.
وفي حديثهم مع تلفزيون (دويتشه فيله) الألماني أوضح الخبراء في الاقتصاد أن تركيا ستجلس مرة أخرى على طاولة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي أيا ما كان الفائز بالانتخابات مشيرين إلى ارتفاع احتمالية دخول الاقتصاد التركي مرحلة ركود خطير ابتداء من النصف الثاني للعام الجاري.
ويرى الخبراء أن نمو المضاربة الذي تحقق خلال عهد العدالة والتنمية بإبراز قطاع الإنشاء عوضا عن الإنتاج الصناعي قد بلغ نهايته.
من جانبه أوضح عميد كلية العلوم الاقتصادية والإدارية والاجتماعية بجامعة بيلكينت البروفيسور أرينتش يلدان أن العدالة والتنمية وصل إلى سدة الحكم في فترة اتساع الاقتصاد العالمي مفيدا أن مفتاح الإدارة الاقتصادية لحزب العدالة والتنمية على مدار 16 عاما هو نمو المضاربة وأن هذا الأمر حول تركيا إلى دولة واردات وجنة العمالة الرخيصة.
وأضاف يلدان أن العدالة والتنمية نجح في جذب الأموال الساخنة إلى تركيا وإبقاء سعر الفائدة مرتفعا حتى عام 2009 غير أن هذا النموذج رفع الدين الخارجي لتركيا بصورة سريعة وزاد من اعتماد تركيا على الواردات وخفض نصيب الصناعة في النمو الاقتصادي مفيدا أن الاقتصاد شهد نظام القيم التي لا تحقق عملة صعبة مثل إنشاء الطرق والوحدات السكنية وزيادة ظاهرة الريع.
وذكر يلدان أنه ابتداء من عام 2014 وعقب قرار البنك المركزي التركي بإنهاء التوسع المالي بدأ النظام الاقتصادي الذي أسسه حزب العدالة والتنمية في الانهيار مفيدا أن الحكومة لجأت إلى آخر جهود لإكساب العملة الأجنبية قيمة إضافية بتأسيسها صندوق مدخرات وبيعها مصانع السكر.
وأشار يلدان إلى محاولة العدالة والتنمية رفع معدلات النمو مؤخرا مفيدا أن العدالة والتنمية دفع تركيا إلى نمو أكبر من إمكاناتها مع اقترابها من الانتخابات وأن النمو الاقتصادي غير سليم وغير مستقر.
من جانبه ذكر الخبير الاقتصادي مصطفى سونميز أن العدالة والتنمية تولى حكم تركيا في فترة ارتفع فيها تدفع العملات الأجنبية وهو ما جعل الحزب يسجل مكاسب اقتصادية مهمة في الفترة ما بين عامي 2003 و2013 مشيرا إلى أن التدهور الاقتصادي بدأ بعد عام 2013 حيث أن الدين الخارجي المحصل زاد في تلك الفترة وبدأ العجز عن الاستغلال المثمر للاستثمارات الأجنبية التي دخلت البورصة.
وأشار سونميز أيضا إلى بدء تراجع الموارد الأجنبية المتدفقة على تركيا تزامنا مع قرار الولايات المتحدة برفع الفائدة في الفترة نفسها.
يبدو أن الأرقام كذلك تؤيد صحة تصريحات سونميز، حيث تشير بيانات البنك المركزي التركي إلى جذب تركيا أكثر استثمارات دولية مباشرة في عام 2007 بقيمة 22 مليار دولار. وفي عام 2017 تراجع حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي دخلت تركيا نسبة 19 في المئة مقارنة بالعام السابق ليسجل 10.8 مليار ليرة وهو أدنى مستوى لها خلال السبع سنوات الأخيرة.
وخلال الفترة ما بين عامي 2002 و2017 بلغ إجمالي الاستثمارات الأجنبية في تركيا 194.1 مليار دولار.
حسنا، كيف ستؤثر نتيجة الانتخابات على المشاكل الاقتصادية بالمستقبل القريب؟
يرى سونميز أن الأداء الاقتصادي السيء سيظل أهم مشكلة في أجندة تركيا أيا ما كان الفائز بالانتخابات محذرا من احتمالية اضطرار تركيا للجلوس مرة أخرى على طاولة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.
وأضاف سونميز أن رؤوس الأموال الدولية تحصل من الدول المتقدمة ما يعني أن توفير الأموال يزداد صعوبة بمرور الوقت وأن العجز الجاري يتنامى بمرور الوقت مشيرا إلى احتمالية لجوء تركيا في المستقبل القريب إلى صندوق النقد الدولي للحصول على قرض مثلما فعلت الأرجنتين، وأن الاقتصاد سيواصل كونه مشكلة خطيرة في تركيا سواء تغيرت السلطة الحاكية أم لا.
ويؤكد البروفيسور أرينتش يلدان أن تركيا ستضطر في المستقل القريب لدفع ثمن العجز الجاري والتضخم المرتفع والتراجع الحاد في قيمة الليرة مفيدا أن الركود الاقتصادي سيتكشف رويدا رويدا ابتداء من النصف الثاني من العام الجاري.
وأضاف يلدان أن تركيا ستصبح اقتصادا يعمل بفائدة تبلغ نحو 20 في المئة نتيجة لتدهور الميزانية العامة وستلجأ مرة أخرى إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي مشددا على أن الركود الاقتصادي سيجبر تركيا إلى توقيع برنامج “احتياطي” مع صندوق النقد الدولي أيا ما كان الفائز بالانتخابات سواء أردوغان أو غيره.