برلين (زمان التركية)ــرأي تقرير أعده موقع (أحوال تركيا) أن نتيجة الانتخابات البرلمانية والرئاسية في تركيا، قد يتحكم فيها بدرجة كبيرة حزب الشعوب الديموقاطي الكردي، الذي أوصى مؤخرًا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ناخبية بالحيلولة دون نجاحه في الانتخابات البرلمانية المقبلة، -بحسب مقطع فيديو مسرب-، كما أن ترشيح الحزب لرئيسه السابق صلاح الدين دمدميرطاش المسجون حاليًا لمنافسة أردوغان في الانتخابات الرئاسية، يجعل الحزب الكردي حاضرًا بقوة في ماراثون الانتخابات.
وجاء في التقرير: قد تتوقف نتيجة الانتخابات التركية التي تجري يوم الأحد المقبل على السطوة التي يتمتع بها مرشح رئاسي مسجون على الناخبين في جنوب شرق تركيا الذين يبعدون عن زنزانته أكثر من 1200 كيلومتر.
فقد دخل صلاح الدين دميرطاش السجن في 2016 وهو يحاكم الآن عن اتهامات ذات صلة بالإرهاب غير أنه يمثل القوة الدافعة وراء سعي حزب الشعوب الديمقراطي المساند للأكراد للفوز بنسبة عشرة في المئة من الأصوات اللازمة لدخوله البرلمان.
ورغم عدم وجود دور رسمي له في قيادة الحزب من السجن، إلا أنّه ليست هناك أي عوائق قانونية تمنعه من الترشح للرئاسة.
وقالت بروين بولدان الرئيسة المشاركة لحزب الشعوب الديمقراطي في لقاء جماهيري رفع فيه الحاضرون أعلام الحزب بألوانها الأخضر والأبيض والأرجواني في مدينة سلوان بجنوب شرق البلاد “يعتقدون أنهم قطعوا اتصاله بالعالم الخارجي لكنهم يعجزون عن رؤية آلاف الدميرطاشيين هنا”.
وكانت المرة الأولى التي يظهر فيها دميرطاش على شاشات التلفزيون منذ 20 شهرا مساء يوم أحد لتوجيه كلمة مدتها عشر دقائق للناخبين مخصصة لكل المرشحين على تلفزيون الدولة. وهلل الآلاف وهم يشاهدون خطابه على شاشات عملاقة في تجمع جماهيري حاشد في إسطنبول.
ويصف الرئيس رجب طيب أردوغان دميرطاش بأنه “الإرهابي الموجود في إردين” ويعتبر حزبه امتدادا لحزب العمال الكردستاني. وينفي دميرطاش وحزب الشعوب الديمقراطي وجود أي صلة تربطهما بحزب العمال.
وقال أردوغان في لقاء شعبي في دياربكر أكبر مدن الجنوب الشرقي “حاولوا الوقوف بيننا والجماعة الإرهابية بتأليبكم كل على الآخر في الشوارع بالتهديدات والنهب والابتزاز”.
وأشارت عدة استطلاعات رأي في الفترة الأخيرة إلى أن حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي ينتمي له أردوغان قد يخسر أغلبيته البرلمانية في 24 يونيو الأمر الذي سيكبل قدرته على ممارسة سلطات الرئاسة التنفيذية الجديدة.
وتقدر استطلاعات الرأي نسبة التأييد لحزب الشعوب الديمقراطي في المتوسط بنحو عشرة في المئة على مستوى البلاد.
وإذا فشل حزب الشعوب الديمقراطي في الحصول على هذه النسبة فسيحصل حزب العدالة والتنمية ثاني أكثر الأحزاب شعبية في المنطقة على عشرات المقاعد الأمر الذي سيضمن له تقريبا الأغلبية البرلمانية.
كذلك فإن ناخبي حزب الشعوب قد تكون لهم كلمة في تحديد ما إذا كان أردوغان سيفوز في انتخابات الرئاسة التي تتطلب الفوز بأغلبية بسيطة وتشير استطلاعات الرأي إلى أنها قد لا تحسم من الجولة الأولى.
القضية الكردية
وقد سقط أكثر من 40 ألف قتيل في الصراع مع حزب العمال الكردستاني الذي تعتبره تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية. وبعد انهيار عملية سلام استمرت عامين ونصف العام في 2015 شهد جنوب شرق البلاد بعضا من أكثر الاشتباكات ضراوة منذ بدأت حركة التمرد الكردي في العام 1984.
ويقول أردوغان إن الرد الحكومي الصارم جعل المنطقة تشهد أهدأ فتراتها منذ 40 عاما. وقال في دياربكر إن حزب العدالة والتنمية حل المشكلة الكردية مستشهدا في ذلك بإصلاحات في مجالات الحقوق الثقافية والتعليم واللغة.
وتقابل مثل هذه التصريحات بالرفض الشديد في سلوان الواقعة على مسافة 80 كيلومترا إلى الشرق في منطقة زراعية والتي فاز فيها حزب الشعوب الديمقراطي بنسبة 88 و89 في المئة في الانتخابات التي جرت مرتين عام 2015.
وهذه المرة تجري الانتخابات في ظل حالة الطوارئ التي فرضت في جميع أنحاء تركيا في أعقاب محاولة انقلاب عام 2016 الأمر الذي يمنح الحكومة سلطات واسعة لفرض إجراءات أمنية مشددة.
وقال المزارع إمري بينين (36 عاما) “أنظر إلى الضغوط التي تجري هذه الانتخابات في ظلها”، مشيرا إلى تفتيش رجال الشرطة للمشاركين في لقاء جماهيري يعقده حزب الشعوب وانتشار الشرطة المسلحة لمراقبة الجماهير من مبنى يشرف على الساحة.
وقد تأثرت قدرات حزب الشعوب على الدعاية بسبب حملة تضييق أدت إلى فقدان 11 من نواب الحزب مقاعدهم البرلمانية وسجن عدد مماثل بسبب اتهامات تتعلق بالإرهاب.
وانتزعت الدولة السيطرة على عشرات من المجالس البلدية من حزب تربطه صلات بحزب الشعوب الديمقراطي وألقت القبض على رؤساء البلدية والآلاف من أعضاء الحزب.
وتزامنت حملة التضييق مع حركة تطهير على مستوى البلاد شملت عشرات الآلاف بسبب صلاتهم برجل دين مسلم متهم بتدبير الانقلاب الفاشل في 2016.
وتم تغيير أماكن مراكز التصويت في بعض مناطق الجنوب الشرقي، ويقول المسؤولون إن الهدف من وراء ذلك هو منع حزب العمال الكردستاني من ممارسة تخويف الناخبين، لكن حزب الشعوب الديمقراطي يقول إن الهدف هو تقييد التصويت له.
ويقول أنصار حزب الشعوب إن هذه الإجراءات زادت من التعاطف مع قضيته. وقالت باشاك زوجة دميرطاش إن سجن زوجها، الذي يمكن أن يصدر عليه حكم بالسجن 142 عاما، عزز مكانته.
وحظي مقطع فيديو ظهرت فيه باشاك وهي تتحدث بالهاتف مع زوجها وحولها أفراد أسرتها بنحو 1.35 مليون مشاهدة على حسابه على تويتر.
وقالت لتلفزيون رويترز قبل واحدة من زياراتها الأسبوعية له في السجن “وجود صلاح الدين في الداخل لم يقلل من حب الناس له. بل على العكس زادهم حبا له”.
إلا أن الوصول إلى البرلمان كما حدث في 2015 يتطلب كسب حزب الشعوب الديمقراطي لأصوات الناخبين اليساريين والليبراليين في غرب تركيا بالإضافة إلى أصوات قاعدة التأييد الأساسية بين أكراد الجنوب الشرقي. ويمثل الأكراد حوالي 20 في المئة من سكان تركيا البالغ عددهم 81 مليون نسمة.