إسطنبول (زمان التركية) – يتسائل الرأي العام التركي والدولي عما قدمته تركيا إلى الولايات المتحدة مقابل السماح لها بالمشاركة في خارطة طريق حول مدينة منبج شمال سوريا، تتضمن تنظيم دوريات أمنية مشتركة في منبج بحسب ما أعلن وزير الدفاع التركي نور الدين جانكيلي.
ومن جانبها تناولت كاتبة صحيفة “سوزجو” زينب جورجانلي هذا الموضوع في مقالها على النحو التالي:
في الوقت الذي نتوجه فيه صوب انتخابات الرابع والعشرين من يونيو/ حزيران نعايش تجربة فريدة لم تصادف منذ فترة طويلة. يواجه حزب العدالة والتنمية ولأول مرة خطر فقدان السلطة كليا أو بشكل جزئي، فهناك احتمالية كبيرة من فوز “تحالف الأمة” والكتلة المعارضة التي شكلها حزب الشعوب الديمقراطي الكردي بغالبية البرلمان.
ويضيق مرشح حزب الشعب الجمهوري للرئاسة محرم إينجه الخناق على مرشح حزب العدالة والتنمية رجب طيب أردوغان وهو ما ينعكس على فعاليات وخطابات أردوغان. وفي ظل هذه الأجواء فإن حزب العدالة والتنمية يعمل على استخدام كل ما يملك لحماية السلطة .
فيما يتعلق بالاقتصاد لا يمتلك حزب العدالة والتنمية الكثير من الآليات التي تمكنه من استخدمها، بل على العكس يختارون تجاهل الأزمة الاقتصادية التي تكشفت دلالاتها الأولى. ولهذا يفضل أردوغان إلقاء خطاباته دون التطرق إلى الاقتصاد.
ولم يتبقّ في يد العدالة والتنمية سوى السياسات الأمنية والسياسة الخارجية، فهم يتكئون عليهما بقواهم القصوى لكن هذا الأمر لن يحقق فائدة تذكر.
اتفاقية منبج مع الولايات المتحدة
العدالة والتنمية يسعى لفعل الشيء نفسه الذي فعله عقب انتخابات السابع من يونيو/ حزيران التي أفقدته غالبية البرلمان والزج بنقاشات الحملة الانتخابية إلى السياسات الأمنية، ولهذا فإن الجلوس على مائدة المفاوضات مع الولايات يخدم رؤية العدالة والتنمية.
والعدالة والتنمية يعمل على إظهار مغادرة وحدات حماية الشعب الكردية لمنطقة منبج على أنها انتصار، غير أن الغرض الفعلي من الأمر ليس هذا.
الجانب المفيد لتركيا في اتفاقية منبج هو انسحاب قوات حماية الشعب الكردية من المنطقة، أما الجانب المفيد للولايات المتحدة هو حصر التصدي التركي لقوات حماية الشعب الكردية في منبج وإزالة كوباني (عين العرب) من على طاولة المفاوضات خلال الوقت الراهن على الأقل. أي أن تركيا تعترف بسيادة قوات حماية الشعب الكردية في كوباني نوعا ما.
تمركز الجنود الأمريكان في سنجار
تمركز القوات الأمريكية في سنجار كشف الستار عن جزء الاتفاق المتعلق بمنبج، لكن التطورات على الساحة تفيد بوجود جانب آخر لم يتم الكشف عنه. وفي الوقت الذي توجه فيه وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إلى الولايات المتحدة لتأكيد اتفاقية منبج تمركز الجنود الأمريكان في سنجار العراقية التي يسيطر عليها تنظيم العمال الكردستاني.
وتطغى مطالبات “رفع العلم التركي على جبل قنديل” على الخطابات الانتخابية لحزب العدالة والتنمية في تركيا، فعدم تجاوز العراق العملية الانتخابية بعد، وعدم تشكل حكومة جديدة بجانب النزاعات بين أكراد العراق وبرزاني وجماعات طالبان يمنح الحكومة التركية إمكانية شن عملية عسكرية في منطقة جبال قنديل قبيل الانتخابات.
لكن جبال قنديل بعيدة عن الحدود التركية لهذا فإن الظرف السياسي والإمكانات اللوجستية لن تمكنها من الحفاظ على قنديل التي سيرفع عليها العلم التركي لفترة ما مثلما فعلت في الباب وعفرين في سوريا.
مناورة أمريكية لأزمة إيران
يجب ألا يُغفل أن القاعدة الأساسية للعلاقات الدولية أنها تقوم على المصلحة المطلقة، أي أنه لا بد أن الولايات المتحدة تسعى لمصلحة ما بتقديمها أداة ترويجية للعدالة والتنمية قبيل الانتخابات.
ولمح مساعد وزير الخارجية الأمريكي ويس ميتشيل إلى ماهية تلك المصلحة، حيث أفاد ميتشيل خلال مؤتمر شارك فيه الأسبوع الماضي أن تركيا البلد الوحيد القادر على موازنة الثقل الإيراني في المنطقة على المدى الطويل ليكشف بهذا عن ثمن اتفاقية منبج وإمكانية التصوير في قنديل.
والولايات المتحدة تمكنت من استخدام وحدات حماية الشعب الكردية ضد داعش، لكن عندما يتعلق الأمر بدولة كبيرة وعريقة مثل إيران فإن أجنحة التنظيمات الإرهابية هذه والدول العربية التي تبيع لها واشنطن الأسلحة الصاروخية تفتقر لجيش صادق لمعادلة القوى.
وفي هذه المرحلة يعتمد الأمر على تركيا التي تمتلك ثاني أكبر جيش في حلف الناتو. العدالة والتنمية يلعب لعبة خطيرة للحفاظ على الحكم.
وفي تعليق منه على اتفاقية منبج أفاد خبير المخابرات الأمريكية (CIA) الصادر بحقه قرار اعتقال في تركيا هنري باركي أن منبج مهمة جدا لأردوغان من أجل الانتخابات، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة قدمت لأردوغان هدية باتفاقية منبج.
وأوضح باركي أن أردوغان رغب في شيء ونال مبتغاه في النهاية.
لقراءة الخبر باللغة التركية اضغط على الرابط التالي: